كاتب || في المقبرة

20 5 0
                                    

كان صبيا في حوالي العاشرة من عمره، ذهب به والده لزيارة المقبرة لأول مرة، وكانت تلك أيضا هي مرته الأولى لزيارة جدته التي توفيت منذ بضع سنوات، كونه طفلا وقتها لم يكن العامل الوحيد لعدم إدراكه الموقف فحياة أسرته في الغربة وبعده عنها جنبه الشعور بالحزن لموتها، هو لم يبكِ وقت فجع خبر غيبوبتها الأسرة وطار والده إلى البلاد علّه يقتنص شيئا من دقائق وعيها، ولكن ذلك انتهى بلا فائدة.

لمحتُه من بعيد في المقبرة قبيل مساء يوم بارد عصفت فيه الرياح كثيرا وصاحبها صوت انفجارات بعيدة، قرفص بجانب والده عند القبر وأظن أن الأخير قام بتلقينه بعض الأدعية، ظلّا جالسين لدقائق طويلة حتى انتصب والده وبدأ يسير بين القبور، وقف الصبي بسرعة وكان منشرح الوجه، همّ بالمغادرة حذو أبيه  ثم ما لبث أن استدرك والتفت لقبر جدته سريعا، لوّح بكفه مودعا ثم جرى ليلحق بوالده.
لا أعلم حينها لمَ ابتسمت ثم شعرت بشعور قارص، وددت لو يتوقف عن الجري ويعود ليمر على كل قبر ليفعل ذلك مجددا.

كاتب مشوشحيث تعيش القصص. اكتشف الآن