حكاية 4

2.2K 82 24
                                    

"بيقولوا إن الإنسان المناسب بيجي في الوقت المناسب... الوقت اللي بتكون بدأت تيأس من الحياة وتبدأ تفقد الأمل في إن الحياة تحلو."

خرجت برا في جنينة بيتنا أو اللي بقى بيتي بس بدون نون الجمع من بعد وفاة أهلي.. بقيت زهرة باهتة ودبلانة وعايشة لوحدي في عزلتي، مليش علاقة بحد ولا حد ليه علاقة بيا وـــ

- صباح الخير يا حور العين.
ابتسمت بلطف.
- صباح الفل يا تيته بشيرة، إيه اللي مصحيكي بدري كدا؟
- في ضيف مهم جدًا جاي إنهاردة.
- واضح إنه ضيف غالي مش أي ضيف يا شوشو.
- فعلا دا حفيدي الوحيد وراجع بعد سفر خمس سنين لبلاد برا.
- طب معطلكيش انا بقى.

ابتسمتلي ورجعت جوا لبيتي، تيته بشيرة ست كبيرة في السن وعايشة لوحدها وجارتي.. الوحيدة اللي بتسأل عني.. بنسلي بعض أكمننا ملناش لا حبيب ولا قريب ولا غريب. روحت شغلت الراديو على أم كلثوم زي ما ماما كانت بتعمل وعملت قهوة سادة وفطار خفيف وقعدت أفطر كأني لسه عايشة مع ماما وبابا.. خلصت فطار وأخدت الراديو وخرجت قعدت في الجنينة بين الورد وفي إيدي كتاب أقراه.
بعد فترة قومت وغيرت هدومي لفستان أزرق غامق بسيط زي بتاع الستينات وربطت شعري بشريطة بيضا ونزلت كام خصلة على جبيني وبصيت لنفسي في المراية.
في حاجة ناقصة.. أه السلسلة.. السلسلة دي كانت هدية بابا لما اعترف لماما بحبه.. كفاية أحزان بقى يا أنا!.. روحت المكتبة المكان المحبب لقلبي.

- عم محمود ازيك يا راجل يا طيب.
- أهلاً ست حور.
- ها؟ عندك جديد؟
- ما أنتي كنتي هنا إمبارح ومكنش في جديد بتسألي ليه بقى؟
- على أمل إن يكون في جديد.
- لا مفيش جديد بس عندي كتاب من اللي يعجبوكي.
- أحبك كدا وأنت فاهمني هات الكتاب بسرعة.

والنبي الراجل دا سكرة هو ومكتبته والكتاب فعلاً حلو اندمجت في حروفه وفي لحظة حاجة خبطتني ووقعت على الأرض والكتاب وقع قدامي.

- مش تشوف قدامك يا أفندي!
خلع الخوذو ونزل من على موتوسكله.
- أنتي تمام؟
مد إيده ليا لتجاهلتها ومسكت كتابي واتحاملت على نفسي ونفضت التراب من على فستاني.
- أنا مش بكلمك يبقى تردي عليا زي الخلق.
لفتله بعصبية لأنه شكله كدا عايز يتخانق وخلاص.
- إيه الهمجية دي يا أستاذ يعني تخبطني والمفروض أجاوبك عادي.

مشيت قبل ما أسمعه ما أنا مش هقعد أخد وأدي معاه في الكلام كدا في نص الشارع. روحت قعدت على البحر شوية ومحستش بنفسي غير لما لقيت إن ضلمة الليل غطت على كل حاجة فأخدت كتابي وروحت عند تيته بشيرة أقعد معاها شوية كحال كل ليلة ورنبت الجرس.

- أنت!
- أنتي تاني!
- أنت بتعمل إيه هنا؟
قبل ما يرد كانت تيته بشيرة جات من وراه.
- مين يا جواد؟.. حور يا حبيبتي ادخلي واقفة عندك ليه؟
دخلت وأنا مذبهلة وبدعي ميكونش اللي في بالي أبدًا بس طبعًا كل حاجة بتمشي عكس ما أنا عايزة.
- مش تعرفينا يا شوشو؟
بصتله بضيق.
- دي حور العين جارتي وزي بنتي ودا جواد حفيدي اللي حكيتلك عنه يا حور.
مد إيده بإبتسامة متكلفة.
- أهلاً يا حور.
مديتله إيدي بنفس ابتسامته.
- تشرفنا يا أستاذ جواد.
دار بينا حوار خفي فهمته عيونا بس، قاطعه صوت تيته بشيرة.
- ادخلوا يلا ولا هتفضلوا واقفين كدا.

حكايات تمس القلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن