(10)

1.3K 24 2
                                    

تصل المجموعة إلى الطريق المستقيم الذي يوصلهم مباشرة إلى كربلاء، فيبدأ الشاب المرشد بإعطائهم بعض التعليمات، حيث يعلمهم أن مجموع الأعمدة من النجف إلى كربلاء 1400 عمود، وأن المسافة بين كل عمود وآخر قرابة الخمسين متراً، ومن ثم وزعّ عليهم أوراقاً تحمل أرقاماً للهواتف في حال حدوث أي طاريء، أو في حال ضياعهم، كما تم تحديد أرقام الأعمدة التي سيتم التوقف عندها، مع تحديد الوقت، وبعد ذلك طلب من الجميع التوجه للقبلة وعقد النية، وقرأ لهم أحد الرواديد المرافق لهم زيارة عاشوراء ومن ثم قرأوا دعاء الفرج بصوت جماعي وبدأوا المشي،

في هذه الأثناء توقف عليّ على جانب الطريق ونادى بتول وطلب منها أن تهدي خطوات المشي إلى من تحب، هنا استذكرت بتول والدها وبكت بصمت، فقال علي : رحمك الله يا عمي، هيا يا بتول فلنمشي نحو الجنة, فخنقتها العبرة وبكت بكاءً شجيا وهي تقول: واحسيناه واغريباه. تجدّ المجموعة في السير نحو كربلاء، وبتول تتأمل في ذلك المشهد الملائكي، تشعر أنها تطير بجناحين إلى الجنة، تتعجب من لغة العشق التي تحملها هذه القلوب الطاهرة، بين صغير وكبير، إمرأة ورجل، مريض وصحيح، ضعيف وقوي، غني وفقير، الكل يسير في اتجاه واحد نحو قبلة واحدة، وكأن الطريق إلى كربلاء يحدثك بأن مصيرك أيها العبد واحد، ولكن هدفك أنت من يحدده، وحينما تحدد الهدف اسأل نفسك هل تستحق الوصول إليه، هنا تبدأ بتول تراجع حساباتها وهي تخاطب الحسين: أبا عبد الله أنا العبدة المذنبة جئتك أحتطب ذنوبي على ظهري، كما تلك الحقيبة التي أحملها، فطهرني مولاي، آه ربي كم عصيت وكم أسأت وكم آذيت، عفوك مولاي، تتقاطر دموعها حسرة وندماً، وتعود لتسأل نفسها: ترى هل أستحق زيارة سيد شباب الجنة؟ ترى هل سأصل إليه؟ ترى هل سيردّ سلامي؟ وإن وصلت فهل سأسجل من الزوار،
أم أنه سيصدق علي بما قاله (( ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج)) آه وانفساه، فجأة تشعر بتول بالغثيان، وتتوقف عن المشي، حينها يلتفت عليّ إليها، ويقترب منها ويهمس في أذنها: ما بكِ؟
هل تشعرين بالتعب؟ فتحاول بتول طمأنته: أنا بخير ولكن... هنا تصرخ : عليّ أريد أن أتقيأ,, فيخرج عليّ كيساً من حقيبته ويعطيها إياه، فتنفرد بتول جانباً وتبدأ بالتقيأ، يسرع عليّ إلى أحد المضائف على جانبي الطريق ويحضر لها كوباً من الماء، ومن ثم يأخذ بيدها ويجلسها على أحد الكراسي،
ويعود ليطمئن عليها: بتول، ما الذي جرى هل أنتِ بخير الآن, ترد عليه بصوت منخفض: أنا بخير لا تقلق لا تقلق، يبدو أنني أكلت شيئاً لم يناسبني. فيصرّ عليّ على أخذها للمفرزة الطبية، إلا أنّ يتول تؤكد له أنها بخير وتصرّ على مواصلة المشي

#يتبع

ولليل حكاية أخرىWhere stories live. Discover now