الفصل العاشر

2.3K 66 15
                                    

يجلسون في غرفة أيسل..واصوات تسامرهم وضحكاتهم عاليه يكاد يسمعها من بالقصر..
من لا يعرفهم  لن يصدق ان هذا لقاءهم الاول منذ خمس عشر عام...فهذه هي شخصية شفق تجعل الناس تحبها سريعاً..وليس أي ناس انهم اخواتها..اخواتها الذين حُرمت منهم لسنوات..واصبحت تعاني وحيده..
مشاعر متناقضة تداهمها نحوه..تشعر بإمتنان لحمايته لاخواتها وبنفس اللحظه تشعر بغيرة و حقد لأخذهن منها طوال تلك السنوات...لكن الشعور الذي لم يمحى بعد من داخلها نحوه..هو شعور الغدر..وهذا أسوء..
لذا لم تفكر في كثيرًا لأخذن وتذهب بهن بعيداً..لكنها فضلت ان تؤجل هذا الاقتراح قليلا..
قطع سلسله افكارها صوت غيداء وهي تقول بحماس:"لم تري غيث بعد ستحبينه كثيراً..انه لطيف ومرح للغايه عكس صُهيب تماماً"
ابتسمت شفق بحنان:"سأتعرف ع جميع من بالقصر كله لا تقلقي"
توهج بريق عينان غيداء وهي تقول بسعادة:"ستمكثين معنا هنا دائماً!!"
صمتت شفق للحظة وكل ما تفكر به ..هل ستبقى معه هنا بنفس البيت !!!...
هل ستكون داخل املاكه حتى لو لفترة!!...لا يهم..الاهم لديها هو اخواتها..لذا ستضطر الخضوع لفتره الى ان تأخذهم وتذهب بهم بعيداً للابد...فقط أومأت برأسها ببطئ بملامح جامدة...
مر اليوم بمشاعر غامره ع بنات مالك..فكل منهما لم تترك الاخرى طوال اليوم..و الصغير لم يترك آسر لفترة الى ان اخذته أمه عنوةً ..
...
..
.
أتى اليوم المنتظر..اليوم الذي سيتغير به الاقدار لكل من بالقصر..هناك جلبة!!
الخدم يسرعون هنا وهناك..لا يوجد أحد بالقصر الا بنات مالك المتجمعين حول أسما..يقومون بتجهيزها..وهي في قمه توترها..
متخصصين التجميل تأخروا كثيراً..وهذا اليوم هام جداً لديها...فهو يوم خطبتها من أحمد!!
لذا حاولوا اخواتها مساعدتها وتجهيزها الى ان يأتوا مخصصون التجميل..
وأسما تسبهم بكل ما تعرفه من ألفاظ..مما تجعل اخواتها ينفجرون ضاحكين عليها..
لتقول أسما بحنق وهي تحاول ترتيب فستانها الأسود الطويل:"حقاً..لا اعلم ما به اليوم هكذا!!..لا يوجد شئ واحد صحيح..الحفل سيبدأ بعد ثلاث ساعات وانا لم أجهز بعد!!..وفستاني لم يأتي..لأرتدي هذا القذر..حقاً هذا مثير للغايه لأكون اول عروس ترتدي الاسود يوم خطبتها!!"
ثم نظرت لفستانها اللامع كأنه قطعه من السماء والنجوم منثورة عليه..
لتشعر غيداء انها ع وشك البكاء..مما جعلها تهدر سريعاً لمواساتها:"لا تقولي هذا..انه حقاً رائع..كما ان ما حدث ليس بأيدينا..لقد ذهب غيث بنفسه ليجلب فستانها لكنهم اخبروه ان حدث خطأ منهم و اعطووه لأخرى..غيث اقام الساعه لديهم مما فعلوه لذلك جعلوه ان ينتقي افخم الفساتين مجانًا..ولم يجد غير هذا الفستان اكثر مناسبة..لأن باقي الفساتين يأما كانت محتجزة لأحد او غير ملائمة لخطبة"
ابتسمت أسما ابتسامه شبه سخريه لتقول باستنكار:"وهل لا يوجد أي مصمم ازياء غيره بالبلاد!!"
لتتدخل في تلك اللحظه أيسل مندفعه:"انه افضل مصممين الازياء..لذا لم يحبذ ان يأتي بفستانك من أي مكان هكذا"
وافقتها شفق الرأي وهي تقول:"انا ايضا ارى هذا افضل..كما ان الفستان ليس بتلك البشاعة!!..انه حقاً راائع يا فتاة"
ليطرق الباب في تلك اللحظه..فتحت شفق الباب لتجد الخادمة تقول بإحترام:"عذراً..لكن قد جاء مخصصون التجميل"
هتفت أيسل من وراءها بإستعجال:"ادخليهم سريعاً هيااا"
لم يمر لحظات ليدخلوا مخصصون التجميل مع اغراضهم.. وبعد الكثير من الاعتذار..
بدأوا عملهم...حتى مر ساعتين كاملتين ولم ينتهوا بعد..
دفع الباب غيث بقوة ليتفاجئ انهم لم ينتهوا بعد!!
غيث بتفاجئ:"لم تنتهوا بعد!!"
لتأتي غيداء سريعاً و تقف أمامه بفستانها الذهبي الضيق القصير الذي يحدد حجم جسدها الممشوق..و رجليها السمراوتين اللامعتين تنتهي بحذاء احمر ذو كعب عالي..و في لحظة تلاشى من عقله كل حرف كان أتي ليقوله..وهو يرى شعرها الحريري منساب بطريقه جذبته للغايه..وعيناها! اه من عيناها
يتمنى ان يصبح أسيراً بها للأبد!!
انها دائماً مميزة..
خجلت غيداء من طريقه نظره لها..لتقول موبخة له كي تخفي خجلها:"هل يدخل بشر بتلك الطريقة لغرفة عروس!"
كان مازال ينظر لها بإنبهار حتى قال مسحوراً:"أنتِ متميزة..دائماً انتِ كذلك"
عقد لسانها ولا تعلم ماذا تقول!!
لكن ضربات دقات قلبها تكاد تُسمع كل من بالغرفة...
وفي لحظة تبدل وجهه و اردف بغضب:"انه قصير للغايه" اردف بجملته وعينيه تقتحم لمعان رجليها المكشوفه بأكملها..
لتعقد حاجبيها وهي ترد عليه بحنق:"ليس بوقته هذا..نحن متأخرين للغايه"
وفي لحظه تذكر ما أتى له ليدلف داخل الغرفة ويقول لأسما وهي موضعه تحت أيدي خبراء التجميل:"كنت أريد ان أقول لكِ..أن آسر أُصر ان يكون عقد قران أيضاً وأحمد وافق..والآن المأذون قد أتى"
كل من بالغرفة فتح فمه بصدمة و ذهول..وخاصة شفق التي اندفعت لتقول بغضب وغيظ:"و من هو كي يقرر مصير أختي..أهو أحمق ام ماذا...اذهب و اصرف هذا الرجل..لن يحدث زواج اليوم"
وقبل ان يأتي الرد من غيث..قالت أسما:"لكني موافقة" ذُهلت شفق من ردها
ليست شفق فقط من صُدمت..غيداء ايضا صُدمت وأيسل تراقب ما يحدث بصمت مريب..
وجهت أسما حديثها لغيث قائلة:" اجعلهم ينتظروا لأنتهي"
رفع غيث كتفيه وهو يقول:"سأحاول"
ثم خرج من الغرفة..
لتندفع شفق لأسما قائلة بغضب وهي تنظر لها من المرآه:"ما هذا الهراء!!...أجننتِ!!...أنه زوااااج...زوااااج يا فتاة...لابد ان تتعرفي عليه جيداً لتري انه مناسب ام لا"
نظرت لها أسما وهي ترد عليها بهدوء:"انا أعلمه جيداً..صدقيني..كما ان هذا افضل..كي اخرج معه دون قيود او شروط"
عقدت شفق حاجبيها بعدم فهم..و تتدخل أيسل أخيراً مغيرة مجرى الحوار عن قصد قائله بحيره لشفق:"ارتدي أي حذاء..الأسود أم الذهبي!؟"
ردت عليها شفق ببرود:"الذهبي سيكون افضل ع فستانك النبيذي "
...
..
"لا أريد أي خطأ"
"لا تقلق كل شئ ع ما يرام"
"حسنًا..قم بتجهيز كل شئ الآن..وانتظر هناك الى ان انتهي"
"حسناً"
...
..
.
فتح غيث الباب بقوة..ليندفع سريعاً قائلاً بجلبة وهو معه دفتر كبير:"هيا هيا..الرجل سيذهب..لقد تأخرتوا كثيراً..وهو لديه موعد أخر منذ نصف ساعه..لذا أمضي هنا سريعاً..لأنه غضب للغايه وكان سيذهب لكننا قمنا بعقد القران وما يتبقى الا إمضائك"
اعطاها غيث القلم سريعاً لتمضي هي باستعجال تحت انظار اخواتها منهم المصدومة ومنهم الغاضبه ومنهم التي تراقب فقط بصمت..ثم انطلق هو جرياً خارج الغرفة..
لتهتف شفق غاضبة :"بحقك ماهذا!!..كيف توافقين ع تلك المهزلة!!"
قلبت أسما عيناها بملل وهي تحت أيدي المتخصصون التي لم تنتهي بعد من زينه وجهها ثم قالت:"سأنتهي ونتحدث فيما بعد"
خرجت شفق من الغرفة بخطوات غاضبة وهي تشعر بعدم الرضا بما يحدث...اتجهت لتتفقد صغيرها ..حيث انه كان مع المربيه طوال اليوم لانشغالها مع أسما..
سارت في الرواق المُزين بطوله..حقاً لا يوجد خطأ واحد..كل شئ كان مثالي للغاية..
و قبل ان تفتح باب غرفة صغيرها..كانت هناك قبضة قوية امسكت ذراعها النحيل..
شهقت بخفه لترى آسر هو من منعها من الدخول..ابتسم ابتسامته الجذابة لتسمعه يقول بأعين ماكرة:"أرى انه امر هام ليجعلك تأتين لغرفتي"
قضبت حاجبيها بعدم فهم وهي تردف بإستغراب:"غرفتك!!"
ثم أكملت بنبرة بغيظ :"انت اخر شخص اريد رؤيته الآن"
اتسعت ابتسامته باستمتاع ليرد عليها بنفس نظرته الماكرة وبنبره مستفزه اردف:"جائز..لكن ربما أتيتِ لتطفئ نيران الشوق بداخلك..كما اعدتِ بالماضي..فلا تحتاجي لرؤيتي لهذا" ثم غمز لها بعينيه..
استشاطت غيظًا لتصرخ بنبره غاضبه:"كنت ارييد طفلي ايها الاحمق..لازالت لم احفظ اماكن الغرف في ذلك القصر الغبي"
ثم رفعت سبابتها امام وجهه وقالت بوعيد:"و قريباً..قريباً جداً..سنرحل جميعاً من هذا البيت الملعون...وستمسح أسم كل واحدة اخواتي من ذاكرتك للأبد"
رفع زاويه فمه في شبه ابتسامه واخفض نظره يتأمل فستان الاحمر القصير مما زاد من جموحها..ثم اردف بنبره هادئه مرعبه:"افعليها ان اردتِ!!..وسنرى من سيكون الخاسر حيناها..سيختارون من هرب بعيداً وعاش حياه طبيعيه ام من ضحى بكل شئ والاهم حياته لأجلهم!!"
ثم لمس ذقنها بنعومه وهو يكمل ع نفس نبره يتأمل عجزها عن الرد:"فكري جيداً قبل ان تخسري كل شئ ..حبيبتي"
تعلم انه محق بكل كلمه نطقها..وهذا ما زاد غضبها..ردت عليه بعصبيه:"و هل هذا يسمح لك بتحديد مصائرهم؟!"
قضب حاجبيه وهو يقول:"من قال انني افعل!!"
زاد ثورتها وهي تردف:"حقاً!!"
..
.
في تلك اللحظة كانت أسما انتهت أخيراً...كانت وحيده بالغرفه بعد ان ذهبت غيداء وأيسل لبعض المشاغل بالخارج...
قررت ان تذهب لأحمد بالاسفل..كانت ستتصل به لكنها تذكرت ان هاتفها
قد فرغت بطاريته..
خرجت من الغرفه قررت ان تبحث عنه....وبعد ان سألت الخدم علمت انه بغرفة مكتب ظافر..
نزلت الدرج متجه اليه بكل حماس وسعادة..
كان باب المكتب مواربا ً قليلا..لكنها قبل ان تدلف داخل الغرفه سمعته يتحدث بصوت منخفض...
لم يتميز كلامه بوضوح..فاقترب اكثر لتسمع..فعلمت انه يتحدث بالهاتف..
ثم سمعته يقول:"بالتأكيد لم تعلم بزواجي من نور بعد".."لا أعلم الحقيقة..ربما تسرعت قليلًا لكني سأستفيد من آسر ع الأقل من مشروعه بالمنتجع الجديد"
جحظت عيناها بصدمه مما سمعته!!...لحظه هل هو متزوج!! لا لا..هل كان يتحدث عنها من الاساس!!!
يفكر فيما يستفااد!!!
امتلئت عيناها بدموع و وتشعر بقلبها مُحطم..لقد داس ع قلبها بدم بارد..
كل ما يدور بعقلها هو الهروب..الهروب بعيداً..واول من جاء ع بالها هو صُهيب!!
ولأول مره تشعر انها بحاجة اليه حقاً..
فجأة انقطعت الانوار كلها بالقصر..لتشعر هي بأحد ما خلفها وقبل ان تلتفت له ضربها ع رقبتها لتقع هي فوراً فاقدة الوعي..
ليحملها ويخرج بها سريعاً من القصر من الباب الخلفي ..ثم يركب سيارة سوداء ذو زجاج معتم..
ادخالها المقعد الخلفي وهو معها..
ليلتفت غيث وهو يقول بعبث:" لقد تمت المهمه بحمد الله  يا ريس"
اردف صُهيب بنبرته الغليظه:"هيا يا غيث انطلق سريعاً "
..
.
كان آسر ما زال يقف مع شفق وهم يتحدثون بحده..امسكها من يدها لتدخل لآسر الصغير في الظلام و ذهب هو ليرى ما حدث لتنفصل الكهرباء بالقصر!!

عالم ثالثWhere stories live. Discover now