"حاسة سادسة!"

1.2K 142 31
                                    

الفصل السابع والعشرين "حاسة سادسة!"

جالسة أمامه في ذلك المطعم الراقي الذي أتيا إليهِ لتناول الطعام, شحوبها وتبدل حالتها المزاجية على عكس المعتاد هو ما دفع فضوله للتحرك متسائلاً عن سبب حالتها هذه, ولعلَّ علاقتهما التي توطدت قليلاً في الفترة الأخيرة هي ما اعطته الجرأة لسؤالها عن ما أصابها, فلم يمنع لسانه من السؤال وهو يسألها:

- أنتِ كويسه؟ حاسس في حاجة قالبة مودك, وبعدين مش حاسس انك كنتِ في المستشفى بتزوري مريضة.

رفعت عيناها عن طبقها الذي كانت تعبث بهِ, ونظرت له لدقيقة تقريبًا بلا أي حديث, حتى أن نظرتها وترته, بدت شاردة بنظراتها لحظة وتفكر لحظة أخرى, ولا يعلم أكان سؤاله يستحق كل هذا التفكير؟ كاد يسحب سؤاله شاعرًا بتسرعه في طرحه, علّها لا تريد إخباره, فلِمَ تطفل لهذا الحد؟! لكنها اوقفته وهي تقول بنبرة هادئة تمامًا وكأنها لا تلقي على مسامعه خبر فاجع الآن!

- أنا عندي الحاسة السادسة.

نظر لها لثواني وكأنه يستشف إن كانت تمزح أم تتكلم بجدية! وصمود ملامحها وثبات نظراتها أكدت له أنها لا تمزح, ولكن لِمَ يجعلها هذا واجمة لهذا الحد؟! استند بمرفقيهِ على الطاولة أمامها وهو يعقب باستغراب:

- لو بتتكلمي جد, ليه مضايقة! دول بيقولوا الحاسة السادسة دي هبة من ربنا!

هزت رأسها باستنكار وهي تخفض عيناها لوهلة تستعيد ثباتها, قبل أن ترفع رأسها له وهي تخبره بنبرة بدت سخريتها:

- دي لو زي مانتَ فاهم, قولي تسمع ايه عنها؟

تنحنح واعتدل في جلسته حين وصلت إليهِ سخريتها التي شعر بأنها تخفي ألمًا ما خلفها, فتحدث بجدية أكثر وهو يخبرها:

- الموضوع له علاقة بالطب النفسي أكتر, بس أنا سمعت عنه أيام الكلية, هي ممكن تبدو للبعض خرافة, لكن هي واقع بيحصل مع بعض الناس, وهي انهم بيشوفوا الحاجة قبل ما تحصل, أو بيحسوا بيها, تنبؤ يعني سواء كان بدليل زي حلم أو رساله من اشخاص مجهولة, أو من غير دليل زي مجرد إحساس, والموضوع كان غريب بالنسبالي لدرجة إني بحثت عنه وقتها وحبيت اعرف رأي الدين فيه كمان, وعرفت انه هبة من ربنا, ومش حرام مادام الانسان مسعاش ليها زي حوار الروحانيات والكلام ده, وحصلت مع واحد صاحبي مرة, حلم ان اخته حامل رغم ان الدكاترة اكدوا أنها مستحيل تخلف, وفعلاً بعد يومين عرفوا انها حامل وكانت معجزة وقتها, فعشان كده مستغرب ضيقك للدرجادي.

لم تعقب على استغرابه وهي تخبره بابتسامة مُرهقة:

- أنا مكنتش بزور مريض في المستشفى, أنا كنت بزور ميت في المشرحة.

عقد ما بين حاجبيهِ باندهاش وهو يسألها:

- قريبك؟

التواء ساخر ظهرَ من جانب فمها وهي تجيبه:

(بكِ أحيا) ناهد خالد Donde viven las historias. Descúbrelo ahora