(15)

1.2K 19 1
                                    

تفهم بتول من إشارات المرأة أنها تسألها:هل ترغبين في الأكل، فتحاول بتول أن تتجاوب معها،علّها تصل إلى حل من خلالها، فتشير بتول للقيد الذي يكبل يديها ورجليها، (بأن فكيه) '' فتقف المرأة جامدةً وكأنها قد سرحت في أمرٍ ما،
فجأة تقرر أن تنزع الشريط اللاصق بقوة، فتصرخ بتول من الألم والفزع، فقد فاجئتها بما فعلت، وأخذت تتنفس بسرعة كأنها تلهث،حينها بدأت تتوسل إليها: أرجوك إنزعي عن يداي هذا القيد حتى آكل، وتشير بتول إلى يديها علّ المرأة الصماء تعي ما تطلب،فتشير المرأة لها بالإيجاب وتمسح على وجهها،ثم تبتسم وتشير إليها بإشارات تفهم بتول منها أنها تقول لها: أنكِ جميلة جداً، فتبتسم بتول معها ابتسامة مجاملة، خاصة وأنها تشعر بوجع كبير يقطّع أمعائها،
وتعود بتول دون يأس برفع يديها علّ قلب المراة يحن وتقطع تلك القيود التي تضغط معصميها، فتهز المرأة رأسها بالإيجاب وتصدر أصواتاً وإشارات،وتسحب السكين التي معها لتقطع القيد البلاستيكي الذي كان ضاغطاً بقوة على معصميّ بتول، فتبدأ بتول بتدليك يديها، وتتذكر أسر زينب وزين العابدين،ومن ثم تتذكر باب الحوائج موسى الكاظم عليه السلام، فتتمتم بدعائه:رباه يا مخلّص الشجر من بين رمل وطين،ويا مخلّص اللبن من بين فرث ودم،ويا مخلّص الولد من بين مشيمة ورحم، ويا مخلّص النار من بين الحديد والحجر،ويامخلّص الروح من بين الأحشاء والأمعاء خلّصني من هذه المحنة ياعظيم يا رحيم.قربت المرأة إناء الطعام، وكانت بتول تشعر بجوعٍ شديد إلا أنّ الألم الذي تعاني منه منعها من وضع أي لقمة في فمها، أصرّت المرأة عليها أن تأكل، فما إن وضعت لقمة في فمها حتى تقيأت كلّ ما في أحشائها،
فأشفقت المراة عليها،وحاولت مساعدتها،إلا أنّها ترددت قليلاً،
ومن ثم أشارت إليها بيدها أن تصبر، أسرعت لتتفقد الوضع، ثم عادت، قطعت بالسكين القيد الذي كان يلفُّ رجلها، وأحضرت لها شيء تتوسد عليه، ومن ثم سقتها قليلاً من الماءكانت بتول ترتجف من البرد، وحرارتها قد ارتفعت،فما إن رأتها المرأة على ذلك الحال حتى جاءت بغطاء خفيف وجدته جانباً وغطتها به، كانت بتول تتأوه من شدة المرض والإعياء والألم،وكلمة يا زهراء لم تفارقها،
وقد أخذ منها التعب أي ماخذ،
فجأة تشعر بلمسة حانية على يدها، وقبلة دافئة على جبينها، مع أريج مميز لا يمكن أن تنساه، تفتح عينيها وإذا بها ترى صورة ضبابية، تغمض عينيها وتفتحها مجدداً:عليّ إنه انت، حمداً لله على سلامتك ياحبيب قلبي، فيبتسم عليّ في وجهها ويقول:أنسيت أبيات أمير المؤمنين،تعلمتها منكِ:وكم لله من لطفٍ خفي،يدق خفاه عن فهم الذكي،وكم يسرٍ أتى من بعد عسر وفرّج كربة القلب الشجي،وكم أمر تساء به

#يتبع

ولليل حكاية أخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن