الفصل العاشر

9 3 0
                                    


ضياع… كنتُ تائهة للغاية في غيابه الطويل، شهرٌ وثلاثة أيام كانت مدّة طويلة للغاية أقضيها بعيدة تمامًا عن توأمي، ليغولاس لم يكلّف نفسه عناء الحديث معي حتّى، بينما أنا كنتُ أعافر للنجاة من بين براثن وحوش أفكاري وصراع طاقاتي في داخلي…

كنتُ أشعر بعقلي يتفتت لأجزاء في كلّ ليلة عندما أستعمل كلّ قوتي لأردع طاقة الظلام من السيطرة عليّ، بدا لي وكأنها تستغل ضعفي لتتمكّن! 
كنتُ أراقب ورقة التقويم السنوي الذي أضعه على مكتبي، كان هناك يومٌ واحدٌ ليوم ميلادي، كان قدّ مرّ عامٌ كامل آنذاك على حادثة ميلادنا الستمئة… كان عامًا مليئًا بالأحداث، وصادف أن هذا اليوم من هذا العام سيكون يوم حفل التتويج الملكي لملكة إيستريا الجديدة، والتي كانت أنا ميالا جرينليف…
كانت تلك الليلة صعبة للغاية على ميالا الصغيرة! كنتُ أحتاج لشقيقي يخبرني بما يجب أن أفعله ولكنه لم يكن هناك… ربما لو طلب منّي ليغولاس وقتها أن أتخلى عن كلّ ذلك من أجله وتحديدًا في تلك اللحظة لكنتُ لبيتُ له ذلك الطلب لشدّة شوقي لرؤيته ومرافقته كما كنتُ أفعل سابقًا! 

في صباح يوم التتويج كنتُ مشغولة للغاية بمراقبة مظهري الملكي، تلك العباءة الملكيّة كانت معلّقة على كتفيّ تتدلى وتنسحب بذيلها من خلفي، لونها الأسود ونقوشها الذهبية ناسبا لون الفستان الأحمر المطرّز بالذهبي نقوشًا بلغة الإلف القديمة، كلماتٌ أنا اخترتها بنفسي…
القلب الأقوى مالك الحجر وعبر الأثير تنبعث الأسطورة 
عبارة طُرِّزتْ على الفستان مكررة لستمئة مرة، عدد السنوات التي امتلكتها عندما امتلكتُ الحجر، تلتف الكلمات حول الفستان وتتسع مع اتساعه في أسفله حيث يبدو مع العباءة قطعةً واحدة! 
بدوتُ مختلفة… غريبة إلى حدٍّ ما، كنتُ غريبة عن نفسي ولم أتمكن من التعرف على هويتي، لم أكن ميا! لم أكن توأم ليغولاس وابنة ميليث وثراندويل! كنتُ ميالا الباردة… مالكة حجر الأكوان، ملكة إيستريا المتسلطة التي خاضت حروبًا كثيرة. ربما ذلك ما كنتُ أطمح أن أكون عليه يومئذٍ وبدا لي كحلمٍ يتحقق. ولكنني الآن أندم على كثيرٍ من أحلامي، وللحظاتٍ كثيرة أتمنى لو دفنتُ تلك الأحلام تحت التراب قبل أن تتحقق.

ميالا آنذاك كانت ميّالة للسطوع على العكس مما أكون عليه الآن! لا زالتْتلك القلادة محفورة في عقلي، تلك التي ارتديتها في ذلك وتركتها تنسدل فوق الجزء الشاف من فستاني، والتي لم أضعها بهدف الزينة وقتها؛ وإنما كان ارتداؤها بمثابة أثبات لتوأمي أنني سأحكم حتّى وإن لم يكن يشاركني ذلك، كان تصرفي كمحاولة بائسة منّي لأن أكون أقوى وأتولى أمور الحكم وحيدة… تلك القلادة، صنعتها لليغولاس بمناسبة ذكرى ميلادنا ولكنه رفض أن يقابلني حتّى! 
نظرات جوانا التي وقفتْ أمام باب غرفتي كانت تحمل لومًا ولكنني لم أكترث، كنتُ ممتلئة بالتناقض وقتها، كنتُ خائفة ولكنني كنتُ مصرّة على هدفي، كان التاج هو هدفي الأعظم…

المعجزة الأخيرة Where stories live. Discover now