(26)

2K 39 11
                                    

فرد عليها علي: نعم أنا يا محبوبتي ونور عمري،
بتول نظرت إليه ولمحت تلك الدموع: أتبكي يا علي؟ عمري كله لم أرى دمعة سقطت من عينيك،
فقال: كيف لا أبكي وقد كدتّ أن أخسرك، كيف لا أبكي وقد ظلمتكِ بقسوتي، فتبسمت بتول في وجهه: أو ما زلت تحبني؟، فاقترب منها وقال: أحبكِ؟ أو بعد ما حدث تسأليني إن كنت أحبكِ؟! بل قولي أذوب فيك عشقاً وهياما، ثم احتضن رأسها، فأغمضت بتول عينيها: آه لو رأيت محبوبتك وما جرى عليها، وقد صبرت واحتسبت أمري لله، ولكن، أقسى ما واجهته، حين علمت بأمر حملي بطفل يحمل دمك، واسمك، وأنني فقدته نتيجة ما تعرضتّ له، كنت حينها في أشد الأوقات احتياجاً لك.
فردّ عليها: لقد علمت بكل شيء يا حبيبتي، وليت الموت أعدمني الحياة ولم تُمس منكِ شعرة،
حينها انتفض علي وتوجه للجدار وهو يضربه بيديه ويصرخ: الأوباش، الأنذال، آه لو وقع أحدهم بين يديّ لقطعته إرباً إربا. سمعت الممرضات صراخ علي فهرعنّ لغرفة بتول لمعرفة ما يجري، ومن ثم تفاجئوا بصراخ علي فوبخوه وطلبوا منه أن يحافظ على هدوءه، سيطر عليّ على نفسه وعاد إلى الكرسي بالقرب من بتول أمسك كفيها وقبلهما واعتذر منها، فنظرت بتول إلى عينيه: أدرك يا حبيبي حجم الألم الذي تشعر به، هون عليك، فتلك قسمة السماء، ولكن أخبرني يا علي بما جرى عليك، ما الذي حدث معك؟ وأين كنت طوال هذه المدة؟ طأطأ عليّ رأسه، وتنهد بحرقة، وبدأ يسرد ما حدث له: كانت الليلة التي قررنا فيها المبيت في الخيام، وبعد أن هدأ الجميع وخلدوا للنوم إلا أنا، فقد جفاني النوم، حيث كنتُ مشغولاً بكِ، وكنت أتقطع في داخلي لمعاملتي الجافة معكِ، وكنت أخطط لليوم الثاني بأن أتحدث معكِ وأعتذر عما بدر مني، فجأة شعرتُ بحركة غريبة وبأصوات وهمهمة، رفعت جانباً من الخيمة وإذا بي أرى وفي عتمة الظلام خيالات لرجال قد أحاطت بالمكان،
أيقظتُ الشاب الذي كان بجانبي وطلبت منه أن يبقى هادئاً وشرحت له الوضع، فأيقظ هو الآخر زميله المرافق له، وبدأنا التسلل من الخيمة بهدوء لكشف الأمر، استطعنا الخروج من الجانب الخلفي دون أن يشعروا بنا، وقد تكشفت لنا الأمور حين وجدناهم قد اقتحموا خيمة النساء وكانوا في طريقهم لخيمتنا، فأصبت بهستيريا وهممت بالتوجه لإنقاذكِ، فأمسك بي الشابان لإثنائي فلم يفلحا، وقد بدأت بالصراخ،

فانقضّ عليّ أحدهما وضربني بلوح على رأسي ظناً منه إن يصيبني خيراً من أن أقتل على يد هؤلاء المتطرفين، وحملاني وظلا يركضان حتى وصلا لأقرب منطقة آمنة لإخبارهم بما حدث، وذلك لإنقاذ الزوار ،ومن ثم تم أخذي لأقرب مستشفى لمعالجتي، فتفاجئوا أنّ الضربة التي أصبت بها في مؤخرة الرأس تسببت في دخولي في غيبوبة، ولم يكن معي أي شيء يدل على هويتي، مما جعل أمري مجهولاً طوال الفترة الماضية، فما إن استيقظت واستعدتُّ صحتي حتى بدأت في رحلة البحث عنكِ فعدتّ إلى الحملة التي جئنا معها، وهم من بشروني بأنكِ ما زلتِ على قيد الحياة، كما أخبروني بكلّ ما حدث لكِ، وبأنكِ في هذه اللحظة ترافقينهم عبر الإسعاف إلى بغداد لزيارة الإمامين الجواد والكاظم (ع)، فهرعت إليكِ يا حبيبة القلب لأضمكِ إلى صدري ولأقول لكِ: هيهات أن يسكن ذلك القلب سواكِ. فأنت عروسي اليوم وغدا وفي الدنيا والآخرة . ‫#‏أحبك‬

#النهاية

ولليل حكاية أخرىWhere stories live. Discover now