◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 14

63 4 2
                                    

" و كيف استطعتِ جعل نظراتي الحاده خاضعه أمام عيناكِ ؟ "

-

" فاليريو "

دخلتُ إلي غرفتي و أنا اترنح من شده الأرهاق ، صباح اليوم كان حافل بالعمل ، و ليلي كله أمضيته في قياده دراجتي بصحبه راسيل ، لستُ من النوع الذي يشعر بالإنهاك سريعا ، و لكن تلك الفتره أصبح ألم الرأس مرافقني كـ صديق وفي .. أوفي حتي من إيريك .
خلعتُ سترتي ثم ألقيتها علي الأريكه بإهمال و توجهت ناحيه غرفه الملابس ، مددتُ يداي خلف رقبتي أحل عقده السلسال ثم نزعته و وضعته في كف يدي ، نظرتُ للحروف المكتوبه علي دلايه السلسال ، كانت حروف إنجليزيه صغيره للغايه تُري بالعين المجرده بصعوبه ، و لكنني كنت أستطيع قرائتها بوضوح .. " زيوسيا " ، هذا ما كُتب علي الدلايه ، كانت أمي هي أول شخص يدري بشأن رؤياي و الوحيده بـ استثناء إيريك ، و لأنها كانت مولعه بالروايات و الأساطير القديمه فـ كانت مؤمنه بـ رؤياي أكثر مني حتي ، كانت دائما تحاول أقناعي انها ليست مجرد رؤي طبيعيه و انما تخفي ورائها مغزي ، و في عيد ميلادي الثاني عشر أهدتني ذلك العُقد ، لم أفهم وقتها ما المكتوب علي الدلايه و أخذ مني الأمر وقت طويل لـ قرائته حتي أخذت تشرح لي معني المكتوب ، " زيو " هي أول ثلاثه حروف من اسم " زيوس " ، و " سيا " هي آخر ثلاثه حروف من اسم " مارسيا " ، فـ اذا جمعناهم في كلمه واحده اصبحت " زيوسيا " ، و منذ أن اهدتني ذاك العُقد و أنا لم أخلعه في حياتي سوي قبل الاستحمام ، أي أنني أرتديه منذ عشرين عاما !
وضعتُ السلسال في أحد الأدراج ثم خلعتُ قميصي لأقف عاري الصدر ثم مسحت علي رأسي بـ تعب ، لم أري حتي ما الذي سأرتديه فقط أخذت يدي أول بنطال مريح امتدت ناحيته ، لستُ من هؤلاء الرجال الذين يفضلون الجلوس في المنزل و هم يرتدون بنطال و قميص ، عاده ما أكتفي بـ بنطال و لأبقي عاري الصدر كما أشاء فـ لا يأتي أحد للبيت سوي إيريك الذي يأتي دون سابق انذار و هو يسحب حقيبته خلفه و يجلس بالغرفه التي خصصتها له في منزلي ، ليأخذني الله قبل أن أفكر في تخصيص أي شيئ له مره أخري ، عدا ذلك فـ لا يوجد أحد في المنزل سواي و روليا .
و علي ذكر روليا ، شعرت بيداها الصغيرتان تتعلقان في عنقي بعدما توقفت علي الكرسي الموضوع خلفي ، ابتسمت بـ و هن و انا التفت لها و ما زلات يداها تطوق عنقي ، طبعتُ قبله صغيره علي وجنتيها و انا أري عينيها الناعستان كما عيناي : 
_ لما لم تنام صغيرتي إلي الآن ؟
_ كنتُ في انتظارك ، هناك موضوع في غايه الأهميه يجب علينا الحديث بشأنه .
رفعت ملامحي بـ دهشه و انا أتصنع الجديه كما تفعل هي :
_ و ما هو ذلك الموضوع شديد الخطوره الذي جعلكِ مستيقظه حتي طلوع النهار ؟
تحمحمت و هي تبعد يداها عن عنقي ثم بدأت تعيد خصلات شعرها الأشقر للخلف :
_ في الواقع يوجد الكثير ، و لكن دعنا نخصص موضوعين نتحدث بشأنهم اليوم ، و غدا نتحدث في موضوعين آخرين و هكذا .
