البارت السابع _حِطام_

11 1 0
                                    

عينيها البنية قد تجمعت في داخلها الدموع وتراكمت ، كانت تنظر بجمود لسقف غرفة المشفى الابيض والممرضة بجانبها تمسح بالمعقم على جروح جسدها من الاعلى فبعدما فقدت وعيها أحضرها مايكل وجوردن إلى المشفى ليقوموا بتضميد أصابعها بالشكل المناسب واعادتها لوعيها ومعالجة جروحها الظاهرية بينما هي تأن بألم من قلبها!! من التعب النفسي الذي سيحصل!!..
-
"زال البأس يا آنستي" أخرجتها الممرضة من شرودها عند قولها هذا لتومئ برأسها فقط فتخرج الممرضة ، مرت دقائق ودخل عليها مايكل ليقف أمام الباب ويلقي نظرة على حالتها فيغمض عينيه بقوة ويكور قبضته بقهر ولكنه سرعان ما تدارك نفسه فأرخى يده وفتح عيناه ثم اتجه نحوها وجلس بجانبها وقبل أن ينطق بأي كلمة سمعها تقول له بخفوت:"خذني إلى المنزل"
-
أجابها بهدوء تام:"لا يمكن الآن ، عليك أن ترتاحي.. على الأقل حتى ينتهي المصل"
-
نظرت له بدموع واكملت بنفس نبرتها:"خذني إلى البيت يا مايك رجاءً ، لا اريد البقاء في المشفى.. إني لا أطيق رائحتها ولا البقاء بها ولا منظر الأطباء والممرضات!! خذني إلى البيت مع المصل حينما ينتهي ننزعه هناك"
-
زفر مايكل بعمق ثم قال بعد تفكير دام لدقائق:"حسنا يا ابنتي سأخرجك.. دعيني احل إجراءات خروجك واعود"
-
شعرت بالرعب يكتسح قلبها حينما قال أنه سيخرج لتمسك بذراعه الخشن بيديها بقوة وتشد عليها ثم تقول بدموع وذُعر:"كلا كلا ، لا تذهب يا مايكل كلا!! ابقى بجانبي ارجوك لا تخرج"
-
فهم حالة خوفها ليمسك يدها ذات الأصابع المتكسرة ويرخيها عن ذراعه ثم يبعدها قائلا بهدوء:"حسنا حسنا اهدئي ، لن اخرج.. فقط دعيني أنادي جوردن ليحل هو الأمور!"
-
نفت برأسها وهي تبكي وتنظر بخوف وتشد بيدها السليمة على ذراعه وتغرز أظافرها وكأنها ستقتلع جلده ليزفر هو بقلة حيلة ثم يرفع صوته مناديا جوردن فدخل الآخر الذي كان واقفاً أمام الباب وهو يقول:"هل ناديتني يا مايك؟؟"
-
مايكل:"نعم ، جو.. تعال وخذ محفظتي واذهب لتحل إجراءات خروج بيراي ، سأخذها للمنزل"
-
ابتسم صديقه وقال:"حسنا يا أخي ، لا داعي لمحفظتك.. أنا احلها"
-
قال هذا وخرج من الغرفة مجددا واتجه ونفذ ما طلبه مايكل ثم عاد وأخبره ليأخذا بيراي ويعودان للقصر... في الجهة الاخرى ، عند بطلتنا التي كانت تجول الصالة ذاهبا وإياباً وهي في قمة قلقها وخوفها فقد حل الصباح ولم يأتِ أي خبر عن بيراي أو مايكل.. توقفت عن المسير حينما رأت سارا التي كانت قد احمرت عيناها من البكاء والتعب فاقتربت منها وامسكتها لتنظر لها الاخرى وتسألها بتعب ودموع:"ألم يأتِ أي خبر بعد؟!"
-
تنهدت كلوي مجيبة إياها:"كلا يا حبيبتي لم يأتِ بعد مع الاسف ، هيا عودي لغرفتك واكملي نومك وحينما يأتي أي خبر اقول لك فوراً"
-
انسابت دموع سارا على وجنتيها مجددا ووضعت رأسها على كتف كلوي التي أخذت نفسا عميقا محاولة كبت دموعها وهي تقوي نفسها ثم لفت يدها حول رقبتها والاخرى حول خصرها واخذتها لغرفتها لتمددها على السرير ثم تغطيها وتجلس بجانبها تنظر لها بحزن وتضع نفسها مكانها مما جعلها تحزن اكثر فتخونها دمعة سخية سقطت من عينها سهوا...
-
بينما كانت على تلك الحال سمعت صوت الباب يُفتح لتنهض بسرعة خارجة من الغرفة وتتجه نحوه فترى بيراي بين مايكل وجوردن اللذان كانا يسنداها فقالت بفرح يشع من عينيها:"بيرااي!!!"
-
هرعت لها بعد قولها هذا وعانقتها وهي تزفر براحة وتشكر ربها على سلامة أختها فنظر مايكل لهما بابتسامة وقد شعر بالارتياح حينما جمع بناته ولكن سرعان ما انمسحت ابتسامته عندما قامت بيراي بدفع كلوي بقوة مبعدة إياها عنها حتى ارتّد جسد بطلتنا للخلف جرّاء قوة الدفعة وكانت على وشك أن تقع لولا مايكل الذي أمسك بها في اللحظة الأخيرة والجميع منصدم من ردة فعل بيراي التي قالت بانفعال ودموع:"ابتعدي عني يا هذه!! لا تلمسيني مجددا"
-
غضب مايكل وانزعج بعض الشيء من طريقة كلام بيراي مع أختها فهو لا يحب أن تخترب علاقتهم مهما كان السبب أما كلوي التي كانت مصدومة نن ردة فعل أختها فقد استجمعت نفسها فورا ثم استقامت وعدلت شعرها لتطرد ما اعتراها من توتر وتقول متفهمةً بيراي:"اعتذر يا عزيزتي ، لم أقصد اغضابك.. عانقتك بدون إدراك لأني كنتُ خائفة عليكِ"
-
تجاهلتها بيراي واتجهت نحو غرفتها وهي تسند نفسها على الحائط بيدها السليمة حتى وصلت إلى غرفتها ووقعت على السرير فورا بسبب تعبها الشديد الذي لم تعد قادرة على تحمله اكثر ، أما مايكل فقد التفت لكلوي قائلا:"اين أخواتك؟"
-
تنهدت بطلتنا بعمق واجابته:"نائمتان ، لقد تعبتا من البكاء والخوف فغطستا بالنوم لكثرة تعبهما"
-
مايكل بهدوء تام:"جيد ، وأنتِ لِما لم تنامي؟"
-
كلوي:"لم أستطع النوم ، حينما خرجتما بسرعة هكذا ودون قول شيء ازداد قلقي فبقيت انتظر أي خبر"
-
ابتسم مايكل بفخر واعتزاز بتربيته الجيدة لها وكيف استطاع تعليمها أن تكون قوية وقت الشدة وتصمد على أقدامها لتقول هي بخجل من نظراتهما الفخورة لها:"أنا سأجهز بعض الطعام لبيراي بالتأكيد هي جائعة"
-
لم تنتظر أي إجابة منهما واتجهت نحو المطبخ ليعرف مايكل سبب توترها فيقول لجوردن:"جو يا رجل! لماذا تنظر للفتاة هكذا!؟ لقد وترتها يا هذا"
-
اجابه جوردن:"من يسمعك يقول أني كنت أنظر لها نظرة زائغة!! ألا يمكنني الافتخار بتربية أخي يعني!؟ غير هذا ، أنت لم ترَ نظراتك لها ، كنت وكأنك فخورا بحبيبتك"
-
مايكل بعصبية:"أصمت يا هذا ، انها بعمر ابنتي طبعا لن انظر لها كما قلت!! أتراني الغراب امامك؟! أيا كان يااا ، لن اتشارع معك الآن لأنك أحمق.. سأذهب وارى فتياتي"
-
ضحك جوردن على عصبيته ولكنه وجد أن مايكل محقا فما كان عليه أن يقول هذا وهو يعرف أن مايكل يعتبر كلوي ابنته ليقول مبرراً موقفه:"حسنا اهدء ، أنا آسف لم أقصد ما قلته! كان جوابا لا إراديا بعد كلامك.. أعرف أن تلك نظرات فخر بابنتك وصغيرتك"
-
تنهد مايكل بعمق ومرر أصابعه بين خصلات شعره الاشقر الشائب واردف:"طبعاً هكذا ، لا يوجد أي تفسير آخر... هاا بالمناسبة ، شكرا لك يا صديقي على وقفتك بجانبي في هذه الفترة العصيبة! حقا لولا وجودك لكنت الآن ما زلت أبحث عن بيراي"
-
اجابه رفيق دربه بابتسامة مشرقة:"أنا فعلت واجبي وما يقع على عاتقي يا صديقي! أنت لديك حق كثيرٌ عليّ.. كما أنك رفيق دربي وصديقي الوحيد والقديم"
-
رفع إصبعه بوجهه وقال وهو يعقد حاجبيه:"ولا أريد أن أسمع كلمة شكر منك مجددا!!"
-
ضحك مايكل واومئ برأسه ثم دعاه إلى الداخل ولكنه رفض الدخول قائلا أنه متعب ويريد أن ينام ثم غادر المنزل فصعد مايكل ودخل إلى غرفة سارا حيث كانت نائمة هي وزوي منهكتان من التعب فتنهد بقلة حيلة واقترب وغطاهما جيدا ثم حين كان على وشك الخروج وإغلاق الباب سمع صوت زوي تقول بنعاس وتململ وهي تفتح عينيها:"مايك!!؟ أهذا أنت؟"
-
مايكل وهو يدخل للغرفة مجددا:"نعم نعم أنا يا زوي"
-
انتفضت زوي فورا حين سماع صوته وتذكرها ما حدث لتقول بقلق:"بيراي؟! أين بيراي؟ ماذا حدث لها؟ اين هي؟"
-
مايكل وهو يمسك بكتفيها وينظر لعيونها الخضراء بهدف تهدأتها:"اهدئي يا ابنتي اهدئي ، إنها هنا وبخير لا تخافي!! لقد أحضرتها"
-
وضعت زوي يديها على فمها وبدأت تبكي بفرح وتضحك في نفس الوقت لتعانق مايكل وهي تكرر شكرها له فيبتسم هو بخفة ، ابتعدت عنه ومسحت دموعها قائلة:"لانقذ سارا واخبرها ، نامت وهي تبكي خوفا على بيراي"
-
أوقفها مايكل مردفا:"كلا كلا لا توقظيها دعيها تنام ، حينما تستيقظ تراها الآن لتبقى مرتاحة"
-
وفي اللحظة التي قال هذا انتفضت سارا في مكانها وهي تصرخ ليهرع مايكل لها بهلع فتنظر حولها ثم تنظر له وتنفجر باكية وهي تقول بنبرة متقطعة:"لقد رأيتُ كابوساً بشعاً جدا يا مايكل ، رأيتُ أن بيراي قُتلت بسببي.. كنت معها مرة أخرى ولم استطع فعل شيء!! اللعنة عليّ.."
-
بدأت تضرب رأسها وتلعن نفسها وتبكي حتى أمسك مايكل يديها مثبتا إياها وهو يقول:"سارا ، سارا انظري إليّ.. عودي لوعيك يا سارا!! اهدئي ، بيراي بخير إنها هنا في غرفتها"
-
توقفت سارا عن الصراخ والبكاء بعدما قاله ونظرت له ثم قالت:"إنها هنا!؟ حقاا؟؟ لا تقول هذا كي لا أبكي يعني؟!"
-
أجابها مايكل:"طبعاً لا أقول هذا كي لا تبكي ، إنها هنا.. ألم اعدكِ بأني سأحضرها؟ وها قد وفيت بوعدي واحضرتها"
-
نهضت من مكانها فوراً وركضت نحو الخارج فلحقتها زوي متجهتان إلى غرفة بيراي لينهض مايكل ايضا وهو يلتقط أنفاسه ثم تبعهما... أما في غرفة تلك المسكينة التي لا أحد يعرف ما عاشته حتى الآن ، وكانت كعادتها منذ أن تعرضت للاعتدا.ء تنظر إلى الفراغ بجمود ودون أي تعابير على وجهها ، شاردة الذهن تفكر بماذا ستفعل.. كيف سأخبر مايكل بهذا الأمر؟ ماذا ستكون ردة فعله؟ هل سيتبرأ مني وينفر؟ هل سيغضب مني كثيراً ويُلقي اللوم عليّ؟ يا إلهي ، بالتأكيد سيغضب!! لقد لوثتُ شرفه طبعا سيغضب! ولكن ماذا لو تبرأ مني حقا؟! أنا لا أملك غيره وغير حبه في حياتي ، ماذا سأفعل إني تركني؟ كلا ، كلا لن أخبره بالأمر كي لا يتركني.. يا الله ارجوك ساعدني!!
-
كانت تفكر بهذا بينها وبين نفسها حتى قاطع شرودها دخول سارا وزوي عليها وخلفهما مايكل لتركضا نحوها وتعانقها بقوة فتتأوه ببعض الألم لتبتعدا عنها فورا وتقول زوي:"هل أنتِ بخير يا بيراي؟"
-
سارا بدموع وهي تمسح على وجنتيها:"لقد خفت عليكِ كثيراً يا أختي ، ظننت أني لن أراكِ مجددا!! أعتذر منكِ بشدة حقاا.. كنت بجانبك ولم يستطع مساعدتك أو حمايتك"
-
بيراي بإبتسامة مصطنعة وهي تمسح دموعها:"أنا بخير ، لا تبكي ولا تعتذري فأنتِ لم تخطئي بشيء .. لقد حدث ما حدث وها أنا بينكم مجددا"
-
ابتسمت سارا وسط دموعها وكانت زوي على وشك أن تتكلم ولكنها توقفت حينما سمعوا صوت الباب يُفتح ودخلت كلوي وهي تحمل صينية عليها عدة أصناف من الطعام وحساء وكوب عيران ، ثم اقتربت من بيراي وهي تقول بإبتسامة بريئة:"لقد جهزت لكِ طعاما.. طعامك المفضل! "
-
نظرت بيراي لها بنصف عين ليقول مايكل وهو يأخذ الصينية من كلوي ويضعها في حجر بيراي:"جيد ما فعلته يا صغيرتي.. هيا بيراي ، تناولي الطعام"
-
وضعت بيراي الصينية على السرير بعنف وقالت:"لا أريد لست جائعة"
-
وها هم جميعا يستغربون من ردة فعلها مجددا!! خصوصا كلوي التي لم تفهم لماذا تتعامل معها هكذا لتبلع ريقها وتقول:"أنا.. لاجلك.. يعن.. يعني أظن أنكِ جائعة ولم تأكلي شيئا منذ حادثة الخطف لذلك فكرت أن أجهز ما تحبيه ل..."
-
قاطعتها بيراي بغضب وانفعال:"وهل تشمتين بي الآن لأني كنت مخطوفة واتعذب بينما أنتِ مرتاحة في القصر!؟"
-
تضاعفت صدمة الجميع وبالاكثر كلوي التي لم تعد تعرف كيف ستبرر موقفها وتشرح لها أنها فعلت هذا لأجلها وليس كما تظن أما مايكل فكان ينظر باستغراب وصدمة من تصرفاتها وفي نفس الوقت لم يرد أن يضغط عليها فتقول سارا منقذة الموقف:"ياااا كلوي رائحتها شهية جدا!! لتسلم يداك حقا ، تبدو لذيذة ايضا"
-
اومئت كلوي برأسها بابتسامة تخفي خلفها انكسارها وصدمتها وتوترها فتكمل زوي كلام سارا وهي تجلس بجانب بيراي وتأخذ الصينية:"وبيراي ستأكل ولو حتى القليل لأجلنا اليس كذلك يا عزيزتي؟"
-
كانت بيراي ستفتح فمها بالاعتراض ولكن أوقفها صوت مايكل الذي قال بنبرة هادئة وجدية:"ستأكل طبعا ، ستأكل لأنها متعبة وتشكر أختها أنها فكرت بها"
-
ابتسمت زوي وملئت الملعقة ومدتها نحو فم بيراي التي امسكتها وقالت:"أنا أتناول بنفسي ، يمكنكم الانصراف أود البقاء لوحدي"
-
قالت هذا وهي ترمق كلوي بغضب شديد أما البقية فكانت صدمتهم تزيد عند كل تصرف لبيراي وفي نفس الوقت ليس بيدهم فعل شيء ولم يودوا ان يضغطوا عليها فنهضوا خارجين من غرفتها خلف بعضهن البعض وبقي مايكل الذي كان سيخرج أيضا ولكن اوقفته بيراي قائلة:"مايك!"
-
التفت مايكل لها وقال:"نعم يا بيراي"
-
بيراي بعدما بلعت ريقها:"شييي.. هل تبقى بجانبي؟! يعني انظر لحالة يدي لا يمكنني تحريكها لاتناول الطعام "
-
ابتسم بقلة حيلة وجلس بجانبها ثم أخذ الصينية منها وبدأ يطعمها برفق وهدوء كي لا يريق عليها وهي كانت عيناها تتمرد منها عليه وعلى جسده ووسامته... فما وجدت نفسها إلا وهي تتأمله وتمدح وسامته ولياقته داخلها وكأنها تعلن لنفسها عن ما تكّنه!!

Honest Among Thieves Where stories live. Discover now