حياة البط.
وصلت جميلة الجميلات إلى جمرك بورسعيد, تقف وحيدة حزينة دون مالكتها داخل خزانها الذي نقلها عبر البحار إلي. طلبت شحنها لجمرك سفاجا لأني أملك بذات الجمرك رجال كثر يخرجون منتجاتي التجميلية في لمح البصر و بلا أي معوقات روتينية عالمنا العربي تفوق بها على كل عالم, إلا أن ملك البودرة ليس في وسعه السيطرة على أعماله, و قد تعلل حماد بأنني مسببة العطل, لأني طلبت سيارتي على وجه السرعة و سفينة النقل الأسرع تمر من ميناء بورسعيد.
لا بأس حبيبيتي أمك لن توفر جهد حتى تصيرين نصب أعينها لتتلقي الدلال اللازم, أحبك مازيراتي لن يغمض لي جفن قبل لقائك. آسفة حبيبتي يبدوا أنني نعست قبل لقائك فقد كان أطول أيام حياتي, و لكن ابصرك في أحلامي, واقفة في شموخ بساحة منزل حماد, تلمعين من أسفل شمس لا تنتمي لشمسك الأولى بمدينة مودينا في إيطاليا أين ولدتي. أيقظتني شقشقة أكياس الطعام بعدما صف وجيه السيارة داخل ساحة فيلا العبور و ينادي – إصحي يا سرسور – باقي من الزمن أربعة ساعات و من ثم تعيدين الحصار ماما.
فتحت عيناي وجدت الليل هبط بغتة, أخيراً إنتهى يوم صعب أخر من حياتي العجيبة, ترجلت من السيارة و توجهت لغرفة حارس المنزل, يسكنها الآن مع العم عبده شوقي صديقي, و منذ ولجها لا يفعل شيء إلا النوم, و وجيه يردد أنه أفضل حارس لمنزلنا على الإطلاق, أين سوف نجد حارس نشط بهمة شوقي؛ في وسعه النوم لأربعٍ و عشرون ساعة حتى دون الحاجة لصحوة توفر له أساسيات الحياة كمثل طعام يؤته. طرقت الباب فتح لي العم عبده, ملتوي الفم, بعيونه الحنق, ممتعض هو الأخر من سكنة شوقي لغرفته, لأن شوقي له طقوس خاصة بالنظافة, يستحم في أعياد المسلمين فحسب, أي مرتين في السنة.
مسجي شوقي أرضاً في ركن من غرفة عم عبده الذي يركله للإفاقة و حينها يصيح شوقي بالرجل المسن ساباً سلالته, أخرسته عن المزيد بكلمة مني قبل أن يطرده وجيه لقلة تهذيبه مع رجل بعمر أبيه فقام من مرقده نحوي ليستكمل نومه على أعتاب الباب, مستند عليه بكامل جسده منتظر كلماتي في فتور فقلت :
- اطلع على جمرك بورسعيد زف العروسة.
تثائب فأخرج علي عاصفة كريهة الرائحة محملة بأطغاث أنفاس ميت فارق الحياة منذ ستة أشهر مما جعل وجيه يصيح به أن يغلق فمه, إلا أن شوقي فتحه ليقول :
- مالناش حد في جمرك بورسعيد.
قلتُ :
- كلم ناسنا في جمرك سفاجا يدلوك على اللي تبعهم في بورسعيد.. ساعة و تكون عندي.
أشاح بيده في وجهي بينما يقول محتداً :
- ساعة ايه .. بورسعيد تلات ساعات رايح و تلاته جاي بزفة عربية متحملة على ونش.

YOU ARE READING
زوجة في الظل
Romanceبين شعرها و الليل زواج كاثوليكي لا طلاق فيه, يدب بينهما الخلاف بفعل مكر الرياح لما تلامس نسماته ما لليل, يتشاجران , يوبخها, تصفعه على وجهه الأسود و من ثم تنساب الخصلات البنية الداكنة من خلف الرياح فلا يجد الليل إلا ترك الكبرياء و إرضائها لاستبقائها...