فتيات بائسات ٥

802 103 10
                                    

الفصل الثالث عشر "فتيات بائسات ٥ "

" دومًا هناك لحظة فاصلة بين الهلاك والنجاة"
وكانت هذه هي اللحظة التي فصلت "خديجة" عن الموت..
اللحظة التي اتخذ فيها "مراد" رد فعل سريع، تلقائي حين تحرك بسيارته للأمام غير آبهًا باصطدام مقدمتها بحائط أحد المحال التجارية المرتصة على جانب الطريق، المهم أنه نجى، وابتعد بسيارته عن خط سير السيارة الأخرى..

واصطدام سيارته بالحائط جعلته يرتد للأمام مصطدمًا برأسه ب "تابلوه" السيارة المقابل لمقعد "خديجة"، فهو في محاولة منه لحمايتها حين ضغط بقدمه على دواسة البنزين تحرك بجسده ليقفز أمامها تاركًا قدمه فقط هي المتحكمة في سير السيارة، بعدما وضع ذراعه الأيمن حماية لها، توقفت السيارة أثر الاصطدام القوي، وفقط اصوات انفاسهما هو ما يُسمع في ظل الصمت القائم، عاد لمقعده بأنفاس هادرة، ونظر لها يسألها من بين أنفاسه:

_ أنتِ كويسة؟

كانت لازالت تحت صدمة ما حدث، مشهد السيارة وهي قادمة نحوها بتلك السرعة جعلت قلبها يتوقف رعبًا، حتى أنها اغمضت عيناها في انتظار الاصطدام، وبعد ثواني لم تشعر سوى بذراعه يحيطها، وبعدها سكون تام.. فتحت عيناها لترى نصف جسده العلوي امامها تمامًا وجانبه يقابلها، وبعدها عاد لمقعده، وهي مازالت تحت وطأة الصدمة وعدم الاستيعاب.

_خديجة!

نبهها وهو يهزها بيده قلقًا بعدما لم يحصل منها على جواب، لتنتبه له فقالت برجفة ظهرت في صوتها:

_ نعم؟

_ أنتِ كويسة؟

تنهيدة عميقة تبعها اجابتها:

_ ايوه ايوه.. انا... انا بس اتخضيت وحاسه ان اعصابي بايظة.

زفر انفاسه بقوة وقد ارتاح لاستجابتها، ليترجل من السيارة ليراها بحالة أكثر من سيئة، فتقريبا فقدت مقدمتها تمامًا واصبحت مجرد بقايا، عاد اليها بعدما فتح باب السيارة وبدأ بجمع متعلقاته يقول:

_ مش هينفع نمشي بالعربية الكبوت متدمر، خلينا نشوف تاكسي يروحنا.

ترجلت هي الأخرى بعدما سحبت حقيبتيها لتجد بعض الناس يقتربون منهم للاطمئنان عليهم، وخرج صاحب المحل الذي اصطدمت به السيارة ايضًا، ليقول له "مراد" :

_ هبعتلك حد يصلح ازاز المحل ولو في اي خساير تانية.

ليقول الرجل بصدق:

_ يا بني ولا يهمك المهم انكوا بخير ربنا يسترها على الجميع.

وانسحبا مستقلين احد التاكسي ليوصلهم لوجهتهما.

********
كانت ترتب الفراش بعدما انتهيا من الغداء ورحلت والدتها التي كانت زيارتها ثقيلة حتى انها دعت الله ان ترحل في كل لحظة، فلقد تعمدت ان تجبرها على اعمال الولاء والطاعة له كما ترى هي..
"حطي لجوزك بط يا فريال" "قربيله الماية" "ما تغرفيله الوكل يا بتي" "وه ما تجومي ورا جوزك يمكن يحتاج فوطة تناوليهاله ولا حاچة" وامور اخرى من هذا القبيل.. وهي لم تستطع سوى التنفيذ مرغمة، حين سمعت باب الغرفة يفتح، ابتعلت ريقها بتوجس قلقة من وجوده، فهي لا تأمن افعاله، ظلت ترتب الفراش كما هي ولم تلتفت له حتى، لتسمع صوته القاسي يسألها:

(بكِ أحيا) ناهد خالد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن