حكاية 5

1.7K 61 17
                                    


"الميزوفونيا.. عندما تثير الأصوات العادية الأعصاب."

صوت تكة القلم.. صرير الكرسي الرفيع.. مسطرة الدكتور اللي كل شوية تقع فصوتها يملى المكان.. أصوات الكيبورد خارجة من تليفون اللي جنبي وهي بتكتب.. اتنين بيوشوشوا بعض بصوت واطي وصوت حرف "السين" ظاهر.. كل دي دوشة حواليا بس دوشة بنغمة هادية وحادة مثيرة لأعصابي.. راسي هتنفجر من الصداع.. مش عارفة أركز وكل دي دوشة حواليا.. صوت صفير واطي بس حاد خرج من اللي ماسك قلمه وبيعمل بيه صوت.. بس لحد هنا وكفاية.

ـ هدووووووووء!
المدرج كله لفلي وبصولي باستغراب.
ـ أنتي يا أنسة بتزعقي كدا ليه هو مفيش أي احترام للدكتور اللي واقف دا؟
مركزتش معاه كان كل تركيزي على المستفز اللي قاعد جنبي ولسه بيلعب بقلمه والقلم مش مبطل تكات، شديت منه القلم ورميته بعصبية مفرطة.
ـ قولت هدوء، كفاية!
اتنفست بسرعة وصوت عالي وهو بصلي باستغراب أقرب للصدمة.
ـ اتفضلي اطلعي برا لما تحترمي دكتورك يبقى تعالي.
لميت حاجتي بسرعة وأنا سامعة أصوات تانية بتزيد وشوية كمان وهنفجر في وش المدرج كله.. خرجت وجريت.. في دوشة كتيرة حواليا وعايزة أهرب منها.

ـ أنتي رجعتي يا حور؟
ـ أيوة يا تيته، خدتي دواكي؟
ـ لسه.
ـ مينفعش كدا يا تيته لازم تاخدي دواكي بانتظام.
نقطة مايه نزلت من حنفية المطبخ.. نقطة تانية نزلت.. اتنفست بقوة وبصيت على الحنفية.. عمالة تنقط.. هتجنن.. روحت قفلتها بقوة وجبت فوطة وربطتها بإحكام.
ـ وليه كل دا، خلينا نتصل بالسباك يصلحها.
بصيت على مروحة السقف.. بتلف بهدوء وصوت احتكاك حاد طالع منها.
ـ لا السباك هيكسر فيها ومش هيصلحها وممكن يبوظها أكتر.
ـ والمروحة؟
ـ هفكها بنفسي وأزيتها.
حسيتها اتنهدت فخدتها من إيدها وقعدتها وإديتها الدوا ونامت وروحت أنا خدت مسكن لصداعي.

ـ لو سمحت دا مكاني.
ـ أنتي تاني.
ـ هو أنا أعرفك؟
ـ لا بس قلمي يعرفك.
عقدت حواجبي ومفهمتش قصده، بس مش مهم أنا لازم أقعد هنا.. دا المكان الوحيد اللي الخشب فيه مبيعملش صوت صرير مزعج.
ـ أنا اللي رميتي قلمه قبل كدا.
أي واحد؟ في كتير برمي أقلامهم بسبب الإزعاج بس افتكرته دا بتاع المحاضرة اللي اتطردت منها.
ـ طيب يا سيدي تشرفنا ممكن توسع بقى عشان دا مكاني؟
ـ مش مكتوب اسمك عليه والله يا عسل.
ـ إيه شغل إبتدائي دا، لو سمحت قوم أنا دايمًا بقعد هنا.
ـ مش قايم.
نفخت.
ـ طب قول أنتي عايز إيه دلوقتي؟
ـ اعتذار.
ـ طب أنا أسفة قوم بقى.
ـ مش من قلبك للأسف مينفعش.
ـ أقولك خليك ملطوع هنا وأنا هقعد هنا جتك القرف.
قعدت قدامه بعصبية والكرسي عمل صوت مزعج بطريقة متعبة لأعصابي.. أنا عارفة إني هندم وأعاني الكام دقيقة دول. طول المحاضرة حد يتحرك جنبي فالكرسي يعمل صوت.. وربنا ابتلاني بواحدة بتاكل لبان بصوت، ماسكة إزازة بلاستيك وبتلعب بيها فتعمل صوت تكسير خفيف، اللي جنبي التانية بقص ضوافرها، والحمار اللي ورايا بيعمل نفس اللي عمله قبل كدا، بيلعب بالقلم وكل شوية صوت صفير واطي يخرج منه.. الأنيل إن الدكتورة دي لابسة كعب ومحدش بيتكلم فصوته واصلني. حسيت إني قاعدة جحيم وما صدقت إن المحاضرة خلصت وخرجت بسرعة وروحت قعدت تحت شجرة في مكان هادي.

حكايات تمس القلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن