كاتب || يهوى المرتفعات

8 3 2
                                    


لسبب ما منذ صغري وفي داخلي انجذاب غريزي للأماكن العالية، وذلك دفعني لمحاولة تسلق كل شيء وكنت أتلقى التوبيخات دائما، أذكر جيدا المرة الوحيدة التي غضبت فيها جدتي حد التوقف عن التحدث معي، وذلك لأنها حضرت مشهدا لم يكن يجب أن تراه، حيث تسلقتُ وابن خالتي شجرة الخوخ الكبيرة خاصتها لأبعد ما أمكننا، وبقية الأطفال تسمروا ينظرون إلينا من الأسفل.

الأماكن المرتفعة تمنحني شعورا بالنشوة، وشعور النشوة ذاك يتمثل لي وكأنه الحرية، هبوب الرياح على وجهي، الحجم الصغير الذي يبدو عليه كل شيء، وأخيرا تخيل طعم سقوط حر من ذلك الارتفاع، يذكّرني هذا بأفلام سبايدرمان، مجرد النظر إلى سقوطه ثم أرجحته يبعث راحة ممزوجة بحماس رهيب، مثل شعور طفل يتأرجح بكل قوته ثم يقفز حين يصل لأعلى ما يمكنه.

لازالت الأماكن العالية تستهويني حتى الآن، ولازلت أرغب بتسلق كل شجرة أقابلها في الطريق، ولازلت حين أستقل المواصلات العامة لمدة طويلة أقضي الوقت بتأمل أسطح المباني متخيلا نينجا يجري بسرعة المركبة قافزا فوق الأبنية وأعمدة الإنارة، متعلقا بأسلاك الكهرباء وطائرا فوق اللوحات الإعلانية، وأحسده على الحرية التي يتنعم بها بينما أنا عالق في خردة حديدية منتظرا وصولي إلى مكعب اسمنتي.

كاتب مشوشWhere stories live. Discover now