"نشأة الشيطان الأول"

4.2K 187 11
                                    

#الفصل_الأول  "نشأة الشيطان الأول"

" إبليس حين أراد أن يثبت أفضليته تمرد وخرج عن طاعة الله لأنه رأى ذاته مميزًا فأراد أن يظل هكذا..
حين ترغب نعجة في أن تظهر ذاتها تشرد عن القطيع فتُسلط الأنظار عليها..
وإن أراد الممثل أن يلفت الأضواء ما عليهِ سوى الخروج عن النص ...
ولأني ذكرت جنون "التميز", دعوني أذكر جنون آخر يمكن أن يقودك لنفس الطريق ألا وهو " التحرر"..
ولأنني ذكرت الجنون فحين أذكر التحرر سأذكر التحرر الجنوني الذي يأتي بعد كبتٍ قاسٍ, بعد أن كنت تفعل كل شيء صواب كما ذكره الكتاب, تفعل كل شيء خطأ كما لم يعرفه أحد من قبل.. كأسد جائع حُبس في قفص كريه لسنوات ثم كُتب له التحرر تُرى كيف ستكون حالته؟
وذِكري للتميز والتحرر لم يكن عبثًا, فكلا الشعورين كانا سببًا أساسيًا في نشأة "الشيطان الأول"..!!

-------------------------
منتصف مارس لعام ١٩٨٠.....

فتحت باب الشقة بوجهًا شاحبًا وهي تتلفت حولها بذعر, في حين تفتح الباب بكل حرص كي لا تصدر صوتًا يكشفهما, اتسعت عيناها حين ظهر شاب في مقتبل العشرينات يصعد درجات السلم, لتهمس شفتاها بحدة:
_ اخلص يلا, ده الي اتفقنا عليه يا حسن!

سئم وجهه وهو يدلف من باب الشقة مرددًا بضيق جلي:
_ هو احنا في حضانة! سهرت مع صحابي مفيهاش حاجة يعني.

أغلقت الباب بروية وهي توبخه:
_ أنتَ عارف طبع أبوك, وعارف أنه محدد مفيش تأخير بعد ٩.

ذم شفتيهِ حانقًا وقال بسخرية:
_ ٩ دي بنبقى لسه بنفكر هنخرج فين! ده أنا لو عيل عندي ١٥ سنه هتأخر عن كده.

وضعت سبابتها على فمها تلزمه الصمت:
_ هش, اسكت بقى وادخل غير ونام قبل أبوك ما يحس بينا.

_ ونعمة التربية, بقى بتداري عليه بدل ما تسمعيه كلمتين في عضمه على تأخيره!

انتفضا بذعر حين تهادى صوت والده لهما, ليضرب التوتر جسد الأم وهي تحاول النطق لتبرر فعلتها:
_ م.. ماهو أصل... هو يعني...

كانت ملامحه صلبه, تتجلى بها القسوة بوضوح, أب تقليدي يمثل نموذجًا للأب الذي يريد لكل شيء أن يسير بنظام دقيق, لا يوجد مجال للخطأ, ارستقراطي منمق, يهتم بمظهره بين العائلات الراقية التي تعد عائلته احدهن, لذا فهو متشدد لأبعد حد في تربية أولاده "حسن, ونبيل" فلن يسمح لأي منهما بأن يكون مثالاً للشاب الفاسد، سيء الخُلق.

بجموده المعهود كان يعقب:
_ عرفتِ ليه مبسمحش لكِ تتدخلي في تربيتهم! عشان أنتِ أم فاشلة, مش مهتمة بمصلحة عيالها, وفالحة بس تدلعيهم وتداري وراهم, كل مرة بتثبتيلي إن كان اختياري ليكِ غلط زي ما أمي كانت شايفة, كان لازم اختار واحدة قد المسؤولية وتقدر تشيل اسم عيلة "وهدان".

أغمضت عيناها بسأم ووجع ف كالعادة من غيرها سيناله الجزء الأكبر من التوبيخ! وعن "حسن" فرغم خوفه من بطش أبيه الذي يدركه جيدًا وقلقه مما سينتهي إليهِ الأمر إلا أنه شعر بالحزن على والدته المسكينة التي لطالما تحملت هي الجزء الأكبر من كل شيء حتى العقاب أحيانًا.

(بكِ أحيا) ناهد خالد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن