الفصل السادس عشر

1.1K 38 4
                                    

تقف أسما في تلك الشرفة الواسعة نوعًا ما...لاحقًا وجدت ان تلك الشرفة هي المكان الوحيد الذي تنسى به كل شئ سئ..لقد أصبح ملجأها...فتلك المساحه الخضراء التي تطل عليها الشرفة تصبح خيالية ليلًا وهي مضائه فقط بنور القمر الذي شاهدته كبير..كبير للغاية...تجزم انها لم تراه بهذا الحجم في موطنها...
نسمات الهواء الباردة تضرب وجهها برقة ناعمه...ظلت تتأمل القمر الذي يضئ ما حولها وما هو الا الجهه الخلفية للحديقة..نظرت لأسفل لتجد ان المسافة نوعًا ما ليست ببعيدة والأشجار محاطة المنزل جال نظرها ووقع ع ركن مظلم وفقط ضوء خافت آتي من ممر خلفي تقريبا لكن لا تستطيع ان تعرف من اين هذا الضوء..خُيل لها انه الباب الخلفي للمنزل و هنا أضاء عقلها بفكرة ما!!
نظرت لهذا الفراش الضخم ثم ابتسمت بخبث..وفي عُجله جردته من هذا المفرش الطويل والضخم ..واتجهت مرة اخرى للشرفة وبدأت في ربط طرف المفرش ع سور الشرفه..ثم بدأت تعقده عده عقد لتتأكد انه سيتحملها...
اخذت نفس عميق لتهدأ وبدأت تشجع نفسها...اخرجت قدمها اليمنى والرعب متملك من قلبها لكنها تجاهلته واخرجت القدم الأخرى لتكون واقفة ع السور من الخارج..بدأت تنزل شئ بشئ والتوتر يزداد داخلها كلما نظرت لأسفل
..ظلت تستمر بالهبوط في هدوء شديد لفترة ...إلى ان سمعت صوت اقدام تجول في العشب..تملك الرعب أوصالها..فبدأت تسرع شيئًا فشيئًا وصوت هذه الاقدام تقترب اكثر..اختل أعصابها فجأة ففلتت يدها من المفرش ...
ولأن المسافه التي كانت متبقية كانت ليست بقريبة..
فمع اصدام جسدها الهش ع الارض المعشبة..أطلقت صوتًا مؤلمًا أشبه بصرخة..كل ما تتذكره أن هناك من أسرع في خطواته ليرى من أين هذا الصوت رأت ظل رجل طويل لم تتمكن من رؤية ملامحه بسبب تلك الصدمة وهذا الظلام الدامس...لتغمض عيناها مغشيًا عليها..
...
يجلس بهدوء يتحدث في هاتفه قائلًا ببرود:" أحسنت صنعًا يا غيث..هكذا سيكون الضغط ع آسر مضاعفًا ..أسمع أريد منك..." ليقطع حديثه دخول حارسه وأسما محموله بين يديه مغشيًا عليها...ذعر صُهيت عندما رأى أسما هكذا..ليرمي الهاتف من يده دون حتى ان يغلقه وأخذ أسما منه وهو يتحدث بقلق وانفعال:" اللعنه..ماذا بها؟؟..من أين أتيت بها؟"
رد عليه الحارس بإحترام:" كانت تحاول النزول من الشرفة لكنها سقطت عندما و انا ذاهب لأحضر الدراجه النارية الخاصة بك"
لعنها كثيراً في داخله ثم صرخ بغضب وهو ذاهب بها لغرفته :"أحضر الطبيب حاااالا"
...
آسر و شفق
"لقد سئمت" هذا ما نطقت به شفق لآسر الذي يقف أمامها بكل هيبته وقوته فعلى الرغم من ذلك فهو يشعر وكأنه كآسر صغيرها الذي يقف بجانبها وممسك بطرف ملابسها وكأنها ستضيع منه إن لم يفعل...أنه كالطفل أمامها وهي أمه التي لم يتركها أبدًا مهما حدث وإن حدث وتركها ..يضيع..يصبح ضائع بدونها...
أكملت شفق بكل قوة ع عكس انهيارها الداخلي:"سأذهب انا و بيلو وسأبحث عن أخوتي بنفسي...لن أحتاجك من الآن" وعقلها يصرخ بقوة:"انا أريدك..لا تتركني مجددًا ارجوك"
شبح ابتسامة ظهرت ع ثغره ثم نادى ع الخادمة  "ابتسام" لتأخذ الطفل...اخذته وصعدت به..
في تلك اللحظة اقترب منها آسر خطوات ثابتة لتصبح امامه مباشراً..رفعت رأسها له لفرق الطول بينهما..في تلك اللحظة لم تنكر ان هناك شئ بداخلها ارتجف قليلًا..ليمسك هو ذراعها فاجئاً و بقوة لدرجة انها شعرت بأصابعه تخترق ذراعها الهش..ونطق بنبرة سوداء:"لِما لا تستوعبي هذا..لن أتركك مرة أخرى..لِما أنتِ مُصره ع ذبحي..لقد فعلتيها مرة..لن اسمح لكِ بتكرارها..لو كنتِ اتبعتيني في الماضي وهربنا ما كان حدث كل هذا..كل ما حدث كان بسببك...أباكِ هو من قام بخياتنا " ثم اشتد اكثر في قبضته لها واكمل:"صدقِ أم لا..أباكِ هو الخائن...وإن مازالت بعيناكِ انا القاتل والخائن..فلا يهم..ولا يفرق لي شيئًا..فشئتِ ام أبيتِ..أنتِ لي.. ومكانك بجواري"
نظرت له ببرود قائله:" هذا الكلام ليس بوقته الآن..نحن في ورطه الآن..اريد ان اعلم أين هم فقط هذا ما اريده" مع اخر جملتها تحولت نظرتها لنظرة رجاء...ثم اكملت بنبره كنظرتها:" فهل ستساعدني أم اذهب انا وابني نبحث عنهم!"
سكت قليلًا ليقول مستنكرًا:"وكيف ستبحثين عنهم!!" اغمض عينيه بعدم فائدة وأكمل:"حسنًا..الليلة سأخبرك عن مكانهم لكن بشرط"
ردت بلهفه:"لا تقلق سأفعل ما تريده"
رد مبتسمًا قائلًا:"حسنًا...لا اريد اي تصرف متسرع منك عندما تعلمين ..سنفكر سويًا لنرى ماذا سنفعل"
ووافقت دون تردد..واردفت:"حسنًا لا تقلق لكن ارجوك الليله اريد ان اعرف اين هم"
....
...
..
.
ظافر وأيسل
في ذلك الوقت كانت أيسل نائمة ع الأريكة لقد غلبها النوم وهي تفكر بما حدث كانت في صدمة وعدم استيعاب بما حدث...دلف ظافر المنزل ليرى ملاكه نائم بوداعه ع الاريكة..للحظه شعر بندم لما فعله للتو..
هل تسرع!!
لا ما فعله اليوم كان يجب ان يفعله من سنوات مضت..بالعكس لقد تأخر كثيرًا..
انحنى ليحملها ثم اتجه للغرفه الوحيدة في هذا المنزل..كانت غارقه في النوم
لم تشعر به أبدا وهو يحملها...وضعها برفق ع الفراش الحريري الواسع..
ليطبع قبله رقيقه ع خدها الناعم..تلملمت قليلًا ثم فتحت عيناها برفق ..كان هو قريب من وجهها للغايه وانفاسهما متضاربه..ابتعدت واستقامت برفق لتراه ينظر لها بوجه عابس..لتردف بجمود قبل ان يقول شئ:"ما حدث اليوم سأتنساه وسأعتبره لم يحدث لكني اريد الرجوع لشفق وآسر"
استقام وجلس أمامها ع الفراش ليرد ببرود:" لن يحدث"
تعجبت من رده لتسأله متعجبه:" لن يحدث ماذا بالظبط!!"
اردف بنفس نبرته البارده:"كلاهما...لا تتناسي ما حدث ولم نرجع لآسر..لان هذا لم يغير شئ"
غضبت من رد فعله و بساطته وهو يثبت ان ما حدث هو يقصده
لترد عليه بعصبيه:"لاا ..انا لست موافقه ع هذا العبث..ثم من الصباح ستجد لنا مكان آخر..فبعد ما فعلته اليوم ..لن يحدث ونبيت في مكان واحد"
أبتسم بغضب وأردف:"وانا من أقرر..وأنا قررت أننا سنبقى هنا وسنبيت في نفس الغرفة" ثم اكمل بنبره ماكرة:"و ربما نفس الفراش"
استقامت بغضب وهي تصرخ به قائله:"من تظن نفسك لتقرر..كف عن هذا الهراء..واخرج اريد ان انام قبل ان نذهب فالصباح"انهت جملتها وتتبت عليها بعناد
استقام هو أيضًا وقبض ع ذراعها وهو يقربها منه اكثر واردف بحثيث الافعى:" لا تستفزيني..ما قلته هو ما سيحدث " نفضت ذراعها من يده و ردت بعناد اكبر:"لن يحدث".
ليبتسم بغضب ويتجه لباب الغرفه تحت انظارها المتعصبه ويغلقه بالمفتاح ويضعه بجيبه قائلاً باستفزاز:" اريني مع عندك"
زفرت بغيظ وجلست ع الفراش مكتفه ذراعيها
...
..
.
شفق وآسر
قامت بحدف تلك التحفة الزجاجية عليه لكنه افلت منها بأعجوبه لتتناثر ع الارض لشظايا ...وأخذت ترمي اي شئ تقابلها يدها ع الأرض و هي تصرخ بصوتها الرنان:"سأقتلكوا جميعاً..أيها العاهرين اكرهكوووواا جميعااا"
ليردف آسر وهو خلف مكتبه ليتفادى تلك القطع التي تُحدف عليه:"اهدئي ايتها المجنونة..لهذا السبب كنت ارفض ان اقول لكِ انهم خارج البلاد"
ومع نهايه جملته كانت الساعه الرملية الموضوعه ع مكتبه مرت بجانب اذنه...وهي تصرخ قائله:"كنت اعلم ان لا تأتينا المصائب الا منك انت واخوتك المعتوهين"
رد عليها قائلًا:"هذا لم يكن اتفاقنا..لقد شرطت عليكِ ان تأخدي الموضوع بصدر رحب لنفكر سويًا "
جلست ع الأرض ع الزجاج ع آبيه ان تجرح واردفت باكيه كالأطفال:"لما تفعلون معي هكذا..لما لا تفكرون بي"
اقترب منها آسر بهدوء وانحنى امامها قائلاً:"بلى لقد كنتِ تفكري الوحيد طوال تلك السنوات"
ثم اقترب اكثر ليحملها بعيدًا عن الزجاج المتناثر اما هي كانت مستسلمه فقط تبكي وتتنهد كالاطفال..
دخل بها غرفتها و وضعها ع الفراش برفق الا انها تألمت بشده وهو يبعد يده عن اسفل رجليها..ليرى يده بها دمائها لقد جرحت نفسها تلك الغبيه ..هذا ما قاله بداخله
دخل سريعاً الحمام المرفق بالغرفه ليحضر حقيبه الاسعافات الاوليه..احضرها و بدأ في تضميد جرحها ..كان رقيق معاها كثيرًا لدرجة اذابتها..انتهى من تضميد جرحها واردف و يشد خدها بعبث:" كوني حذره المره القادمة ايتها المجنونة" ثم أكمل بنبره حانيه وهو يداعب شعرها برفق:"رغم انكِ اردتي تحطيم رأسي عده مرات الا اني لا أتحمل عندما تجرحين نفسك"
افلتت منها ضحكه رقيقة وأردفت برجاء ونبره مبحوحه اثر صراخها:"اريد اخوتي يا آسر ارجوك"
رد عليها بحنان:"لا تقلقي يا عمري..سيأتون ..لا تقلقي عليهن" ثم طبع قبله رقيقة ع خدها
...
صُهيب و أسما
بعد ان طمئنه الطبيب ان لا يوجد اي كسور فقط بعض  الكدمات البسيطة..امتدت جوارها ع الفراش واخذ يربت ع شعرها الذهبي  برفق..
اخذت تفتح عيناها برفق وإرهاق ..انتفضت  واستقامت بإعياء ووهن عندما رأت صُهيب بجوارها .. استقام هو أيضا وهو بجوارها و اردفت بحنان لأول مره تشهده منه:" ماذا بكِ حبيبتي..أأنتِ بخير؟"
أومأت له وهي تناظره باستغراب.. أردف لها مبتسمًا:" لمًا هذا النظرة ؟!..ألستِ حبيبتي!"
نفت برأسها تلقائيًا..ثم حاولت القيام الا انه أوقفها قائلًا بقلق:" لاا الطبيب قال يجب ان تكوني ع الفراش للصباح لان رأيك اتصدمت بقوه ع الارض"
ثم اكمل وهو ينظر لها بألم:"لما حاولتِ ان تهربي..ألهذه الدرجة تكرهيني!"
صمتت وهي تحاول ان تنظر ع اي شئ الا عينيه
الا انه فاجئها وهو يضع رأسه ع بطنها ويضمها بذراعه ..في تلك اللحظه رفعت هي ذراعيها ولا تعلم ما عليها ان تفعله الآن
لتسمعه يقول بنبره ضعيفة ولم ترى هي تلك الدمعه التي خرجت من عينه دون اراده منه:" كنت دائمًا أحلم بذلك اليوم الذي ستكونين فيه شريكة حياتي.. أعلم انني كنت فظ معكِ هذا لأني كنت أكره هذا شعور الضعف تجاهك..رجوت آسر كثيراً كي يدعني نتزوج الا ان كل مره يرفض لأنه يعلم بنسبه كبيره لن توافقي الا ان قال بعد دراستك سيقوم بفتح الموضوع معكِ ..كنت أعد الليالي كي تنتهي من دراستك الغبيه هذه كي نتزوج
الى ان جاء هذا العاهر أحمد ..وقتها اقسمت لن يحدث ولا تكوني الا لي..أعلم اني جرحتك كثيراً" ثم اكمل وهو يشدد ع ضمها "..انا اسف..انا حقاً اسف..لكن كوني ع علم اني أحبك..أحبك للغاية..ولو اردتِ ان تبعدي عني يؤسفني ان اقول ان وقتها سأفضل الموت"
استمعت لكلامه بتأثر ليشعر هو بيدها الرقيقة تربت ع شعره برقه..

عالم ثالثWhere stories live. Discover now