1- ظل من الماضي

8.6K 115 23
                                    

- الفتى في الرابعة والعشرين من عمره فقط ولا يزال صغيرا على الزواج ، إنه ابنكِ وبإمكانك أن تقنعيه بالعدول عن هذه الفكرة .
قال خافيار هذا وهو ينظر متهكماً ألى اخته تيريزا التي كانت مستلقية على الأريكة . فهو واثق أن اخته الكبرى قادرة تماما على السيطرة على ابنها ، إذا شاءت ، كما سيطرت عليه هو عندما ماتت امهما وكان في الثامنة من عمره . فقد كانت تكبره بعشر سنوات .
استلمت دور الأم ، فكانت أكثر صرامة من أمه التي فقدها . وبقدر ما كان يحبها ، تنفس الصعداء حين وقعت في غرام دايفيد إيستربي وهي في الرابعة والعشرين . وكان الرجل الانگليزي قد زار مزرعة الدواجن الدواجن التي يملكونها ، والتي تبعد عدة اميال شرق "سيفيل" لكي يشتري حصانا إسبانيا أندلسيا اصيلا لأصطحابه إلى "يور كشاير" .
لقد تزوجا منذ ذلك الحين ، كما أخذ خافيار يفكر ، متأملا في الخمسة والعشرين عاما التي مضت عليهما، ولم ينجبا أثناءها سوى ولدا واحدا يريد الآن ان يتزوج . أما السبب في زيارته للمزرعة فهو حضور حفلة عشاء على شرف الخطيبين ، في فندق ريفي قريب . لقد رتبت هذه الحفلة لتعارف الأسرتين ، وكان خافيار ضيفا على الرغم منه ..
وقاطعت تيريزا افكاره :" المشكلة معك هي أنك لم تعرف الحب قط ".
فقال ساخراً ببطء :" لكنني كنت متزوجا ، ويمكنني ان اؤكد لك يا تيريزا ان قلة من الناس في هذا العالم يعيشون حياة منسجمة كالتي بينك وبين دايفيد ".
- هراء . أنت مجرد رجل ساخر لا رجاء فيه . وعلى كل حال ، إنه قرار جيمي . وأنا ودايفيد نسانده من دون شروط . سيكونان هنا في أي لحظة ، ولهذا ارجوك ان تحتفظ بآرائك لنفسك ، وحاول ان تكون مهذبا مع خطيبته ووالديها .
- هذا عدا عن ابنة عمتها العانس .
قال هذا رافعا حاجبيه بسخرية . وكانت الحيرة قد تملكته منذ وصوله . قبل ثلاث ساعات ، حين علم ان الدعوة إلى قضاء عطلة نهاية الأسبوع في المزرعة لم تقتصر على الخطيبة ووالديها فقط ، وإنما هناك ايضاً ابنة عمتها :" حذار يا تيريزا ، إذا كانت لديك اي نية في التقريب بيني وبين تلك السيدة ... الافضل ان تنسي ذلك".
- وكأنني سأجرؤ على ذلك!
قالت هذا بمكر وهي تنظر إلى قامته التي تبلغ اكثر من ست أقدام وأربع إنشات ، وتقارنها بقامتها هي التي تبدو عادية للغاية . يبدو خافيار رجلا منيعا من كل النواحي ، فهو ثري مسيطر وذو وجه وسيم للغاية. أما شعره فأسود كالليل وعيناه كستنائيتان . أثناء فتوّته كانت النساء تتهافت عليه ، وكان يستغلهن تماما . ولكن خلال السنوات القليلة الماضية، أصبحت نظراته باردة وصلبة وهو نادرا ما يبتسم .
اضافت تيريزا وفي عينيها لمحة عطف :" لا أظن أحدا يجرؤ على ان يعترضك الآن ، خافيار ، في اي شأن كان ".
اجفل لهذا العطف غير المرغوب فيه في وجه أخته ، ورمقها بنظرة حانقة ثم استدار يجتاز غرفة الجلوس الانيقة المريحة . وعلى كل حال ، إذا كان ابن اخته يريد ان يتزوج في مثل هذه السن الفتيّة فهذا ليس من شأنه . وقف أمام النافذة وأخذ ينظر الى الطريق المبلط بالحصى ، والى الحديقة العامة خلفه من دون ان يرى شيئاً في الحقيقة . راحت افكاره تدور حول أبيه دون بابلو اورتيغا فالدزبينو البالغ من العمر التاسع والسبعين ، وقبله الضعيف الذي يمنعه من المجيء إلى إنگلترا ، ما جعله يصر على إنابته عنه في حفلة الخطبة هذه .

حب .. وخط أحمر!  " جاكلين بيرد " ..(روايات احلام)Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt