(3)

1.6K 37 0
                                    

يرفع عليّ رأسه وينظر في عينيها،
تلمح بتول في عينيه ملامح ضعف، تكاد أن ترمي بجسدها المتهالك في أحضانه، خاصة وأنه يمتلك قامة طويلة، ومنكبيين عريضين، وبنية قوية، مع حنيّة لم تجدها إلا معه، فقد كانت يتيمة الأب، وعليٌ كان لها الزوج والأب والصديق والسند وكل شيء،
اقتربت أكثر ولكن عليّ أمسك بذراعيها بقوّة ليثتيها عن الإقتراب أكثر وقال لها بصوت مخنوق: لا يا بتول، ليس بهذه الطريقة تعالج الأمور، اعذريني، ليس كما كلّ مرة، أشعر أننا ندور في حلقةٍ مفرغة، ولا أجدُ حلاً لمشكلتنا.
بتول (تكاد تصعق مما ترى) ودموعها تنهمر كالشلال الذي لا يتوقف: أيّ مشكلة؟ غيرتي؟ أنا لا أفهم! هل تعتقد أنني المرأة الوحيدة التي تغار في هذا العالم؟
علي: لا شأن لي بأي أحد، أنا تزوجتكِ لأستقر، لأرتاح، لأنتج في حياتي،لا لأعيش في مشاكل من لا شيء،اسمعيني يا بتول وأفهمي ما سأقوله: لقد توصلت إلى يقين بأننا لا نتناسب .. كلانا مختلفان،توجهاتنا، طباعنا، شخصياتنا، وأنا لا أريد أن أظلمكِ معي، وكلام الله في القرآن وكلام أهل البيت واضح جداً {فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ} .
هنا، وفي هذه اللحظة فقط، تجمد الدمع في عيني بتول، مسحت دموعها من على خديها ورفعت رأسها في وجه علي وارتفعت حدة صوتها مع هدوءٍ ممزوج بانكسار: تسريح بإحسان؟! هل وصلنا إلى هذا الحد؟!! يبدو أنك قررت قطع كلّ الجسور بيننا، شكراً لك يا زوجي العزيز، شكراً لك يا سندي وملاذي، شكرا على إحسانك إللاّ متناهي، حسناً اسمح لي بأن أحزم أمتعتي في الصباح حتى أغادر عشنا.
علي يدير ظهره لها، ويتجنب النظر إلى عينيها ويردّ عليها: خذي راحتكِ فأنا سأغادر صباحاً إلى عملي، فلديكِ متسعٌ من الوقت، تصبحين على خير.
يتجه عليٌ إلى سريره لينام، تاركاً بتول في حيرتها، وتساؤلاتها، وذهولها،وكأنها تتعامل مع شخصٍ لا تعرفه.
تتجه بتول كعادتها كلّ ليلة إلى محرابها لتصلي الليل، ولكنها في هذه المرة تتوجه بقلبٍ مكسور من قبل أقرب حبيب، فتناجي الله :يا حبيب من لا حبيب له، ويا سند من لا سند له، ويا طبيب من لا طبيب له..تنام بتول من شدة التعب والكمد على مصلاها، ولا تستيقظ إلا مع صوت أذان الفجر، تتوجه بشكل تلقائي لتوقظ علي كما كلّ يوم، ولكنها تتفاجأ أنه مستيقظ ومتوجه للصلاة، يصليان الفجر ومن ثم تتناول بتول قرآنها لتتلو منه بضع آيات فهي التي تؤمن ب{ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}، ما إن تبين الخيط الأبيض من الأسود من الفجر، حتى توجهت بتول لسريرها تحاول أن تنام، خاصة وأنها عاشت ليلة من أصعب الليالي في حياتها، وعند الساعة الثامنة صباحاً يرنّ جرس هاتف علي حاملا مفاجآة

#يتبع

ولليل حكاية أخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن