المشهد السابع

1.1K 67 0
                                    


في المرة الثانية عندما أفقت كنتُ في الغرفة المخصصة لي، تلك التي أتشاركها مع والدتي، كانت الأخيرة تجلس على طرف الفراش، تنظر إلي بحنانٍ وخوف، ويدها تحتضن كفي، تنفست الصعداء عندما وجدتني أتطلع إليها بغرابةٍ، وانهالت علي بوابلٍ من الأسئلة:

-صغيرتي، كيف حالك الآن؟ هل أنتِ بخير؟ أأنتِ بحاجة لزيارة الطبيب مجددًا؟ أخبريني، لا داعي لتخبئة حزنك.

تجاهلت كل أسئلتها، وحاولت الاستفهام منها بصوتٍ شبه متحشرج:

-كيف جئتُ إلى هنا؟

كانت مثلي، لم تمنحني الجواب الواضح، وقالت وهي تسحب يدها من راحتي لتأتي بالدواء إلي:

-لا تفكري في أي شيء، فقط استريحي، وتناولي ذلك الدواء.

رفضت أخذه وأنا أرفع جسدي لأعتدل في رقدتي:

-لا أريد "صوفيا"، لقد كنتُ آ...

قاطعتني قبل أن أتم جملتي هاتفة بإصرارٍ وهي تضع القرص الدوائي في فمي عنوة:

-لا تتصرفي بعناد، هذا مفيد لك، وسيعينك على تجاوز أزمة خسارة خالك العزيز.

ابتلعته دون تجرع أي شربة ماء، وتساءلت بتحيرٍ، فقد أثارت جملتها الأخيرة حفيظتي:

-ماذا؟

فاجأتني بردها المسترسل:

-لقد أخبرني "لوكاس" أنه وجدك فاقدة للوعي، وتنادي على "رومير"، فأبلغ الزعيم "مكسيم" بحالتك الحرجة، وقام باستدعاء الطبيب لأجلك.

يا له من مراوغ لعين، تدلى فكي للأسفل مدهوشة من كذبه الملفق، فما أسهل فعل ذلك لديه! حين طال صمتي ظنت والدتي أن بي مكروهًا، فتساءلت باهتمامٍ:

-هل رأسك ما زال يؤلمك؟

قلت نافية باقتضابٍ، وتكشيرة واضحة تحتل ملامحي:

-لا.

مررت يدي أعلى رأسي لأنفض شعري المهوش، وأرتبه بأصابعي، انتبهت لـ "صوفيا" مرة أخرى عندما حادثتني في لهجةٍ اتخذت طابعًا جادًا:

-صغيرتي، لنتفق على أمرٍ ما.

سألتها مستفهمة:

-ما هو؟

قالت وهي تضع على شفتيها ابتسامة منمقة:

-لا تخبري "ريانا" بما حدث، فهي لا تزال متوترة، ومسألة كتلك قد تزيد من قلقها.

اتفقت معها ضمنيًا في طلبها، فأنا لم أكن بحاجة لإزعاج شقيقتي بما لدي من مشاكل خاصة، هززت رأسي قائلة:

-حسنًا، فهمت.

ثم قمت بإزاحة الغطاء عن جسدي، فانتفضت والدتي متسائلة بشيءٍ من الجزع:

-ماذا تفعلين؟

أجبتها متعجبة من ردة فعلها المبالغ فيها:

-سأستحم وأبدل ثيابي.

أفسحت لي المجال لأنهض، وسألتني بنبرة مهتمة:

-أتريدين أي مساعدة؟

قلت في لطفٍ:

-شكرًا، أنا بخير.

هبطت عن السرير، ونهضت قائمة، لأتجه إلى الحمام الملحق بالغرفة في خطواتٍ متمهلة، وصوتها من ورائي يخاطبني:

-انتبهي لنفسك.

اكتفيت بالإشارة لها دون أن أنظر ناحيتها، وتابعت خطاي حتى وصلت إليه، وبدأت في نزع ثيابي المتعرقة عني، لأتمدد في المغطس مستمتعة بتأثير المياه الدافئة على كل جزء من جسدي.


يتبع >>>>>

المشاكسة المتمردة - ملحق غير قابل للحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن