الفصل السادس والعشرون (ما قبل الأخير)

10.2K 489 42
                                    

أكثر ما تستحقه الآن هو إعادة الترميم
ترميم الروح و الجسد و القلب
أنك تستحق بعد تلك المُعاناة…

لم يأخذ الأمر من سالم ثوان ليستوعب ما قاله فؤاد الآن، ليُشير إلى أرغد دون النظر إليه بل كُل تركيزه مُنصب على الجالس أمامه ثم هسهس بـ نبرةٍ تحمل الموت

-كُنت هقتل إبني! اللي قاعد هناك دا!!...

أومأ فؤاد بـ برود و لكن سالم لم يسمح له بـ إكمال إيماءته، إذ قبض على عُنقهِ بـ يديهِ الإثنتين يخنقه بـ حقد تراكم مُنذ سنوات و حقد تكون للتو، كُلما تجلت الفكرة أنه كاد يقتل أرغد كُلما زاد جنونه و ضغطه على عُنف فؤاد الذي يشهق بـ صعوبة يُحاول ضربه ليبتعد عنه إلا أنه كما لو كان كـ العلقة

و على الجانب الآخر كان يجلس كُلًا من أرغد و جاسر بـ هدوء دون أن ينفعلا أو يجفلا، بل كانا يُتابعان ما يحدث بـ برود غريب

حك جاسر جبهته بـ إنهاك، الدراما التي تحدث تُسبب له الصُداع ثم نظر إلى أرغد ذي الملامح الرُخامية، تمثال مُتحجر لا يحمل أي تعابير تدل على أنه من البشر و للحق لا يلومه أبدًا، إلا أنه هتف

-مش هتقوم تسلك!...

تراجع أرغد في مقعدهِ و عقد ذراعيه أمام صدرهِ ثم هتف بـ صوتٍ بارد يحمل جفاء يُثير الرجفة

-تؤ سيبهم يخلصوا على بعض…

زم جاسر شفتيه بـ عدم رضا ثم أخرج زفرةً حارة و نهض مُتوجهًا إلى حيث سالم الذي قبض على ذراعيهِ بـ قوة لا تتناسب مع تقدم سنه ثم هدر بـ صوتٍ تردد صداه مُجبرًا الجميع على الإنصياع

-كفاية، نتكلم و بعدين إقتله براحتك…

شهق فؤاد ساعلًا بـ قوة حتى أنه سقط أرضًا حينما إبتعدت يدي سالم عنه و أحاط عُنقه تكاد العبرات تطفر من عينيهِ لشدة الإختناق الذي شعر به، و لكنه لم يكد يأخذ أنفاسه حتى عاجله سالم بـ ركلة أسقطته على ظهرهِ

و أصبح فؤاد دون حرسه و قوته المالية بلا حول أو قوة

جذبه جاسر بعيدًا عن فؤاد فـ هو حقًا مُثير للغضب و توجه به إلى أرغد الجالس يُراقب دون أن يُكلف نفسه عناء التدخل ثم هتف بـ جدية و صوتٍ قوي

-إقعد إتكلم مع إبنك و وفر طاقة القتل دي لبعدين…

كانت ملامح سالم لا تزال قاتمة و يبدو عليها نية القتل العازمة على التخلص من فؤاد و لكنه أجبر نفسه على النسيان و التركيز على ما هو أهم، إبنه الذي لم يعلم عن وجودهِ شيئًا إلا الآن، أهو عقابًا من الله أن يُصبح إبنه مُجرد أداة الإنتقام؟ أم هو السبب في ما آل إليه حال أرغد؟ و في كِلا الحالتين هو خاسر و خسارته فادحة

لأول مرة بـ حياتهِ يرتبك سالم هكذا و لا يجد ما يقوله، يشعر و كأنه يجلس فوق أشواك تتفادى الإصابة الجسدية و لكنها تُصيب روحه قبل قلبه مُباشرةً فـ تُدميه، قد تنهار قناعاته و ما وصل إليه و لكن أرغد يجلس أمامه يُريد العودة إلى الماضي ليُصحح ما إقترفه و يندم لأنه جَبِنَ في شبابهِ

في غياهب الفرعون Where stories live. Discover now