(12)

1.2K 22 0
                                    

فقال لها:أمرض أنا أفضل من أن تمرضي أنتِ، فصمتت قليلاً ثم نظرت إليه وقد بدا قريباً جداً منها، حتى كادت تشعر بحرارة جسده، فاحتضنت ذراعه، وهمست بصوت دافيء: عليّ هل لي أن أسألك سؤالاً؟ فرد عليها: تفضلي، فقالت: أو ما زلت تُحبني؟ فلم يجبها فعادت لتسأل: عليّ، لم السكوت؟ لم قررت أن ننفصل؟ لمَ ؟ وما إن قرّر عليّ أن يخرج من صمته، إلا وأذان المغرب يصدح، وكانت ليلة الجمعة، فتبسم في وجهها، وأشار إلى السماء وقال: شاء الله أن ننشغل هذه الليلة بالصلاة والذكر،
فلنتوقف عند أقرب موكب لأداء الصلاة، وقراءة دعاء كميل ثم نواصل، فاستسلمت بتول لقراره، وتوجها لأقرب موكب وكان موكب أبا الفضل العباس، فما إن قرأت بتول عنوان الموكب حتى تمتمت: سلام الله عليك يا صاحب الغيرة، فردّ عليّ: وسلام الله على أخته زينب صاحبة العفة، فتنهدت بتول، وقالت بصوتٍ مخنوق: سلام الله عليهما.
توجهت بتول للقسم المخصص للنساء لتصلي، بينما توجه عليّ ناحية الرجال، وما إن أنهيا صلاتهما، حتى خرجا إلى حيث قررا أن يلتقيان، أخذ عليّ بيد بتول وتقدم بضع خطوات للأمام حيث وجد سجادة مفروشة على الأرض قبالة إحدى الإستراحات، فقال لبتول: ما رأيك أن نجلس هنا لقراءة دعاء كميل؟ فشاطرته الرأي فجلسا، وأخرج عليُ من حقيبه مصباحاً يدوياً وقبل أن يشرع في القراءة قال بهمس (دعاء كميل) آه إنه الدعاء الذي يخاطب الوجدان ويستنهض الأرواح، قرأ بصوت شجي حزين حتى وصل إلى مقطع (( هيهات أنت أكرم من أن تضيّع من ربيته، أو تشرّد من أويته، أو تسلم إلى البلاء من كفيته ورحمته)) في هذه الأثناء يختنق عليّ بعبرته وبخاطب ربه ( إلهي أنا الصغيرُ الذي ربيته)فيبكي عليّ وتبكي بتول، ليكملان قراءة الدعاء في جوّ من الروحانية وحضور القلب، وحين ينتهي علي، يقف ويمدّ يده لبتول ليساعدها على النهوض ويبدآن بالمشي مجدداً، وبعد مسافة كيلومتر تقريباً يستوقفهما أحد الشباب المشاية ويقول لعلي: أخي الزائر، أنصحك أن تتوقف عن المشي ليلاً خاصّة وأن معك إمرأة، الوضع غير آمن، فحاول إن تتوقف عند أقرب استراحة. فيشكره عليّ ويقول لبتول: أشعر بمسئولية كبيرة اتجاهكِ، لابد أن نتوقف. كانت أقرب استراحة لهما حينها عبارة عن خيمتين كبيرتين أحدهما للرجال والأخرة بظهرها للنساء، فطلب عليّ من بتول أن تتفقد أحوال الخيمة وترى إن كانت مناسبة للنوم، فغابت بتول قليلاً وعادت لعلي كي تطمئنه: عليّ اطمئن عزيزي، سأحاول أن أتأقلم مع الوضع، تصبح على خير، واستدارت كي تمضي في طريقها، هنا استوقفها علي: بتول- مد يده ليضع شيئاً في يدها- إقرأي هذه الرسالة، ولكن ليس الآن غداً ستوضح لكِ الكثير.

#يتبع

ولليل حكاية أخرىWhere stories live. Discover now