"أقارب! "

1.6K 159 18
                                    

الفصل الحادي والعشرين.. "أقارب!"

"قُل لأقاربنا الذين طعنونا بغير رحمة، أننا لم نرد سوى ودهم، لم نرد سوى عطفهم، حنانهم، وصلة الرحم التي وصى بها الله، أخبرهم أنهم كانوا آخر من تمسكنا بهم في الدنيا.. وحين أفلتوا أيديهم تعلمنا وقتها كيف نفلت نحن أيضًا أيدينا، وليشهد الله أن قلبي لن يحن، ولن يميل... وحقي مردود ولو بعد حين"
" خديجة الدالي"..

قطبت حاجبيها تأثرًا بمشاعرها الكبيسة التي واتتها الآن حين تذكرت تلك الذكريات الأكبس، طفرت الدموع من عيناها وهي تسأله بحيرة مؤلمة:

_ ليه؟ ليه ممكن عمة تعمل كده في بنت اخوها! ليه اتهمتني في شرفي وأنا كنت يدوب مكملتش ١٥ سنة، أمي كانت لسة ميتة، وحالتي النفسية كانت زفت، وهي عارفة كل ده ومأثرش فيها، ليه عملت فيَّ كده! أنا من زمان عارفة أنها بتكرهني، بس.. متخيلتش توصل لكده، استفادت إيه أصلاً؟!

كلها أسئلة تدور في رأسها منذُ ثلاث سنوات ولا تجد لها إجابة، تلقيها في حديثها مع الطبيب رغم علمها أنه أيضًا لا يمتلك جوابًا، لكن من باب الفضفضة! وبجملة ما تفضفض بهِ! هزت رأسها مستنكرة بشدة وهي تزفر أنفاسها المختنقة:

_ دخلت عليَّ وانا وباهر كنا في البيت عندي ومحدش معايا، كان جاي يطمن عليَّ واخويا كان في المدرسة وبابا في الشغل، ولحظي النيلة اشوف سارة وهو معايا.. لا، ويومها فضلت تحسسني بالذنب وأني السبب الوحيد في موتها، مقدرتش اتحكم في نفسي وفضلت اصرخ فيها ودخلت في حالة هيستريا، وقتها حاول يهديني بس عرف إني مش سمعاه أصلاً، قرب مني وحضني وفضل يكلمني عشان اهدى.. وفعلاً بعد فترة بدأت اهدى، بس مكنتش حاسة باللي بعمله فقربته مني وحضنته جامد.. كنت خايفة.. كنت محتاجة اطمن، انا وقتها...

صمتت ودارت عيناها في كل مكان وكأنها تفكر هل تبوح بما يقف على لسانها أم تبتلعه وتقفز للحدث التالي دون توضيح أكثر! وهو علمَ بما يدور في عقلها، فحثها سريعًا على الاستكمال وهو يخبرها:

_ ها يا خديجة! قولنا ايه؟ مادام بدأتِ تعترفي مترجعيش تكدبي وتخبي تاني؟ واعتقد إنك كسرتي رهبة الإعتراف بعد ما اعترفتي بأصعب جزء في الحكاية.

اقتنع عقلها بحديثه فبالفعل هل ما ستقوله أسوء مما قالته! بالطبع لا، لكنها تخشى أن يحلل الأمر بطريقة خاطئة، أو ربما صحيحة ولكنها لا تريد الاعتراف بها! وبرغم علمها التام برؤيته لِمَ ستقوله لكنها قالته، بملامح مضطربه وتجنبت النظر له وهي تستكمل:

_ وقتها مكنتش سامعة صوت باهر، وقتها معرفش ليه سمعت صوت مراد وهو بيهديني، وهو بيقولي كل حاجة هتعدي.. أنا جنبك، معرفش ليه تخيلته هو، عشان كده حضنته وفضلت حضناه شوية حتى بعد ما هديت، كنت مغمضة عيني وكأني عارفة إني لو فتحت كل ده هيتبخر.. احساس الأمان والراحة الي حسيته لما أدرك أنه باهر مش مراد..

(بكِ أحيا) ناهد خالد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن