الفصل الثاني عشر

2K 69 11
                                    

أحياناً يكون الحب امام أعينا طوال الوقت و ربما هو ما يمدنا بالحياة لكننا لا نعلم هذا ولا نشعر به..كالماء تماماً شفاف ولا له طعم او رائحه لكننا لا نستطيع العيش بدونه..ولا ندرك اهميته الا ان يتمكن منا العطش تماماً..حيناها اول ما نفكر به هو الماء في وجود البدائل الاخرى..
و هذا ما حدث مع أسما...عندما شعرت بكسر قلبها و خبيتها التي حطمتها..صُهيب هو اول شخص فكرت به..
نائمه في فراش ناعم ومازال فستانها الاسود عليها..فتحت أعيناها ببطئ ..للحظه ظنت ان كل ما حدث هو مجرد حلم عابر..لا ليس حلم انه كابوس..كابوس سئ حطم آمالها الوردية..
استقامت بهدوء وهي مازالت ع الفراش لتجد نفسها في غرفه غريبة..غرفه اشبه ماتكون غرفه لطفله او مراهقه مهوسه باللون الوردي الذي يغلب الغرفه هذه..فنظرت لفستانها لتدرك ان كل هذا ليس كان كابوس او حلم ..وانها ليست بالقصر من الاساس ..انتفضت بذعر وهي تحاول ان تجمع شتات نفسها..وقد تمكن منها الخوف والذعر لتتجه ناحيه باب الغرفه وتخرج منها سريعاً..لكن استوقفها ذلك الذي كانت امس الحاجه اليه الآن..واقف امامها بطلته المهيبه الواثقة..ونظرته الزجاجيه الغاضبه مصوبه إليها و كأنها كان منتظرها تخرج من الغرفه..
ظلت لحظه تنظر إليه لتتجمع الدموع داخل عيناها..وكأنها كانت علامه لتذيب الزجاج  من عينيه في لحظه وتحل محلها نظره..لم تستطع تفسيرها ولكنها استشفت منها بعض الحنان..
لتطلق لنفسها العنان و ارتمت داخل احضانه وهي تبكي بحرقه و بشده شديده جدا..
تجمد جسده حيناها وظل ثابت وهو يستشعر احتضانها له القوي وهي مازالت تشدد عليه وكأنها تريد ان تدخل داخل صدره..
لم يتوقع فعلتها هذه أبداً..
ثم سمعها تقول بين بكائها وهي تدفن نفسها داخل صدره اكثر:"أحتاجك كما لم افعل من قبل" لتكون نبرتها الباكية و المتوسلة له هي الاشارة لاستجابته لها ..ليضع يد ع رأسها والاخرى ع ظهرها يشدد بهما عليها داخل احضانه اكثر وهو مغمض العينين وقلبه ينزف ألماً ع صغيرته المتألمه هذه..
وكل ما يفكر به هو ..ما هو الشئ الذي جعل صغيرته هكذا..ما ذلك الشئ الذي جعلها لا تهتم عن ما حدث او حتى عن مكانها المجهول هذا!!..وجعلها عند رؤيته فقط ترتمي لأول مره داخل احضانه  وكأنه....وكأنه أمانها..
...
..
.
رمى تلك التحفه التي كانت ع مكتبه لتتهشم ع الارض لشظايا..
ثم اردف بغضب عاصف :"لقد تزوجها..تزوجها هذا النذل وهرب بها بعيداً" هذا ما قاله آسر لظافر القابع امامه مصدوماً من غضبه أولًا ثم مما هدر به آسر الآن..
ليرد عليه ظافر بغضب مكتوم:"اللعنه..كيف سنتصرف الآن في تلك الكارثه!!"
زفر آسر بغضب ثم قال عاجزًا:"لا اعلم..حقيقي لا اعلم"
ثم قال ظافر:"غيث مختفي حتى الآن..لكنه لا بد ان يظهر"ثم اكمل وهو يرى آسر يمسح عينيه بإرهاق:"اصعد لتنام قليلًا..فأنت لم تنم حتى الآن وقد بدأت الشمس تشرق"
أومأ له آسر فهو متعب للغايه حقاً...
تركه ظافر وخرج من مكتبه متجه لغرفته في الاعلى..
...
دخل ظافر غرفته بتعب و إرهاق..فاليوم كان مرهق للغايه للجميع..
كان سيتجه لحمامه ليستحم ثم ينام بعدها..لكن استوقف نفسه بصدمه وهو يرى ملاكه نائم ع سريره بعمق..لابد من انها كانت تنتظره الى ان غلبها النعاس ونامت..
ابتسم بحنان وهو يرى وضعها الغير مريح لكنها لم تشعر وغارقه في النوم..
اتجه نحوها بهدوء ثم انحنى ع ركبتيه امامها واخذ يملس ع شعرها بحنان..
قبلها من زاويه شفتيها برقه ..لم يبتعد عنها وظل انفاسهما مختلطه..
