(19)

1K 23 0
                                    

الليلة التي تسبق الأربعين بيومٍ واحد، تبدأ بتول في التعافي شيئاً فشيئاً،
ولكنّ قلبها وروحها لا يكفاّن عن مناغاة حبيبها علي صبحاً ومساء، والدموع لا تجف حزناً وقلقاً عليه، تحاول بتول أن تستند إلى الجدار وتتوجه إلى نافذة المشفى الذي كانت ترقد فيه، وتسترقّ السمع إلى مواكب العزاء من بعيد، تدخل الممرضة رحمة عليها الغرفة وقد أحضرت إليها وجبة الإفطار: صباح الخير عيني بتول تستدير بتول إليها: صباح الأمل بالله كم أحب لهجتكم العراقية يا رحمة، هوايه حلوة، فتبتسم رحمة: الحمد لله الذي جعلني أراك في حالٍ أفضل، فترد بتول: رحمة أخبريني هل غداّ ذكرى الأربعين؟ فتجيب رحمة بالإيجاب، فتعود بتول ناحية النافذة وتسرح قليلاً وتنزل دمعة شعرت أنها انسلت من بين شرايين قلبها، دمعة شوقٍ للحسين ممزوجة بحسرة على الحبيب الذي لا تعلم شيئاً عن مصيره، ثم استدارت من جديد لتسأل رحمة: رحمة، هل لكِ أن تساعديني؟ فأجابتها رحمة: بكل تاكيد عزيزتي، اطلبي ما تريدين، فقالت بتول: أريد أن أزور إمامي الحسين غداً، فقالت رحمة: كيف؟ وضعكِ الصحي لا يسمح عزيزتي، فقالت بتول وهي تتوسل إليها: أرجوكِ، سأخبر الطبيب عن حاجتي الماسّة لذلك، كما وأنني وبسبب وضعي الصحي نسيت ان أسألكم عن الحملة التي جئنا معها إلى العراق، هل لديهم خبر عمّا أصابنا؟ فقالت رحمة: لا علم لديّ عزيزتي، ولكنني سأستفسر لكِ عن كل شيء، الأهم أن تكوني بخير، ومضى اليوم وقد استشارت بتول الطبيب وأقنعته برغبتها، وقد وافق الطبيب شريطة أن تاخذها سيارة الإسعاف إلى حرم الإمام مع تسهيل أمر دخولها في الزحام طبقاً لوضعها الصحي، كما وعرفت بتول أنّ المستشفى قد تواصل مع الحملة، وانّ الحملة قد أبلغت عن تأخرهما عن الوصول، وأنهم قلقون جداً بعدما سمعوا عن الحادثة، ولكنّ المعلومات ما زالت غير دقيقة عن الضحايا، وقد تفاجئوا من اتصال المستشفى وهم في طريقهم لزيارة بتول، وبالفعل وصل وفدٌ من الحملة بشكل سريع إلى زيارة بتول، وكان معهم مجموعة من النساء اللاتي احتضنّ بتول بمجرد رؤيتها، واجهشن بالبكاء حينما سمعنّ ما حلّ بها، وبعد برهة من الزمن توقفت بتول عن الكلام ومرّت بنظرها على الجميع وقالت متسائلة: هل أعرف من ذلك أنّه لا خبر لديكم عن زوجي؟ فنكسّ الجميع رأسه، وقالت زوجة صاحب الحملة: لا يا عزيزتي للأسف، لا أخبار، ولولا اتصال المستشفى ماعرفنا أنكم من ضمن حادثة المشاية الأليمة، ونحن نعترف بتقصيرنا، طأطأت بتول رأسها وما زال يحدوها الأمل بالله وبزيارة الحسين (ع).وجاء يوم الأربعين، وكان كما أرادت، هاهي بتول في سيارة الإسعاف تتوجه إلى حرم الغريب العطشان...

ولليل حكاية أخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن