النسوة 🍂✨

69 7 2
                                    

النظر إلى أعين ذلك العجوز الذي يرى في أعيننا روح الشباب ، و روح الرشد الذي بداخلنا ..الذي يحوينا
الذي يرى أن مشوار الحياة لم ينتهي معنا ، على أننا في بدايته ...
الذي يرى إبتساماتنا و حريتنا في تفكيرنا ، بينما ينطوي تفكيره عن ما إن كانت تلك الآلام ستزول يوما ما ...
الإلهام الذي يحويني عند رؤية أعين كل شخص كبير في سنه ، صغير في تفكيره و في حوزته ما بقي له من أيام و أشهر ليعيشها يفكرني بسعادتنا التي نملكها الآن
و عن إختفائها يوما ما ...
يذكرني بعيش اللحظات كما هي ، بطبيعتها ..
إذا كانت سيئة فأعيش حزينة ، و إذا كانت جيدة فأعيش سعيدة ..
دون الندم في البقاء على قيد الحياة
بشكى الله عز و جل عن النعم الامتناهية ...
بالإقتراب منه و من حبله ...
في أحسن الصفات و الأخلاق ...
أن عيشها كما هي و حسب .

خرجنا من تلك القاعة بعد فرح غامر قلوبنا ، و فخر بالنفس ، و ذوبان رحيق التعاسة في داخلنا بعد الإعلان عن موضوع مرحلة الحلم  ألا و هو جزء من كتاب مكتوب بأنابلنا ، رفعت رأسي لأمشي في تلك الشوارع ...
على نسيم يتلاعب بشعري ، تارة أراه يمينا بجانب تلك البنايات أين رأيت عجوزا تناظرنني قد رسمت إبتسامة على وجنتيها ، لأبادلها بنفس المشاعر ...
تارة أراه يسارا بجانب السيارات المتسارعة ، لأرى عجوزا مع زوجته الكبيرة في العمر يرمي لها معطفه ليحميها من نزوات البرد ...
هناك من يعيش وحيدا ، تعيسا و تالفا في آرائه طامعا في حياة الغير ...يعني حياتنا .
أمشي قليلا لأرفع رأسي نحو السماء التي أخرى سحبها تتحرك بتحرك الوقت الذي أصبح يداهم أعمالنا ...
أما عن المتشرد الذي رأيته يناظرني على أنني من المارة الجاهلون عن وجوده في الحياة .
نظرت نظرة عميقة في أعينه ثم في تلك السماء ، وجدت شيئا ما و جلست أمامه .
لم يكلمني ، و لم يسعه خاطره أن يصمت ظنا منه أنني بدون مأوى كحالته .
" هناك بعض الأماكن للمكوث فيها يا بنيتي ، لا تجلسي هنا بشكل مطول ... فالمجتمع أصبح رهيبا "
نظرت فيه ، لأبتسم و لأرد كلماتي بعدها
"انا أعلم هذا يا جدي ..أنا المجتمع أصبح بدون شفقة على الكبير ، و بدون رحمة على الصغير ...مشتهي لعورات الناس و بالباطل يقسمون على دين الله ، أصبحت جاهلة للمكان الذي نعيش فيه ، أين النفاق أصبح كشرب الماء مع الصباح البارد ، أين الكذب أصبح كالهواء الذي نتنفس به الذي به نحيا لعيش ما بقي لنا ، و أما عن كسب الجاه للتفاخر به أصبح من عادات الناس حين الباقي يتوسلون لخدماتهم ...أين الشباب عاطلون و أين الحياة تستمر..."
ضحك العجوز ، مما زاد إستغرابي ليرد علي بعد ذلك
" يبدو قلقك سائر على وجهك ، و في قلبك جوهرة من المشاعر الثمينة ، سأقل لك يا صغيرة ...إني ما رأيته اليوم في حياتي ما هو إلا نعيم بما ملكته و تلذذ بالمشاعر التي إستحوذتهم ، أما عن الآن فيبقى دوركم للتعمتع بها ...ما جلبني اليوم هو هذا المجتمع التي تكلمتي عنه ، و ما يبقيني على قيد هذه الحياة هو عن المجتمع نفسه ....هناك بعض الفئات التي لا تعين ما ترى ، و لا تساعد من تراه محتاجا ، و لا تقابل الأرواح المكسورة لعلاجها ، و لا تتبنى أفكار الغير ...بل على ذاتها تستحوذ ، و على غيرها تستغل، و على الحياة تتعطش ."
تعجبت لما قاله لي ، يبدو تعبيره سليما من الأخطاء ، عفيفا في رسم كلماته ، دقيقا في ترجمة ما يدور من حوله ، تسائلت لما حدث له لتنتهي به في ذلك المكان .
" تعبيرك دقيق في رسمه ، و كلماتك محفورة بحذافيرها ، الهوامش بين الأحرف جعلته دقيقا ...هل إعتدت على الكتابة من قبل ؟ هذا ما شد ذهني "
إستعجب ذلك العجوز من سؤالي السخيف ، لطالما كنت مترددة في طرحه ، غير أنه أجابني بكل لباقة.
"إعتدت على الكتابة في سنك ، لطالما الحياة كانت رفيقة الدرب هنالك ، حين إلتقيت بالروح التي ساندتني طوال ثمانية و سبعون ربيعا حتى غادرتها الحياة ...
إن الكتابة هي ما كان يلهمني لرؤيتها ، و الإستمتاع باللحظات معها ، و عيش ما كتب لي من أوقات رمزية ...خالدة ...مؤثرة .
كنت أكتب في هذا الدفتر الذي مازالت أحمله كلما أشعر بالضيق ، لأتذكر كم كنت سعيدا و كم كان طموحي عاليا ..."
أخرج لي دفترا من معطفه الذي يبدو قديما و ممزقا ، ليعطيه لي .
" أظن أنني إكتفيت من قرائته ، فأنا أصبحت أؤنس نفسي مع نفسي ، أكتب في ذهني و أطلق العنان لقصائدي بالتحرك .... إقرئيه ، ثم أعيديه إلي أين إحتجت الى التكلم ، و التعبير عن ما أصابك ..."
رسمت إبتسامة على وجنتاي اللواتي إحمرتا بشدة الخجل ، لم أستطع قول شيئ له ، لكن فكرة أحاطت ذهني
" سأعيده إليك ، لكن بشرط واحد ..."
" و ما هو هذا الشرط؟" ...

The Magical Book |الكتاب السحري Where stories live. Discover now