الفَصلُ التَّاسِع: اِختِطَاف.

143 15 8
                                    

بَعدمَا تَناهَى إِلى مَسمعِ آستَر خَبَرٌ يُفيدُ بِأَن بَارُون اللَيلِ قَد قَدمَ البَارحةَ إِلى الأَكادِيمية مِن أَجل قَتلِ أُستاذِ الرِّياضيَات الكُونت دِيفيد هُورِسُن؛ أَحدُ المُتواطِئينَ فِي سَحبِ عَائلتِه إِلى الحَضيض، وكَذا أَحدُ المَسؤُولين عَن تَهرِيب المُخدراتِ خَارجَ الوَطن كمَا أَسلفَ البَارُون مَع تَقديمِه أَدلةً دَامِغةً تُثبتُ ذَلك، وَالّذي صَراحةً لَم يَكن يَهمُه بِقدرِ مَا اِنشغلَ فِكرهُ بِالقلقِ عَلى اِبن أُخته، لَا يُصدقُ أنّه نَامَ وَسطَ تلكَ الفَوضى! سَارَ بِخُطواتٍ حَثيتةٍ نَحوَ مَهجع غَاردينيَا وَبالضّبطِ إِلى الغُرفةِ الوَاقعةِ فِي الطَّابِق الخَامِس أَخرَ الرِّواق، وَلأنّه مَا عَادَ يَملكُ صبرًا يَقتاتُ بِه رَكل البَابَ بِقوةٍ فِيمَا يَصيحُ بِقلق: «أَيهَا الشَّقي! هَل أَنت بِخير؟»

هَتفَ إِيثان بِضيقٍ وَاِمتعاضٍ فيمَا يُحاولُ التَّعودَ عَلى سَنا الشَّمسِ المُتطفلةِ وَالمُزعجةِ حَسبَ رَأيه: «أَلم يَتمَ تَعليمكَ أَن تَطرقَ البَابَ بِأدبٍ لَا أَن تَركُلهُ بِهمَجية؟»

وَلأولٍ مَرةٍ فِي تَاريخِ البَشريةِ تَجاهلَ الأَدعجُ سُخريتهُ وَلم يَردَ عَليها؛ إِذ أَنّ رُؤيتهُ بِخيرٍ جَعلت جَبلًا مَن الهَم يَنزاحُ مِن عَليه، فَلم يَكُن لِيتخَيل رَدةَ فِعلهِ لَو أَصابهُ مَكروهٌ مَا.

حَمد الرَّب عَلى سَلامتهِ وَعيناهُ فِي الغُرفةِ تَجُولان، كُلّ شَيءٍ مُرتبٌ فِيهَا وَلا يَدعُو لِلرِّيبةِ عَدا بَتلاتِ الوُرود المُلقاةِ هُنا وَهناكَ بِعشوائِيةٍ عَلى المَكان، وَقبلَ أن يَستفسرَ عَن أيّ شَيء نَبسَ الفَتى بِتمَلمُل: «البَارونُ كَان هُنا البَارحةَ وَهُو مَن تَسببَ بِهاتِه الفَوضى، وَكما أَرادَ مِني إِعطاءكَ هَذا.»

أَخرَج مِن تَحتِ وِسادتِه وَرقةَ اللَعب مُعطيًا إِياهَا لَه، وَحينمَا أَرادَ إِتمَامَ كَلامِه قَاطعهُ خَالهُ بِالسُّؤَال عَن حَالهِ بِلجهةٍ قَلقةٍ مُعاتِبة: «هَل كُنتمَا مَعا؟ لِمَ لَم تَصرُخ طَالبًا النَّجدة؟»

دَلكَ صَدغيهِ بِتعب؛ إِذ لَم يَأخُد كِفايتهُ مِن النَّوم جَراء مَا رَاودهُ مِن كَوابيس، وَخالهُ الحَبيبُ يَزيدُ مِن الطِّينِ بِلةً بِصراخِه هَذا، ثُمَ رَد بِتأفُف: «قَبل أَن تَضعَ اِستنتاجَاتٍ لَا مَحل لَها مِن الصِّحة، دَعنا أَولًا نَضعُ النِّقاطَ عَلى الحُروف، البَارُون لَم يُؤذنِي وَلم يُرد ذَلكَ مِن الأَساس، كَما وَكان سَيكشفُ عَن هُويتِه لِي لَولا تَدخُل بَعضٍ مِن حُفنة الأَغبيَاء، وَسببُ زِيارتِه لِي الرَّئِيسي هُو إِيصالُ رِسالةٍ لَك بِحجةَ أَنّك كُنت تَغُط فِي سُباتٍ عَميقٍ وَلستُ أَدرِي مَا فعلهُ أَو مَا يَقصدُه، وَأخيرًا وَليسَ أخِرا، سَواءً أَكانَ جَادًا فِي إِيذائِي مِن عَدمِه أَم لا فَلستُ أَهتم.»

كَلحَ لَازورَديُ العَينَين إِثرَ كَلامِه دَلالةً عَلى عَدمِ الإِطمئنَانِ الّذي يُراوِده مُعقبًا عَليه بِعتَاب: «المَرةَ القَادمةَ لَا تُحاوِل حَتى البَقاءَ بِقُربه!»

بارون الليلWhere stories live. Discover now