طالب غريب || غرماء خفيون

29 3 11
                                    

خلال سنتي الأولى في الجامعة شاركت في مسابقة لكتابة القصة القصيرة، وبالمناسبة تخصصي ليس أدبيا، كان لدي وقتها مساق في اللغة العربية ضمن مواد خارج القسم الإجبارية، عرضت قصتي على أستاذ المساق ولم أعلم إلى أي درجة أُعجب بها حتى أبلغني بعض رفاقي من أقسام مختلفة بأنه كان يتحدث عنها في محاضراته.

 لا أدري حتى الآن كيف عرفوا بأنني المعني من حديثه إذ أنه كان يعطي عشرات الشعب وفي مختلف الكليات، وبالتفكير بالأمر فمثل هذا قد حدث مرات عديدة ولا أعرف كيف يميز رفاقي بأنني المعني دائما، على أي حال كانت تلك قصة قديمة قمت بإعادة كتابتها وتدقيقها جيدا، ردة فعل الأستاذ الذي قرأها كانت مشجعة وعلمت بأن لدي فرصة كبيرة في الفوز، في الواقع كنت متأكدا من ذلك وأعلم متى يصدق حدسي في هذه الأمور.

 يوم إعلان النتائج كنت مدعوا للحديث عن المشاركة التي قدمتها، تلك الدعوة وحدها أكدت لي بأنني أحد الفائزين بالطبع، أذكر أنني جلست في آخر مقاعد القاعة، كنت مع العديد من الرفاق فقد جررت أكثرهم للمشاركة في محور آخر من محاور المسابقة الذي تطلب مشاركة جماعية، بدأ إعلان النتائج، وشعرت ببعض الترقب لأعرف في أي مركز فازت القصة.

 بدأ إعلان النتائج كما العادة من المركز الأخير وتباعا حتى المركز الثالث، لا أذكر أكان هناك عشرة أم خمسة فائزين على مستوى الجامعة، أُعلن الفائز الثالث ولم أكن أنا هو، ابتسمت وترقبت إعلان الأول، ظهر صوت المعلن: «الفائز الثاني هو..»  ونطق صوت مقدم الحفل، وكان ذلك هو اسمي، وهتف أصدقائي ووكزني بعضهم وبادلتهم بابتسامة وعقلي منشغل بسؤال واحد، من هو الأول؟ صعدت إلى المنصة ثم عدت إلى مقعدي وفي داخلي فضول رهيب حول صاحب المركز الأول الذي لم يُعلن اسمه.

انقضى الحفل وأسرعت أستفهم عن صاحب المركز الأول في مسابقة القصة القصيرة، وعدت بعدها إلى الرفاق «إذا من كان الأول؟» بنشوة انتصار أجبت: «لا أحد» «لا أحد؟!» «نعم لا أحد!».

بغض النظر عن التساؤلات الجديدة التي ولدتها تلك الإجابة إلا أنني شعرت بالرضا، وتمكنت من الشعور بنشوة الفوز التي ما كانت كاملة تماما ولكنها جيدة، وكسبت تحديين؛ الأول كان مع الحدس، والثاني كان مع طلاب كليات اللغة العربية وأقسامها مجتمعين.

استمرت حربي الخفية معهم والتي لم أدرك بأنها كانت قائمة حتى عرفت بالصدفة من أحدهم بعد ذلك بسنوات، ففي كل عام لمرة أو مرتين أي كلما شاركت في مسابقة أدبية، يستمر اسمي بالظهور أمامهم وهو الوحيد الذي ينتمي لكلية مغايرة.

لأكون صادقا فقد تمكنوا مني مرة، مرة واحدة وهي التي جعلتني أعرف شعور مراقبة غريم لا تعرفه ولا تلتقي إلا باسمه وفقط مرة في السنة، وذلك كان من حسن حظهم الكبير إذ ماطلت تقديم مشاركة خلال سنتي الثالثة بسبب انشغالي بمشاريع التخصص، إلى أن حان الموعد النهائي فكتبت هراء صغيرا وسلمته بعجالة، وحصلت بسببه على المركز الثالث، ليس الثالث فحسب بل الثالث بشكل مكرر، ولأول مرة خلال تاريخي في الجامعة تمكنت كلية الآداب من الحصول على المركز الأول في مسابقة للكتابة!

كاتب مشوشWhere stories live. Discover now