همستُ لها و أنا أجعد ملامح وجهي محاولا أن أبدو جاد للغايه :
_ و هل المواضيع التي علينا الحديث عنها كثيره للغايه ؟
أومئت و هي تعدل من وضعيه ملابسها :
_ نعم هي كذلك .
_ ما رأيك أن أذهب أولا للإستحمام ثم نتحدث في مواضيعك المهم تلك ؟
نفت برأسها و هي تأخذ البنطال من يدي و ألقته أرضا بحركه غاضبه :
_ لا ، سنتحدث أولا .
_ ليا انا أتصبب عرقا .
_ تتصبب عرقا في منتصف ديسمبر ؟ هذا غريب .
علمتُ أنني لن أصل معها لحل متوسط ، لذا جلستُ علي الأريكه الجانبيه الموضوعه في غرفه الملابس ، هبطت من علي الكرسي ثم وضعته أمامي و جلست عليه كـ قاضي يجلس أمام متهم :
_ لا أعرف من أين أبدأ الصراحه ، هل ابدأ من الضماده الملتفه حول ذراعك ، أم ابدأ من تلك المرأه التي كانت تجلس معك انت و عمي إيريك في بهو المنزل ليله أمس ، أم أبدأ من هذا ؟
قالتها و هي تشير إلي زاويه الغرفه ، لم أفهم مقصدها لتتجه سريعا ناحيه المكان الذي كانت تشير ناحيته ، ثم أخرجت كيس اسود بلاستيكي متوسط الحجم كان موضوعا بين ملابسي ، لم أكن أعلم حتي ماهيه ذلك الكيس ، بالتأكيد ليس أسلحه لأنني أضعها في خزينه موجوده في غرفه في المنزل و لن تستطيع ليا او أي شخص آخر الوصول إليها سواي ، تمعنت في الكيس أكثر .. و بالتأكيد تلك ليست جثه ، فـ أنا لا أحمل الجثث الي المنزل ، ثم هي ترفع الكيس بسهوله و تض..
قطعت حبل أفكاري و هي تفتح الكيس ثم ألقت ما بداخله علي الأرض أمامي ، لم استطع تبين هويه الشيئ الملقي ارضا امامي حتي رفعته روليا تستعرضه أمامي .. كان معطف أبيض .. معطف راسيل !
_ ذلك المعطف وجدته صباح اليوم أسفل الطاوله ، هل تري الدماء الموجوده عليها ام أقرب المعطف من وجهك أكثر حتي تراها بصوره أوضح سيد ريو ؟
ريو .. ذلك الاسم البغيض الذي تناديني به ، و كأنها تتكاسل عن نطق اسمي كاملا فـ تكتفي بـ مناداتي بـ ريو بدلا من فاليريو ، ولما عساها تناديني بـ اسمي بدلا من أبي ؟ علي كل حال أُحب ان تتعامل معي بلا قيود ، لست أبا صارما كما تزعم !
_ ذلك معطفي ، و ملطخ بالدماء لأنني جرحت ذراعي ليله أمس عن طريق الخطأ ، و لهذا أضع ضماده عليه ، و هكذا نكون انتهينا من جميع المواضيع الخاصه بالليله و الآن سأذهب للاستحمام .
قبل ان أقف دفعتني بكامل قواها لأقع علي مقعدي مره أخري ، افكر الآن أن أفتح النافذه التي تقبع خلفها تماما و ألقيها منها .
_ أولا ، المعطف ليس ملكك ، جميع معاطفك اما سوداء أو باللون الرمادي ، و هذا المعطف باللون الأبيض ، و انت لا تمتلك أي ملابس بيضاء سوي بعض القمصان ، أنا أحفظ جميع ملابسك جيدا !
تحليل دقيق للغايه ، بالفعل لا أمتلك ثياب ذات ألوان فاتحه سوي القمصان ، حتي أنني نسيت ذلك !
_ و ما ثانيا ؟
_ ثانيا ، المعطف خاص بـ امرأه .
ضحكتُ بـ استخفاف ظاهري و انا أمسح حبات العرق القليله التي بدأت تتسلل بخفه إلي جبيني و انا أشعر أن درجه الحراره ترتفع حقا :
_ و كيف علمتِ أنه معطف امرأه ؟
امسكت روليا المعطف ثم وضعت يديها في احدي جيوبه الداخليه ، ثم اخرجت منها شيئ صغير بحجم اصبع اليد و وضعته أمام عيناي مباشره :
_ ان كان هذا معطفك ، فـ هل في العاده تحتفظ في جيوبك بـ أحمر الشفاه ؟
نظرتُ لأحمر الشفاه الخاص بـ راسيل بـ عجز ، و الآن أفكر بكل جديه أن آخذ روليا لتعمل معنا في المافيا بعد تحليلاتها التي لا تناسب عمرها بالمره ، نظرتُ الي الأرض و انا أضحك بـ قله حيله و قد تمكن النعاس مني بـ شكل كبير .
_ ليا .. أعدك أنني سأجيب علي جميع اسألتك ، و لكن دعيني أولا أذهب للإستحمام علني اتخلص من ألم الرأس .
هبطت من علي الكرسي ثم وقفت أمامي و وضعت يدها الصغيره أعلي جبيني تتلمسه بـ رقه و يدها الأخري تزيح خصلات شعري للخلف :
_ هل أنت بخير ؟
حملتها ثم خرجت بها الي غرفتي و انا ابتسم لها بـ صعوبه ، وضعتها علي فراشي ثم وضعتُ وساده خلف رأسها أساعدها علي الإستلقاء :
_ انا بخير .. سأذهب للاستحمام و سأعود للحديث معكِ .
_ نعم نعم بالتأكيد ، اي نوع من الآباء أنتَ ؟ لا تراني حتي أثناء يومك سوي في مده لا تتخطي الساعه ، اجبني بصراحه انت تحب عملك أكثر مني صحيح ؟
وضعتُ قبله أعلي رأسها ثم دثرتها أسفل الغطاء و أنا اقول :
_ أعدك غدا لن أذهب للعمل سوي في وقت متأخر و سنقضي النهار بطوله سويا ، و لا .. لا يوجد شيئ يُضاهي حبي لكِ حتي و ان كان عملي .
بدا عليها الرضا و هي تعتدل علي الفراش ، تركتها بسرعه قبل أن تبدأ في الحديث مره أخري و توجهت للحمام لأستعد للإستحمام .
بعد مده قصيره خرجتُ من الحمام و انا اطوق خصري بـ منشفه سوداء و منشفه أخري أصغر أجفف بها شعري ، ألقيت نظره علي ليا لأجدها قد غطت في النوم لأشكر ربي في سري ثم توجهت ناحيه غرفه الملابس آخذ منها البنطال الذي ألقته ليا أرضا ، تناولت بنطالي و ما زلت أجفف شعري بالمنشفه ، انتهيت ثم ألقيت المنشفه علي احدي الأرائك و من ثم أرتديت السلسال مره أخري .. أشعر و كأن النعاس تطاير من عيناي ، و كأنني لم أكن تلك المومياء التي تتحرك بصعوبه من شده النعاس منذ قليل ، أخذتُ عُلبه سجائري و الحاسوب و توجهت به الي الشرفه الكبيره الموجوده في غرفتي ، أغلقتُ باب الشرفه الزجاجي ثم ألقيت نظره متفحصه علي روليا لأجدها ما زالت نائمه لذا جلستُ علي كرسي مجاور للطاوله الموضوعه في الشرفه ، أشعلت سيجارتي ثم وضعتُ الحاسوب علي الطاوله و أنا ابدأ في العمل المتراكم علي ، ليا محقه .. أنا فعلا مهووس بالعمل !
بعد فتره قليله انتهيت من نصف علبه السجائر ، عندما ابدأ في التدخين لا يستطيع أحد إيقافي ، فـ ربما أدخن أكثر من ثلاثه عُلب دون أن أشعر ولا أتوقف الا عندما ينتهي عملي ، أغلقتُ علبه السجائر و قد بدأتُ أشعر بالملل منها .. لا أنا أكذب ، في الواقع انتهي غاز " البوتان " من القداحه و تكاسلت عن ملئ القداحه بالغاز مره أخري ، وضعتُ الحاسوب أعلي فخذاي بعدما مددتُ قدماي بـ أريحيه أعلي الطاوله ، جيد .. انتيهت من التدخين ، ليعود النعاس سريعا مره أخري ، و كأن جميع أعضائي أستجابت لنداء النوم ، فـ غفوت علي الكرسي و لا زال الحاسوب يتوسط قدماي .
رُدهه كبيره محاطه بـ أسوار عاليه مدهونه باللون الأبيض الناصع ، أرض لامعه كـ الزجاج من اللون الأبيض أيضا و تمتد للأمام علي مسار واسع ، كانت الردهه خاليه من أي أثاث و كانت ناصعه البياض ، خرب بياضها بعض القطرات ذات اللون الأحمر القاتم التي انتشرت علي الأرضيه و الأسوار التي تحيط بالردهه ، و في بقعه معينه من تلك الأرض تراكمت تلك القطرات حتي ارتفعت عن مستوي الأرض بعده انشات ، فجأه و عند مرمي البصر ظهرت سيوف ملقاه علي الأرض و بجانبها أجساد متكومه بفوضويه ، أجساد لرجال ضخام البنيه بعضهم منحور عنقه و البعض الآخر يخترق سيف قلبه . 
خناجر و سيوف ملقاه هنا و هناك و قطرات الدم من كثرتها حتي انها طالت سقفيه الردهه بالرغم من ارتفاعها الشاهق ، أبعدتُ نظري قليلا لأري تجمع من الرجال يرتدون الأسود و مسلحون بـ سيوف و خناجر عديده ، كانوا يجتمعون علي شكل دائره و كأنهم يحيطون شيئا ما و يخفونه عن الأنظار ، و من بين تجمع الرجال و السواد المهيبفي ذل المنتشر بينهم كانت تقف فتاه ترتدي فستان أبيض اللون في وسطهم ، كانت تضع قطعه قماش تشبه الشال فوق رأسها تخفي بها شعرها ، اقتربت منهم ببطئ شديد و انا انظر لسكونهم و كأنهم تماثيل ، عدا الفتاه التي كان جسدها يهتز بشكل اقرب للتشنج و كأنها تبكي بصوت غير مسموع ، اقتربت أكثر و انا أركز حدقتا عيناي علي الفتاه حتي توقفت خلفها تماما ، هدأت حركتها قليلا لتلتف لي بهدوء و يتبين لي ملامح وجهها ، خصلات شعرها الأحمر منسدلها علي وجهها بشكل فوضوي و الدماء لطخت وجهها الابيض و كذلك فستانها شديد البياض ، لم تستطع قطرات الدماء أخفاء النمش الخفيف المتناثر علي وجهها خاصه أسفل عينيها ، نزلت دموعها ببطئ بينما تنظر إلي و عينيها متشبعه بـ لون أحمر كـ الدماء ، كنتُ انظر لجسدها بـ قلق أتفحص من أين تخرج الدماء من جسدها ، أمسكت بيداي لتلطخها بالدماء بينما دموعها لا زالت تنهمر علي وجهها ، نفت برأسها و كأنها أدركت انني أبحث عن ما اذا كان أي مكروه قد وقع بها ، ابتعدت قليلا عن المكان الذي كانت تقف به لتسمح لي بالرؤيه ، ثم أشارت الي الشيئ الذي كان يحيطون به الرجال و كأنها تلفت انتباهي اليه ، ابعدتُ نظري عنها بـصعوبه ثم نظرت لذلك الشيئ الذي كانو يخفونه .
في تلك الجزئيه من الأرض انتشرت الدماء بـ شكل كبير حتي انها كونت برك صغيره علي الجوانب ، و في المنتصف تماما كان هناك جسدا لـ رجل يركع علي الأرض و رأسه موجه للأسفل ، كان يبدو و كأنه فقد كل قواه و لم يعد يستطع الدفاع عن نفسه ، كانت الدماء تخرج منه بغزاره و لكن لم أستطع تحديد المكان الذي تخرج منه الدماء ، كان يقبض علي كف يديه الأيمن بقوه و كأنه يخفي شيئا بداخله ، نظرت لكف يديه فـ قام بفتحها لأري سلسال بالون الأسود في نهايته ميداليه فضيه .. ميداليا كتب عليها " زيوسيا " تماما كـ التي أرتديها ، رفع وجهه بهدوء ثم نظر الي بعينيه الخضراء التي لم تسلم من الدماء لتدخل بعض القطرات بداخلها ، استطعت تبين من أين تخرج الدماء ، عنقه كان منحور من بدايته و حتي نهايته ، و الدماء تنفجر منه علي هيئه شلالات كثيفه ، نقل بصره الي الفتاه ذات الرداء الأبيض ، و كنتُ أنقل بصري بينهم و انا أشعر بثقل أنفاسي ، عيونه الخضراء كانت محدقه بعينان الفتاه العسليتان ، فجأه و بدون سابق انذار ، التفت احد الرجال و وضع خنجره في منتصف معدتي .
استيقظتُ من النوم و شهقه عاليه صدرت مني و انا أجد صعوبه في التقاط انفاسي ، كان جسدي يتصبب عرقا و كأنني كنتُ أركض علي آله الركض ، وضعتُ يدي علي معدتي أتفقدها و بالطبع لم أجد اي أثار لطعنه او ما شابه .. لقد كان كابوسا !
اعتدلتُ في جلستي علي الكرسي ، لا زلتُ أجلس علي الكرسي في شرفتي ، أدرتُ رأسي لأري روليا نائمه علي فراشي و ظهرها موجه ناحيتي ، جميع الإشارات تدل علي أنني لازلتُ في غرفتي ، ذلك كان كابوس و حسب .
لازالت دقات قلبي مرتفعه و جسدي يتصبب عرقا ، نهضت بصعوبه من علي الكرسي و انا أشعر بأن قدماي تعجز عن حمل بقيه جسدي ، توجهت للحمام الملحق بالغرفه و انا أركض ناحيه الحوض ، فتحتُ صنبور المياه و وضعت رأسي أسفله لأسمح للمياه بالهطول علي رأسي بالكامل ، وضعتُ يداي اسفل الماء و أنا أبللها ثم أمسح علي ظهري و صدري ، أغلقتُ الصنبور بعد فتره و صدري يهبط و يرتفع بسرعه و أنا أحاول تنظيم أنفاسي ، نظرتُ لنفسي بالمرآه و أنا أحدق بعيناي الخضراء .. نفس العينان التي كانت ممتلئتان بالدماء ، لقد شاهدت الدماء و هي تخرج من عنقي بغزاره ، الرجل الذي كان منحور العنق في ذلك الكابوس .. كان زيوس ، و الفتاه صاحبه الفستان الأبيض التي كانت تبكي .. كانت مارسيا ، و للدقه من كان في الحُلم كان أنا فاليريو و راسيل أيضا !
وضعتُ يدي علي عنقي أتحسسه ولا زلت انظر لنفسي بالمرآه ، خرجتُ من غرفتي لأقف في مكاني فجأه و قد خطر لعقلي شيئ غريب ، أخذتُ هاتفي لأري الساعه لأجدها السادسه و النص صباحا ، تبقي ساعاتان و نص علي موعد العمل ، حسنا سأتجاهل تلك الفكره التي تدور بـ رأسي و سأخلد للنوم منتظرا ان تمر تلك الساعاتان بسرعه .
و بالفعل جلستُ بجانب روليا ثم رفعت الغطاء فوقنا و هبطتُ بجسدي لأنام بجانبها ، وضعتُ رأسها فوق ذراعي و حاوطتها بالذراع الآخر و كأنني أمتص قوتي منها ، أشياء كثيره كانت ستتغير لولا وجود روليا في حياتي ، لستُ راجل صالح يسير في الأرجاء و حقيبته تحتوي علي كتابه الديني ، انا فقط رجل يسير و هو يحمل سلاحه و الخطيئه تلاحقه اينما كان ، و لكن لا يوجد إنسان مهما وصل به الأمر من قسوه و فُجور قد ولد هكذا ، جميعنا كُنا أنقياء لا نحمل اي كره أو بغض في قلوبنا تجاه اي شخص ، فقط تأتي عاصفه قويه لتقوم بمحي تلك الصفات الجيده جميعها ، و تضع مكانها أخري سيئه تحمل الدنس بداخلها ، العاصفه التي حولتني الي ذلك الرجل الدنيئ هو موت أمي ، و لكن بعد العاصفه قد يظهر خيط من الشمس ليلطف الأجواء مزيلا منه بعضا من اثار العاصفه ، و روليا كانت خيط الشمس الوحيد ظهر بعد عامين من وفاه والدتي و دفعني للإستمرار في الحياه ، هي الوحيده التي استطاعت زرع بعض الخصال الجيده بداخلي دون أدني علم مني أو منها ، وجدتُ نفسي دون سبب أشعر و كأنني احمل مسؤليه علي عاتقي ، أدركتُ أن يوجد شخص بجانبي و من الواجب علي أن اتأكد دائما من حمايته و سلامته ، ادركت ان هناك شخص يستحق ان أبذل مجهود كي اكون شخص افضل .. علي الاقل في نظرها هي ، و بـ نفس الوقت لم أكن ذلك الأب الذي يرفه أبنائه و يأخذهم للملاهي او ما شابه ، بل كنتُ الأسوء في هذه النقطه ، لم أدع روليا تخرج من المنزل نهائيا سوي للمدرسه ، لا حديث مع الغرباء ، لا خروجات عائليه ، لا نزهات ، لا أماكن ترفيهيه ، فقط لا و ألف لا ، و لم تعترض هي ، بل كل ما كانت تطلبه هو حصولها علي حقها كـ أي فتاه طبيعيه و هو تخصيص بعض الوقت للمكوث معها ، لم يكن لديها أصدقاء مما جعلها وحيده طوال اليوم ، حتي في وقت الغذاء لا أكون معها ، لذا أن كان هناك شخص يستحق أن أحتفظ ببعض من الصفات الجيده بداخلي ، سيكون روليا فقط .
بعد نص ساعه نهضتُ من علي الفراش بتأفف و لم أستطع النوم ، سرتُ في الغرفه ذهابا و إيابا لا أعرف ماذا أفعل ، حتي حسمتُ قراري و قررت مهاتفتها ، لذا أخذت هاتفي و قُمت بالإتصال بها منتظرا أن تجيبني ، لا اريد شيئ ، كل ما أريده هو التأكد ان كانت بخير ام لا ، لم أكن أعطي تلك الأهميه الكبيره لرؤياي من قبل ، و لكن الآن الأمر تغير .
_ مرحبا ؟
_ راسيل .. أعتذر لأنني أيقظتكِ من النوم .
_ لقد أستيقظتُ منذ دقائق علي أيه حال .
_ إذا هل أنتِ بخير ؟
_ نعم انا بخير ، لما تتنفس بسرعه هكذا ؟
_ لا شيئ ، فقط ذهبتُ للركضِ قليلا .
_ جيد ، هل تريد شيئ؟
_ نعم نعم .. في الواقع .. كنتُ أريد .. ملفات المتدربين .
_ ملفات المتدربين ؟ لما ؟
_ أحتاجها ، هناك شيئا علي الإطلاع عليه .
_ ان كنت منشغلا يمكنك أن تخبرني ما هو هذا الشيئ و سأتفقده من أجلك .
_ أفضل فعل هذا بنفسي .
_ حسنا علي كل حال لم آخذ الملفات معي ليله أمس و تركتها بالمكتب .
_ حسنا إذا ، الي اللقاء .
_ فاليريو .. هل لي بطلب صغير ؟
_ بالطبع ، ماذا تريدي ؟
_ أريد ان أتأخر عن العمل ساعتين ، سأكون هناك في الحاديه عشر ، ولا تقلق سأتصل بـ السكرتيره و آمرها أن تجعل أحد يأخذ مكاني في هذه الفتره .
_ لا بأس يمكنكِ أخذ اليوم بأكمله إجازه ، هل أنتِ بخير ؟
_ نعم أنا بخير ، و لكن هناك أشياء مهمه يجب علي شرائها للمنزل بعد عده ساعات ، و شكرا لكَ لا أحتاج سوي ساعتين فقط لأنتهي مما سأفعل ، حسنا آيلا تناديني سأذهب لأري ماذا تريد ، وداعا .
_ وداعا .

◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 Where stories live. Discover now