الفصل الأول

105 6 0
                                    


«استبعدتُ سعادتي من قائمة أحلامي، وذلك ليس لحصولي عليها، ولكنني اخترتُ أن أكون سعادةً لعالمٍ عشتُ فيه، وذلك لأنني أنا ميالا وهذا ما يجب أن أكون عليه.
قد تتساءلون عن كثيرٍ من خياراتي في الحياة، ولكن تفسيرها بحدّ ذاته يحتاج للتفسير.
أحيانًا تهدينا الحياة أضواءً ملوّنة، بينما يمنحنا خالق الأكوان عديدًا من الحلول ويتركنا لنختار منها ما نحبّ، منحني القدرة على أن أكون سعادة لكم وأعتقد أن هذا ما خُلِقتُ لأجله…
لستم بقادرين على تغيير القدر ولا التحكم بالموت والحياة، ولكنني استطعت أن أمنح الفرص للكثير في عالمي، فرصٌ ساعدت على تحوير عجلة القدر لتتغير الحياة لا القدر.
كانت أمنيتكم الأغلى أن يعود العالم لما كان عليه، بينما أمنيتي كانت أن أُذكر دائمًا بينكم. أمنيتكم تحققتْ بينما التي تمنيتها كانت طيّ النسيان كما أنا.
ونتيجة لكلّ ما حدث كان جسدي المتحجر صرحًا يذكّركم بالقلب الذي مات حبًّا بكم…
وأخيرًا، هناك بين المشرق والمغرب، لا شمالًا ولا جنوبًا… عند حافة العالم، حيث تختفي الحياة وتظهر حياة أخرى، عندما يتلاقى نور مظلم مع نظرات الحجر، وتلمع ليلةٌ منطفئة بنور قرمزي، قفْ هناك عند قلب الصرح ونادني… وعندها ستلقاني وتحدّثني…
كلّ الحبّ…
ميالا، ابنة الملكة ميليث...»

تلك الرسالة كانت كلّ ما تركته من إرثي الكبير، رسالة بأسطر معدودة منقوشة على ضريحي وذكراي الوحيدة، راقبتهم يتخبطون بين المشاعر المختلفة عند هذه النهاية، كانت الدهشة تسيطر على وجوههم عند رؤيتهم لجسدي في هيئة تمثالٍ حجري، قلبي تحطّم مرارًا لرؤية الدموع التي أغرقت وجوهًا أحببتُ النظر إليها.
ربما ما كنّا سنصل إلى هذه النقطة لو أنني قمتُ بالخيار الصائب منذ البداية! ولكنني أعتقد أن النهاية كانت محتومة مهما تغيّرت الخيارات، القلب الأقوى في مجرة إيستريا انكسر! وفتاة المعجزة الأخيرة تحولّت إلى حجر… 

ايستريا، مجرة النجوم… راقبتها تعود لتتشكل كما كانت، توقفت عن الهيام ككوكب وحيد، أمنيتهم التي تحققتْ لأنني اخترتها أمنيةً أخيرة لي.
ربما هدفي من مراقبة عودة المجرة هو تحقيق رغبتي بعدم رؤية انهيارهم لاختفائي من هذه الحياة، كانوا أفراد عائلتي، ولكنني جازفت بحيواتهم لحمايتهم.

فكرّتُ برسالة وداعي، كانت مميزة بطريقة ما… لا أعلم إن كان ذلك لأن ما بداخل الصرح كان جسدي بالفعل، أو ما إن كان السبب أنني تركت في كلماتي مفتاحًا يدلّهم على مكاني ويستدعيني. شعور بالأمل بأن هناك من سوف يتذكرني ويفعل المستحيل ليعود بي إلى مكاني بينهم.

شاطئ النهاية، حيث وقفوا جميعًا يودعون الصرح لمرة أخيرة وكأنهم يودعونني، الشمس اشتعلت بلون قرمزي بينما تتجهز للنوم خلف أمواج المحيط الدافئة، ومع مرور كلّ ثانية كانت لحظات حياتي تُعاد أمام ناظريّ، عند بداية كلّ شيء، في ذلك اليوم المريب، عيد الميلاد الستمائة للتوأم الملكي ليغولاس وميالا، أتذكر ما حدث في ذلك اليوم، وما حدث بعده… في ذلك اليوم، تحوّلت حياتي من حياة ميالا الصغيرة إلى حرب ميالا القلب الأقوى في إيستريا مع القدر.

المعجزة الأخيرة Where stories live. Discover now