الفصل الاول

983 98 78
                                    


في منتصف الليل، استيقظت رنوة بشعور من الخوف والانقباض يضغطان على قلبها تعرف هذا الشعور جيدًا، شعرت بذلك لأول مرة في الليلة التي حاول فيها ابن عمها اللعين الاعتداء على تلك الصغيرة النائمة بجانبها استعاذت بالله من هذا الشعور، وحاولت النوم مجدداً، لكن في تلك اللحظة شعرت بصوت وحركة يحدثان في الخارج، تملك الخوف منها، فنهضت على أطراف أناملها لترى ما يحدث، سارت في حذر حتى وصلت إلى الردهة، لم تنتبه لمن يقف خلفها، لكنها شعرت بحرارة تضرب عنقها، فاستدارت لترى ما خلفها، فكاد يغشى عليها من الذعر، انقض عليها واضعاً يده على فمها لمنعها من الصراخ:

_ "اوعي تفكري تصرخي صدقيني مش هتردد لحظة أني أقتلك أنتي والحلوة اللي جوه".

حدجها بنظرات مليئة بالغضب والانتقام

_ "كنتي فاكره إنك هتعرفي تهربي مني والله لو روحتي لآخر العالم هعرف أوصلك وأحاسبك على اللي عملتيه".

امتلأت أعين رنوة بالعبرات خوفاً من مصيرهما المجهول، حاولت التحدث لكنه نظر إليها بحدة قائلاً:

_ "أنا هشيل أيدي بس ورحمة أبويا لو فكرتي تصوتي أو تشغلي عقلك عليا هتكون نهايتك على أيدي".

رفع يده عن فمها، سعلت كثيراً وهي تحاول استنشاق الهواء قبل أن تستعيد رباطة جأشها قائلة:

_ "عاوز مننا إيه تاني يا حسن مش كفاية اللي حصلنا بسببك، مش كفاية إني سيبت بيتي وفلوسي عشان أخلص منك جاي، ورانا ليه لسه فاضل إيه معملتوش".

حدجها بنظرات دبت الرعب في أوصالها، هي تعرف تلك النظرات، وتفهم مغزاها جيدا، فابتعدت عنه خطوة، وهي تتظاهر بالقوة:
_ "اللي في دماغك دا مش هيحصل لو فيها موتي أنت فاهم".

قهقه كثيرًا، كان صوته مثل النار تلتهم أذنيها، ظلت تحدجه بخوف:

_ "كده كده هتموتي بس بعد ما اخد اللي عاوزه".

استمر في الاقتراب منها، كان يقترب خطوة، وهي تبتعد خطوة حتى اصطدمت بالحائط أحاطها بيده من الجهات جميعهن، وابتسم ابتسامة زادت اشمئزازها منه، نظر إليها وهو يفحص جسدها بنظرات مقززة مثل خنجر يشق جسدها، وكاد فمه يصل إلى عُنقها، في تلك اللحظة سمعت صوت ارتطام قوي، فأغمضت عينيها بمزيد من الخوف، لكنها شعرت بشيء مثل الماء يجري أسفل ساقيها،‏ فتحت عيناها شيئًا فشيئاً، فوجدته ملقى على الأرض مغطى بدمائه، ووجدت روانا ممسكة بفاظة نحاسية وعليها بقايا دماء، نظرت إليها في رعب، وعانقتها قبل أن تقول رنوة بصوت مرتعب:
‏_ "هاتي أي حاجة نلبسها بسرعة".

‏ركضت روانا إلى الغرفة، وسرعان ما التقطت ملابسها، ثم عادت إلى رنوة، ووجدتها ترتدي حذاءها، فالتقطت حذاءها وارتدته أيضًا على عجل، نظروا معًا إلى ذلك الرجل المستلقي على الأرض محاطًا بالدماء بنظرة سريعة تحمل خوفًا مما هو قادم، أغلقوا الباب سريعا، وركضوا إلى الخارج غير مدركين إلى أين يذهبون، لكنهم استمروا في الركض حتى هربوا من المنطقة، وربما المدينة بأكملها، تمكنوا أخيرًا من الوقوف للتنفس في مكان شبه مهجور دون منازل تُحيط به الأراضي الزراعية من الجهات جميعهن، في ذلك الحين خارت قواهم، فجثو على الأرض، ثم نظرت رنوة إلى السماء قائلة بصوت عالٍ مملوء بالحزن والألم:
_ "يا رب"
صمتت برهة، ثم تحدث مجددا وهي تبكي:
_يا رب أنا تعبت تعبت مش قادرة أتحمل اللي بيحصل دا، يا رب أنا أضعف من أن أتحمل كل دا.

آلام خفية"قيد الكتابة"Where stories live. Discover now