الفصل الخامس

4.8K 172 10
                                    

الفصل الخامس..
جبر السلسبيل..
✍️نسمة مالك✍️..

أشرقت شمس نهار يومًا جديد،استيقظ الجميع منذ بكرة الصباح يجمعون أغراضهم إستعدادًا للسفر برفقة "عبد الجبار" إلى مصر، بينما "سلسبيل" لم تأخذ شيء معاها مطلقًا،حتي إنها قامت بخلع ثيابها البيتيه بأكمالها، و ألقتهم بالقمامة ، و ارتدت عباية سوداء كبيرة للغاية على جسدها الصغير و حجاب من نفس اللون أخذتهم من "خضرا" ، لا تريد أخذ شيء من هذا المنزل يذكرها بما عانته، و قد حسمت قرارها فور خروجها منه لن تعود إليه مرة أخرى، بل لن تعود إلى البلد ثانيةً..

كان قلبها يرفرف بفرحة غامرة بين ضلوعها، كالطير الحبيس لسنوات داخل غرفة مظلمة ، و أخيرًا رأي شعاع نور الحرية عندما صعدت برفقتهم سيارة "عبد الجبار" المجهزة لسفر المسافات الطويلة ،لسوء حظها جلست بجوارها "بخيتة" بينما جلست "خضرا" خلفهما بجانب أبنتيها، و جلس "عبد الجبار" كعادته بجانب السائق، يتابعهم عبر المرآة بأعين كعيون الصقر..

لم تبالي "سلسبيل" لنظرات "بخيتة" الحارقة و كلماتها السامة التي تلقيها على أذنها من حين لآخر،حتي وصل بها الأمر أن تلكمها بعنف بكوعها مرات متتالية ببطنها من شدة غيظها منها، و لكن بنفس الوقت كانت سعيدة بقدومها معاهم، و بداخلها تنوي أن تزوجها لابنها رغمًا عن أنف "خضرا" ..

كانت "سلسبيل" مستندة برأسها على نافذة السيارة التي تحركت بهم للتو، نظرت للطريق بشرود تتذكر عندما أخذها والدها من عائلة والدتها بعد وفاتها و هي لم تتم عامها السابع بعد، و أتى بها إلى زوجته التي أذاقتها معه كل أنواع العذاب، و كانت وراء زيجتها السيئة و هي طفلة بعمر الرابعة عشر..

وبالرغم لكل ما حدث لها على يد والدها، إلا أنها تريد أن تودعه قبل أن تغارد البلد، أطلقت زفرة نزقة من صدرها، و نظرت تجاه "عبد الجبار" و تنحنحت بحرج و هي تقول..
"لو سمحت يا أبو فاطمة!!"..

زمجرت "بخيتة" بشراسة، و لكمتها بكوعها بقوة مرددة..
"كك خابط اسمه سيدك عبد الچبار"..

"وبعدهالك عاد يا أمه.. مش أكده أمال".. قالها "عبد الجبار" و هو ينظر لهما من فوق كتفه، و تابع موجهه حديثه ل"سلسبيل " التي ترقرقت بعينيها العبرات..
" كملي حديتك"..

ابتلعت لعابها بصعوبة، و قد ظهر الخوف على ملامحها الحزينة، و همست بصوت مرتجف..
"عايزة أسلم على أبوي قبل ما نطلع من البلد"..

" أصيلة يا خيتي".. نطقت بها "خضرا" و هي تمد يدها و تربت على كتفها بحنو، لتشهق" بخيتة" بقوة و ترمقها بنظرة  حادة مدمدمة..
" اممم أصيلة.. دي كهينة و مية من تحت تبن يا عبد الچبار أسألني أني"..

ساد الصمت لدقائق قطعه عبد الجبار بصوته الصارم قائلاً..
" قناوي بيكون فى غيطه دلوجيت مش أكده؟"..

حركت "سلسبيل" رأسها له بالايجاب سريعًا رغم أنه لم يكن ينظر لها، لمحها في المرآة و قد رسمت ابتسامة باهته على محياها المرتعدة، و عينيها تنظر له بامتنان و انبهار بشخصيته القوية..
"فوت على أرض قناوي فى طرقنا يا حسان"..

مالك المصري Where stories live. Discover now