الفصل الرابع

6 3 0
                                    

جثّة جيالي كانت تزورني في أحلك كوابيسي لبضعة أيام، كانت تصرخ بي أنني السبب، أنها أخبرتني ما لا يجب عليها أن تقوله، كانت تدفعني في كلّ مرة من على الجرف يينما تهتف بأنني إن لم أجد الحجر فأنا بلا فائدة.
كانت لياليّ قاسية، ومراسم دفنها كانت الأصعب في تلك الأيام، حيث اضطررتُ أو أودع جثمانها بينما تتحول إلى تمثال جليدي كما هو أصل الآكوليدي… من الثلج، ثم دُفنت في مسقط رأسها، مدينة إيسار في مملكة آركيت التي كانت الوحيدة على كوكب إجمانون -الكوكب البارد-
قبرها كان في مقبرة سايبر المخصصة لمن هم قريبون من الطبقة الحاكمة، لذلك كان ضريحها مزخرفًا ومزينًا، بدا لائقًا بشخصٍ كجيالي، ولكنها لم تكن لتراه بتاتًا، وكأن ذلك الضريح صنع للزوار لا للميت، في نهاية الأمر لم تكن الجثة لتتباهى بقبرها!

كان الهدف من قدوم جيالي أن ليغولاس استدعاها لتقوم بإلهائي بينما يقوم هو برفقة إدوارد بحلّ المفاوضات مع حكومة سكاني لحلّ ذلك الخلاف، هذا ما استنتجته من حديثهم في مكتب إدوارد، كنت ذاهبة لأنادي إدوارد ولكنني سمعتهم صدفة؛ ذلك ما جعلني أضع جزءًا من اللوم على ليغولاس لأنه أحضر جيالي إلى كليتوس لإلهائي وهي قتلت هناك.
جايدن كان مفقودًا، حاولتُ أن أقنع الجميع أن الرؤيا هي الحقيقة ولكنهم لم يصدقوا ما قلته! لم يصدقوا أن جايدن قد يقوم بقتل أخته بتلك الطريقة الوحشية بدون سبب، ربما لو أنني أخبرتهم بالسبب وقتها لكان الأمر مختلفًا ولكن النهايات لم تكن لتختلف! كان الموت قدرها في تلك اللحظة ولكن اختلفت الأسباب وكانت نهايتها مخيفة لتلك الدرجة، لم يكن هناك حجرٌ بيدها كالذي كان في الرؤيا، ولم يكن قلبها موجودًا في المكان لذلك استنتجتُ وقتها تلقائيًا أن جايدن استحوذ على الحجر وعلى قلبها الذي انتزعه، الأسباب كانت مجهولة ودوافعه كانت غامضة الأمر الذي سبب لي كثيرًا من الفوضى الداخلية المليئة بالألغاز.

البقاء في آركيت كان صعبًا بالنسبة لنا بشكلٍ عام، نحن الإلف اعتدنا على العيش في المناطق الدافئة في الكواكب القريبة من الشمس، ولكن المكان في إجمانون كان باردًا بشكلٍ مخيف، الشمس تظهر أغلب ساعات اليوم ولكنها باردة وكأنها مجرد ضوء لا حرارة تشتعل وتشعل ما حولها بدفء، لم أستطع أن أفهم كيف لكوكب أن يكون مغلفًا بطبقة عازلة للحرارة! إجمانون كان كوكبًا غريبًا ولكنه ليس أشد غرابة من كوكب السحر كولوريس الذي زرته لمرة واحدة طوال حياتي الطويلة.

أتذكر أننا بقينا ما يقارب أسبوعين بحسب توقيت كليتوس هنا، ولكنها لم تكن هنا إلا سبعة أيام خاصة بمراسم التأبين اللاحقة للدفن وما إلى ذلك من التعقيدات التي تجاهلتها تقريبًا وقضيت وقتي بالبكاء على صديقة كان عمرها مطابقٌ لعمري ورافقتني أغلب الوقت. 
لا زلتُ أتذكر كيف كنتُ منكسرة بعد موتها، منكسرة وحاقدة على من ارتكب تلك الجريمة الشنيعة بحقها، وعزمتُ على الانتقام، تركتُ الحقد يتغلغل بداخلي ويعشش هناك منغمسًا في تصرفاتي يقاسمني الحياة.

المعجزة الأخيرة Where stories live. Discover now