بارت 6 : ذكريات

9.4K 361 53
                                    

على ضفاف نهر صغير كونته الامطار ، القى بجسده المنهك ، و يضع لثامه بالقرب منه ، فهو لا يخلعه ابدا في النهار ، لانه لا يثق بالاخرين ، لا يثق حتى بظله فالظل في وضح النهار يغدر بصاحبه ويختفي عندما تحجب الغيوم عنه ضوء الشمس ،
فلماذا اذا يثق بالاخرين ؟؟

كان يسند سلاحه على جذع شجرة قريبة منه ..

بدأ يطالع السماء بعينين سوداوتين ، لا تقل سواداً عن هذا الليل المظلم ..

ثم قام بإغلاق جفنيه ، ليبدأ شريط ذكرياته يعود الى الوراء ، الى الماضي
تحديدا حيث كان في العاشرة من عمره

( 1994/4/30 )

كان الطفل ذو العشرة اعوام ، يقف قرب باب غرفة والدته ، يختلس النظر اليها بعينيه البريئتين ..

صوت بكاء والدته وشهيقها المرتفع ، ايقظه من نومه فقد اخافه كثيرا ، وهو يعتقد ان مكروها ما أصابها ، هذا ماحمله على النهوض ، من فراشه ، متوجها الى غرفة والدته ، ليتفاجئ بالمشهد امامه ..

كانت والدته تتكأ بجسدها خلف السرير ، وقد دفنت وجهها بين قدميها ، بالقرب منها ، وقعت ورقة صفراء اللون ، تبدو كرسالة لكن لايعرف من هو مرسلها او محتواها ..


كان حالها مزريا جدا ، الدموع توسدت وجنتيها ، وقد امتزجت بالكحل الاسود ،
شعرها الحريري الطويل كان مقصوصاً بطريقة متهورة ، بعضه طويل وبعضه قصير والبعض الاخر قصيراً جداً ، والمقص مرمي امامها ، وكانت هناك بعض الخصل الطويلة عالقة فيه ...

اصابه الذعر كثيرا ، لذا اقترب منها ، ثم قام بوضع يده الصغيرة على كتفها ليسألها بصوت متردد وخائف :
- امي ..... !!!

شعرت بالفزع لوجود صغيرها امامها ، وهي ترى الخوف في عينيه لرؤيتها هكذا ، لذا
قامت بسرعة برفع شعرها الى الخلف ، وقد ربطته على شكل ذيل ، ثم ابتسمت له قائلة :
- متى استيقظت يا ولدي ؟

قام بمسح دموعها وهو يسألها :
- لماذا تبكين يا امي ؟

تلعثمت وهي تجيبه :
- لا تقلق يا ولدي ، اشعر بالتعب قليلا ؟

- وشعرك لما قصصتيه !! احبه وهو طويل ..

ابتسمت له بحزن ، وهي تعبث بخصلات شعره وتبعثرها له :
- يعيقني عن عملي ، ولا استطيع تمشيطه ..

مط شفتيه بعناد طفولي :
- لا احبه هكذا ، لا يعجبني هيا اعيديه طويلا كما كان ...

- كيف اعيده فقد قصصته الان ، علي ان انتظر عدة اشهر حتى يطول ..

رد عليها وهو غاضب :
- قومي بلصقه ..

قهقهت والدته على جملته الاخيرة ، بينما جذبته عيناه الصغيرة ، الى تلك الورقة الصفراء ، ليسأل والدته عنها :
- ماهذه الورقة لونها جميل ، من أين حصلتِ عليها ؟

حب تحت راية داعش حيث تعيش القصص. اكتشف الآن