بارت 12 : فقدان و رحيل

7.7K 351 138
                                    

ها قد فتحت الجامعة ابوابها المشرعة لتستقبل الجمع الغفير من طلاب العلم بجميع مراحلهم ....

وقد مرت تلك الثلاثة أشهر بسرعة ، لتنتهي معها اوقات الراحة لطلبة المعاهد والجامعات ، والبداية لتحقيق الحلم الذي طال انتظار غالية له ، فقد وجدت غالية عزائها المنتظر في هذه السنة الاخيرة مع تجمع الاصدقاء والزملاء ، اصبحت تجالسهم دوما ولا تفترق عنهم الا للضرورة ...

اما حين تكون وحدها في الفصل او المكتبة تواضب على قراءة الكتب ، التمعن فيهم ، كانها ستقوم بأفتراسهم او التهامهم ، كما سخرت رؤى منها في احد الايام قائلة :
- أتعلمين غالية ، تبدين وكإنكِ على وشك التهام الكتاب ..

كذلك أحمد فقد اخبرها يوما :
- احيانا أشعر انك تطالعين الكتاب وكإنك ستقومين بإفتراسه ...

عدا زينة التي فهمت مايجري معها ، فصمت غالية كفيل بان يشرح لزينة بان صديقتها تقرأ الكتب وتغرق فيهم لكي تهرب من شيء يؤرقها ، تغرق في عالمهم الحبري حتى لا تطفو على سطح عالمها الواقعي ، فهنا على ارض الواقع حدث ما او شيء ما ، او حتى يمكن القول شخصٌ ما تخشى مواجهته او التفكير فيه ....

أجل ، هذا هو السبب ، غالية كانت تهرب من عقلها الذي بدأ يتعبها بكثرة التفكير في ذلك المجهول ، الذي لم تعد تعلم عنه شيئا او تسمع عنه خبرا ، حتى انها لا تعرف له مسكنا ، فهو لم يحادثها منذ قرابة الشهر لتلك الحادثة ...

قلبها الذي يصدح بضرباتٍ جهرة كالطبول الافريقية ، تكاد تكون مسموعة للجميع ، كلما لفظت اسمه على طريقتها الخاصة المصحوبة بموسيقى شجن
( إياد )

كيف استطاع هذا الرجل الغامض ، المتقلب المزاج ، ذو السيماء السمج والملامح الحادة ،المتغطرس بافعاله ، قرين الغضب ، والشحيح بكلماته ، ان يسرق قلبها السريع العطب ، ليجعله رمادا من حطب ، بعد ان كان شجرةٌ نضرة محملة بثمار البهجة والامل والشغب ....

لكن رغم هذا اليأس والحزن في قلبها ، الا ان بصيص فرح استطاع الولوج فيه ولو بمقدار صغير ..

فقد فرحت غالية كثيرا عندما سمعت بامر خطبة بشائر ومهند ، وقد تحدد يوم خطبتهم في نهاية الشهر الاول من بدأ الدراسة ، اي في( 29 / 11 / 2014 )

لكن تلك الفرحة سرعان ماتلاشت امام الخبر الصادم لها عند عودتها الى المنزل وهي غارقة في بحر الافكار ...

قبل دخولها الى البيت ، سمعت صوت نحيب والدتها ، فهرعت مسرعة باتجاهها والخوف يعتليها ، توقفت امام غرفة والدتها لتراها جالسة على طرف سريرها وهي ترتدي الحداد وتمسك مسبحة بيدها ودموعها تنهمر كأنها الشلال ...

فهمت ماجرى ، فقد تكرر مثل هذا المشهد امام عينيها ، لكن بطريقة مصدمة ومفجعة اكثر ، فالحداد كان دليلا قاطعا بانهم فقدوا شخص عزيز ...

حب تحت راية داعش حيث تعيش القصص. اكتشف الآن