الفصل الرابع

4.8K 196 17
                                    

الفصل الرابع..
جبر السلسبيل..
✍️نسمة مالك✍️..

صرخات متتالية لا تنقطع، توسلات حارة تابعها ندم شديد لا و لن يجدي نفعًا على الأطلاق مع هذا الثائر.. الغاضب حد الجنون، كاد غضبه أن يحرق الأخضر و اليابس، ممسك بيده السوط الغارق بدماء تلك  "سلسبيل" يعاقب به معذبها على فعلته الحمقاء بحق ابنته، رغم أنه لم يعد يصدق أن هذا المُجرم يكن والدها بعد ما فعله بها،

كلما تذكر هيئتها الدامية و هو يقوم بفك قيدها بنفسه ليتمكن من حملها بين يديه، كان جسدها ممزق حرفيًا من قوة و عنف ضربات الكرباچ على جلدها الرقيق، آهاتها الخافتة التي تقطع نياط القلوب، و تُبكي الحجر، و الأدهي من هذا همسها الضعيف بأسمه الذي وصل لقلبه قبل أذنه..

حالتها كانت و مازالت صعبة للغاية، لها أكثر من أسبوع فاقدة الوعي تمامًا، تفيق للحظات معدودة، و تغرق ثانيةً بأغماء أشبه بالغيبوبة، تحيا على المحاليل الطبية فقط و بين الوعي و اللاوعي تردد دائمًا حروف أسمه..

أطبق عينيه التي تتآجج منها نيران الغضب حين شعر
أنه مُدان لخاطرها بألف اعتذار، لكن ماذا عساه أن يفعل لها؟! ، هو رجل مكتفي بزوجته الخلوقة، يكن لها مقدار كبير من الحُب و الإحترام و لن يكون سبب جرح قلبها مهما حدث،بينما هناك في مكان ما بقاع قلبه جمرات صغيرة تزدهر سريعًا، و يزداد لهيبها، لهيب يسمي العشق..

"أعطيني بتي يا عبد الچبار بيه و هملنا لحالنا"..
قالها "قناوي" بأنفاس متهدجة، و صوت مبحوح أثر صرخاته المتواصلة..

"دلوجيت افتكرت أنها بتك يا عديم الرچولة"..
أردف بها و هو يقترب منه حتى توقف أمامه مباشرةً ليظهر فرق الطول الشاسع بينهما، انكمش "قناوي" بخوف من هيبته، و ضخامة جسده القوي، و ذراعيه المعضلة..

"أنت هتغور لوحدك من أهنة، ملكش بنات عندِنا، و لو عُدت مرة تانية هطُخك بالنار، و أنت خابر زين حديت عبد الچبار المنياوي "..أردف بها بصوت جوهري حاد، و هو يقبض على عنقه بكف يده كاد أن يزهق روحه..

جاهد "قناوي" و تحدث بصعوبة بصوت مرتجف متقطع..
" يا بيه أهمل بتي ليك كيف و أنت جولت مريدش چوازك منِها.. أكده الناس تاكل وشي، و أبجي مسخرة وسط الخلق"..

دفعه" عبد الجبار " بعنف، و أخذ يفكر في حديثه للحظات، و َمن ثم أجابه بتعقل، و نبرة لا تحمل الجدال..
"بتك ليها حق في ورث چوزها اللي هو أخوي الله يرحمه، و هتقعد في حقها معززة مُكرمة، محدش يقدر يمسها بكلمة واحدة طول ما هي في حمايتي"..

جحظت أعين" قناوي" بذهول مرددًا..
" أفهم من أكده إن سعادتك هتعطي بتي حقها في أرض چوزها و ماله، و الدوار، و شغله اللي في مصر وياك كمان!!!"..

"وه كُنت فاكرني هاكل حق الولاية و لا أيه يا واكل ناسك أنت "..
غمغم بها و هو يجذبه من ياقة جلبابه، و سحبه خلفه دفعه لخارج أسطبل الخيل الذي كان يحتجزه داخله دفعه أطاحت به أرضًا مكملاً بأمر..
" غور من قدامي.. معيزش أشوف خلقتك مرة تانية أهنة "..

مالك المصري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن