حكاية 11

1.1K 60 28
                                    

ـ جواد، أنت يابني، مبرتدش ليه؟
فراشة! كانت بكل ما تحمله الكلمة من معاني فراشة! توهت وحسيت إن الزمن وقف ومكنش في غيرنا. مركزتش مع حمزة اللي على التليفون، سلبتني تركيزي وكل حواسي بفستانها الأبيض البسيط وعليه نقوش ورد صغير، شعرها قصير يادوب لامس كتفها، لونه أسود من سواد السما اللي واقفين تحتها، بان من تحته سماعات في ودنها متوصلة بتليفونها في إيدها، وبابتسامة تحمل كل معاني الحالمية كانت دموعها بتنزل تحمل كل معاني الحزن، وبكل رقة لفت على رجل واحدة وبعدها نطت في الهوا وكأنها بترقص باليه، تشبه الفراشة في خفتها، مشهد غريب بل أغرب من الغرابة بس تسبب في دقة قلب جديدة عليا.

ـ وبعدين معاك.
انتبهت من سرحاني وبصيتله.
ـ بتقول حاجة يا حمزة؟
لمحت في عيونه عدم رضا لكن تجاهلته.
ـ فكك يابني، بقالك تلات أسابيع بتروح نفس المكان في نفس الوقت كل يوم عشان تشوف بنت متعرفش عنها حاجة ومشوفتهاش غير مرة لمدة خمس دقايق.
متكلمتش لأنه معاه حق بس هو مش هيفهم شعوري حتى لو اتكلمت، كمل كلام لما لقاني ساكت.
ـ جواد أنت لازم تنسى وتتقبل إن دا فضول وهيروح لحاله، البنت حتى مخدتش بالها منك، مش فاهم ليه مصر تشوفها تاني.
ـ مش هتفهمني، بس هي كانت عاملة زي الفراشة، فيها رقة وجمال خلوني مشيلش عيني من عليها، جمالها ورقتها ميسمحولكش غير بتأملها بس وبعدها تطير زي ما طارت.
اتنهد بيأس.
ـ طب خليني معاك للأخر، فلنفترض إنك روحت هناك ولقيتها، هتقولها إيه؟ أنا جواد وشوفتك من تلات أسابيع وأنتي ماشية ومن ساعتها مروحتيش من بالي؟
هزيت كتفي ببساطة عفرتته.
ـ وليه لا؟ مش دا اللي حصل فعلًا.
ـ والااا! متجننيش! دي احتمال تطلبلك فيها الشرطة وتقول إنك بتطاردها، مفيش حد عاقل يعمل اللي أنت بتعمله دا.
ابتسمت بهدوء وأنا بقوم.
ـ عارف يا حمزة؟ أنت معاك حق وكلامك منطقي..
ابتسم بفرحة متمتش لما كملت كلامي وأنا بجري.
ـ بس أنا بمشي ورا إحساسي.

ـ أنتي كويسة؟ أنا أسف مخدتش بالـ.. أنتي؟!
رفعت راسها ووشها كان مليان دموع، شكلها كانت بتعيط قبل ما أخبط فيها، انتبهت إنها بدأت تعيط أكتر فاتخضيت.
ـ في حاجة؟ طب بتعيطي ليه؟ أنا أسف والله مكنتش أعرف إن الوقعة هتوجعك كدا.
رفعت إيدها بتوريهالي.
ـ إيدي اتعورت.
بصيت لقيتها مليانة دم وفيها ازازة من الأرض، فاتوترت.
ـ طب ممكن تقومي معايا نقعد على البنج دا عشان أعرف أطلعها؟
قامت معايا بهدوء وقعدت على البنج وطلعت الإزازة من إيدها وطلعت منديل قماش من جيبي وحطيته على إيدها أوقف بيه النزيف.
ـ معلش دا حل مؤقت لحد ما نعالج إيدك كويس، في صيدلية قريبة، يلا نروح هناك.
مسحت دموعها بإيدها التانية.
ـ ماشي.
فضلنا ساكتين لحد ما قررت أقطع الصمت دا.
ـ إيه اللي طلع بنت زيك في الوقت المتأخر دا؟
ـ بنت زيي إزاي يعني؟
وقفِت فوقِفت وبصيتلها، عيني دارت على ملامحها بتأمل.
ـ يعني.. بنت شابة صغيرة.. جميلة زيك.. تشبه الفراشة..
حسيت إني سرحت أوي ففوقت وحاولت ألم الموضوع بمنتهى الغباء.
ـ احم.. وأنتي عاملة إيـ.. قصدي إن الوقت متأخر وممكن حد غيري كان ضايقك.
ـ حد غيرك؟ إيه العشم دا! على العموم هو مش حد غيرك.
قالت كدا وسبقتني فسرعت من خطواتي ومشيت جنبها، غريبة.. بس قمر!

حكايات تمس القلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن