" لحظة"

653 73 6
                                    

الفصل الثامن عشر ج٢
"لحظة"
الحصان والبيدق
بكِ أحيا 2

"هي لحظة بين أن تحجز لنفسك مكانًا، أو تضع مكانتك تحت أقدام الجميع.. هي لحظة إما أن تغتنم فيها الفرصة أو يكن حظـك تعيسًا، بين الانتفاضة والسكون.. لحظة، وبين التقدم والتراجع.. لحظة، القرار يؤخذ في لحظة ولكن قد يترتب عليهِ كل ما هو قادم في حياتك.. فلا تستهين باللحظة وضع لها ألف حساب "

واللحظة أتت الآن..

في أوج ثوران الجميع وبين مؤيد ومعارض، أتت اللحظة التي ستثبت فيها ذاتها، تعلن أنها صاحبة شخصية وحق، ألا تتركهم يقرروا مصيرها وما عليها فعله كما يحدث دومًا، هي إنسانة حرة.. ذات عقل وهبها الله إياه لتقرر بهِ ماتريد وما لا تريد، وكما أخبرتها "خديجة" ذات مرة في محادثة لهما " متبقيش زي العروسة اللعبة يحركوكي زي ما هم عاوزين، أنتِ طول عمرك سامحة ليهم يحركوكي على مزاجهم، يخلوكي تعملي اللي هم عاوزينه حتى لو ضد رغبتهم، من حقك تعترضي وتقرري انتي عاوزه ايه، اعملي لنفسك كرامة يا فريال، وكرامة الإنسان من أنه ميسمحش لحد يتحكم فيه"

هل لها أن تقف الآن في وجههم وتعلن عن ذاتها، وتثور لكرامتها؟ لها، ولكن التردد والخوف يقيدنها، تجلس بكرسيها وعيناها تنتقل بين طرفي النزاع،" ابراهيم" و" سُرية"، الأول ثار ما إن سمع بوصية والده، رافضًا توريث " فريال وخديجة"، و الأخيرة انتفضت رافضة رغبته مدعية أن الوصية واجبة التنفيذ! و "باهر" يجلس كما هو لم يحرك ساكنًا، لم يتلفظ بحرف، ولم يحاول ايقاف النِزاع، و"رباح" مثله تمامًا..

بوجه محمر، وعروق نافرة، وقف ولأول مرة مواجهًا لعمته، لأول مرة يختلفا، ولكن الخلاق ليس بهين، وعلى أمر ليس هينًا ابدًا، وتحت اصرار كل طرف بوجهة نظره، اشتد النِزاع، وعلت الاصوات، ليردف بعصبية مشتعلة:

_ من ميتى الحديت ده يا عمتي؟ دلوجت بتجولي وماله ما يورثوا ووصية! مش أنتِ اللي طول عمرك شايفه ان البنات ملهماش حج لا في ورث ولا في علام!

رفعت حاجبها الأيسر برفض واضح:

_ وميتى جولت انهم ملهمش حج في ورث؟ مانا خدت ورثي من ابوي زمان، ليه دلوجت يتحرموا من حجهم؟

طاح بها غاضبًا:

_ مش حجهم، ده ورث ابوي.. ورثي وورث اخوي، حجهم كيف؟ ملهمش حج في مال ابوي.

وخرجت "رباح" عن صمتها اخيرًا وهي تقول بهدوء تام:

_ ابوك بيعوض خديجة عن حج ابوها، لان عمك زمان مخادش حجه من ورث جدك، وعمتك تشهد على الحديت ده،

التف لها بملامح متجعده ساخره:

_ وست الحسن والجمال، بتاخد حج مين!؟

انتفضت "فريال" بخفة حين اشار عليها، لتبتلع ريقها بتوجس تتابع رد "باهر" بالنيابة عن "رباح" :

(بكِ أحيا) ناهد خالد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن