15.

39 5 2
                                    

يمكنني فعل أي شيء

وأن أكون كل شيء

تريدين مِني أن أكونه.

....

مر أسبوع على نهاية الإختبارات النهائية وبداية عطلة ما بين الفصلين،وحيث أنّا الآن في يناير الشهر الأول من السنة وربما الأكثر برودة كذلك،لم أخرج من المنزل ولا لمرة واحدة مُنذ بدأت العطلة،أنا معتاد على المكوث في المنزل لمدة طويلة ولا أهتم بالخروج منه، ربما لو لم يكن هناك مدرسة للبثت فيه سنواتٍ طِوال من عمري ولا أنتبه لذلك،في الخارج تواجه الناس وأفكارهم التي لا تناسبك والتي يتوجب عليك تقبلها وإحترامها،في المقابل غالباً لن تجد من يحترم أفكارك التي لا يؤمن أحدٌ بها من أفراد محيطك لتأثرهم بفكر الجماعة،وتضطر لإدعاء توافقك معهم ،والتخفي خلف وجوهٍ ليست وجوهك ولا تكاد تعرف نفسك بها.
أما عن الفتاة التي أحب، آرياندا، لم أتحدث معها عبر الهاتف حتى منذ آخر مرة رأيتها فيها في المدرسة - آخر الإختبارات النهائية - بالطبع كنت متشوقاً للحديث معها، إنتظرت منها أن تُرسل لي رسالة أو تتصل بي لكنها لم تفعل، يمكنني إنتظار رسائلها في أي وقت، جميع الأوقات من عمري مخصصة لها، وحدها.
تخطر أحياناً في عقلي بعض الأسئلة مثل لماذا لا أتصل بها أنا ؟ لماذا أنتظر ؟ وبالطبع ذلك الجزء الآخر من عقلي لا يضيع على نفسه فرصة تذكيري من أنا ومن أكون، وأن إتصالي بها سيكون مزعجًا لها، ويذكرني بأن لا جدوى من إنتظاري لأن آرياندا لن تفكر بالطبع فيّ.
بينما أنا جالس مع ميا في الصالة نشاهد التلفاز ونأكل البيتزا - جلوسٌ دام طويلاً من الصباح إلى العصر - أتاني صوت والدتي تطلب مني الذهاب لشراء اللحم - لا أحب اللحم - .
إرتديت معطفي وأخذت النقود وخرجت لإحضار اللحم، حين وصلت كان المحل خالياً من الزبائن إلا زبون واحد كان يمعن النظر في هاتفه حتى أني لا أرى وجهه، وقفت بجانبه وغزت أنفي رائحة تبدو لي مألوفة، ومحبوبة، رائحة آرياندا ،إنتظرت حتى رفع الرجل رأسه وإذ به أخ آرياندا الذي فتح لي باب المنزل في المرة السابقة، يحمل رائحتها لأنها يشاركها ذات المنزل.
إنتبه الشاب لوجودي، ويبدو أنه تذكرني.

"أنت ألست صديق آرياندا الذي أتيت المرة الماضية؟"

لقد تذكرني.

"نعم أنا"

هز رأسه وعيناه لا تفارق النظر إلى وجهي، هل يوجد آثار للبيتزا على فمي؟ لم ألقي نظرة على نفسي في المرآة قبل خروجي !

"آرياندا مريضة منذ يومين، إن كنت مهتمًا"

"ماذا أصابها ! "

تباً للحم،ينتابني شعورٌ بأن علي الركض لها ولا أحد يهتم للحم،لا فرق إن كانت عائلتي ستأكل اللحم أو العشب على العشاء.

أربعٌ وعِشرونَ عُذرًا ولونًا . Where stories live. Discover now