(13)

1.2K 19 0
                                    


استدار كلّ واحد منهما ناحية القسم المخصص له ليناما ويستسئنفا المسير في الصباح. دخلت بتول خيمة النساء لتتوسد مخدةً على أحد الأسرة الأرضية البسيطة هناك، وبدأت في الإستسلام للنوم، بعد مرور قرابة الثلاث ساعات تستيقظ بتول على صوت صراخ وضجيج، والمكان معتم تكاد لا تبصر شيئاً، إلا من عويل نساء وصرخات أطفال، تحاول بتول أن تستوعب ما تسمع، تُصاب بالهلع، ثمة مجهول ينتظرها، وهي في خضم الغموض الذي تعيشه، وإذا برفسة في خاصرتها شعرت من شدة ألمها بدوار صرخت: يا زهراااء، من أنتم ما الذي يجري،
وإذا بأيدٍ آثمة تجرُّ النساء والأطفال من المخيم وترمي بهم كالأكوام فوق بعضهم البعض، صوت أنين، صراخ وضرب وشتائم: يا كفرة، أيها الروافض، سنذبحكم كما النعاج بلا رحمة، يا عبدة القبور.
بدأت بتول تستوعب ما يجري، ولكنها لم تكن تريد أن تصدق، صور في ظلمة ذلك الليل تتناوب عليها، تخاطب نفسها، ويدها على خاصرتها، تتألم بشدة: رباه يا أكبر من كل كبير، من لي غيرك أسأله كشف ضري، والنظر في أمري، يا أبا عبد الله يا حسين، نحن جئنا ضيوفك سيدي، ففرج عنا كربتنا سيدي" هنا فكرت في حبيب قلبها عليّ، وبدأت الأفكار السوداوية تتوالى عليها: أين هو؟ ترى هل ذبحوه هؤلاء الأوباش؟ أين أنت يا حبيب قلبي، وبدأت تصرخ: عليّ عليّ" وإذا بلكمة على وجهها وتغيب عن الوعي. تفتح بتول عينيها وإذا بها موثقة اليدين والرجلين، وقد وضع على فمها شريط لاصق، تدير عينيها محاولةً اكتشاف المكان الذي هي فيه، وإذا بسقفه مهتريء، جدرانه متصدعة، يتصبب العرق من جبينها، وتشعر بطعم الدم في فمها، ترتجف خوفاً من المصير المجهول الذي ينتظرها، تشعر بعطش شديد، تحاول أن تتحدث، أو تنادي احد إلا أن الشريط اللاصق يمنعها، تستسلم وترمي برأسها وتبدأ بالبكاء بحرقة، وقلبها ينادي علي، تستذكر آخر اللحظات التي كانت معه، تشعر بقلقٍ كبير حياله، وهي سارحة في المستقبل المظلم الأسود، تسمع صوت الباب يفتح، إلا أنّ الباب خلف ظهرها، فلا تدري من القادم،تسمع صوت خطواتٍ تقترب منها، تترقب، تتسارع دقات قلبها، يتصبب العرق بشدة، تحاور الله: رباه، إلا عفتي، إلا شرفي، اللهم اجعلنا في درعك التي تجعل فيها من تريد" تقترب الخطوات أكثر فأكثر .. ترى من هو القادم؟

#يتبع

ولليل حكاية أخرىWhere stories live. Discover now