اخذ يوقظها وهومازال يملس ع شعرها بحنان و ينادي عليها بصوت هادي :"أيسل.....أيسل حبيبتي"
بدأت تتململ تحت يديه ليكمل هو ع نفس نبرته الهادئه الحانيه:"هيا حبيبتي استيقظي..ستؤذين رقبتك هكذا"
اخذت تفتح عيناها بنعاس..لترى ظافر يجثو امامها ويوقظها بحنانه المعهود..كانت لم تلاحظ بعد شده قربه منها..
ابتسم بحب عندما اردفت بنبرتها الناعسه:"لقد كنت انتظرك لكن غلبني النعاس"
ثم استقامت لتجلس ع السرير وهو مازال يجثي امامها...وقالت وتمسح عيناها الناعسه:"كنت اريد ان اتحدث معك قليلًا"
ابتسم بشقاوه وقام يجلس بجانبها ع السرير وهو يقول:"أمامك عشر دقائق ثم سأفعل مثلك وانام بتلك وضعيتك المضحكه"
ضحكت بخفه وهي تضربه بخفه ع كتفه..
ثم اختفت ابتسامتها لتردف بحزن:"الحقيقه كنت اريدك لأني اشعر بالذنب"
عقد ظافر حاجبيه و رد عليها بنبره يشوبها بعض القلق:"لما  حبيبتي..ماذا هناك؟"
نظرت اليه أيسل بعسلتيها المدمعه واردفت:"لأني كنت أعلم ان هناك خطب ما سيحدث..كنت اشعر ان صُهيب لن يصمت لتلك المهزله..حتى جاء غيث بالدفتر كي تمضي أسما ع عجله..هنا أيقنت مما اشعر به...لكني كنت لا اظن ان ستصل لخطف صُهيب لأسما...اشعر وكأنني نوعًا ما السبب لاني صمت"
حاوط ظافر وجهها الصغير بين كفيه وأردف بنبرته الحانيه:"لا يا روحي لم تكوني..ثم ماذا كان بيديك فعله..انتِ تعلمين صُهيب جيداً..لن يُغلب أبداً..أيضاً لا تقلقي ع أسما أبداً..فهو لن يؤذيها"
أومأت له أيسل بضعف و دموعها منهمره بهدوء ع خديها..
اخذ يمسح دموعها ظافر بحنان ثم ضمها الى صدره وكانت هي أمس الحاجه لهذا..
...
.
كانت غيداء في غرفتها تراقب شروق الشمس من شرفتها فهي لم تستطع النوم جيداً بسبب قلقها ع أختها..
ترتدي منامتها البيضاء الحريريه القصيره التي تكاد تغطي جسدها وهي واقفه في الهواء الطلق البارد الذي نهش جسدها الهش الا انها كانت لا تشعر بهذا البرد..
في تلك اللحظه فُتح باب غرفتها فجأه..ألتفتت لترى غيث يدلف غرفتها وهو يتسحب كي لا يشعر به احد من الخارج..
عقدت غيداء حاجبيها وخرجت من الشرفه وهي متجه اليه بتعجب من تصرفه واردفت:"غيث!!!... أين كنت؟؟..ولما تدخل هكذا وكأن لا تريد ان يراك أحد؟!"
تحدث غيث بصوت خفيض:"اخفضي صوتك سأفهمك" ثم حول نظره لما ترتديه ليتشنج فكه من تلك الملابس لكنه اردف بغضب ويمسك مرفقها بقوه:"هل جننتِ!! كيف تقفي في الشرفه بتلك الملابس!!"
ردت عليه غيداء بغضب مماثل:"لا يوجد احد بالخارج..ثم هل ترى ان هذا بالوقت المناسب!!..اختي مفقوده"
هدأ غيث قليلا وترك ذراعها بهدوء وهو يقول:"هذا ما جئت بسببه إليك"
نظرت اليه غيداء بلهفة و ردت عليه بنبره فرحه:"هل وجدتها؟!"
تنحنح غيث قليلا وقال:"ليس بالظبط" لتقول له غيداء بعدم صبر:"انطق..مااذا هناك؟!"
ليهدر غيث قائلاً دون مقدمات:"انها مع صُهيب"
عقدت حاجبيها بعدم فهم واردفت:"ماذا!!..كيف؟!!..وماذا تفعل معه!؟"
رد عليها غيث متهرباً:"انها قصه طويله..كل ما اريد قوله لكِ..انهم سافرا للخارج..ان كنتِ تريدي ان تريها اريدك ان تكوني متجهزه غداً في نفس هذا التوقيت...و أياكي ان تخبري اختك المجنونه هذه او آسر لانك ان فعلتي لن تستطيعي ان تريها مره أخرى " ثم خرج سريعاً قبل ان تبدي اي سؤال آخر..
"غيث..انتظر" لكنه لم يرد عليها وخرج سريعاً...
تشوشت افكار غيداء للغايه ولا تعلم ماذا يحدث!!..جلست ع فراشها عاجزه وهي تفكر فقط في حديث غيث الغامض..

عالم ثالثWhere stories live. Discover now