11-أريدكِ ، فهل تصفحين؟

3.5K 114 11
                                    

تقدمت روز وعيناها مليئتان بالدموع وأهالت قبضة من التراب على النعش. كان الدون بابلو ملجأها الوحيد أثناء الأسابيع الخمسة الأخيرة. لكنه مات الآن وهم يدفنونه.
بعد عودتهما من شهر عسلهما المزعوم ، انتقلا الى الجناح الرئيسي في منزل المزرعة وعاد خافيار يعاملها بنفس الطريقة التي كان يعاملها بها قبل ان يتزوجا ، ممثلا دور الزوج الحريص على إرضائها طوال النهار إذا امكنه ذلك . ولكن في الليل فقط ، في السرير الفسيح كان تحكمه الهائل في نفسه يتلاشى ويستسلم الى الرغبات المشبوبة التي يثيرانها في بعضهما البعض . إلا ان ما بينهما لم يكن حباً ... وأثناء الأسابيع الثلاثة الأخيرة ، عندما احتلا غرفتين منفصلتين ، لم يعد يحدث بينهما شيء على الإطلاق.

كانت تمضي معضم أوقاتها مع الدون بابلو ، تعتني به وبالمقابل راح هو يعلمها الإسبانية.
بعد أسبوعين من عودتهما الى المزرعة ، ذهب خافيار لعدة أيام الى سيفيل تاركاً إياها مع ابيه . سائت حالة الدون بابلو أثناء غيابه، فطلب الدكتور سرڤانتس منها ان تحقنه بالمورفين ، وتستلم مسؤولية السيطرة على آلام المريض العجوز . وعندما عاد من سيفيل ، اتخذ ذلك عذراً لكي يحتل غرفة منفصلة ، قائلا انه لا يريد ان يقلق مقدار النوم القليل الذي تحصل عليه أثناء عنايتها بأبيه. أما روز فقد اعتقدت أنه عاد الى صديقته، لكنها لم تسأله عن ذلك قط.
بدلا من ذلك اعتادت على رفقة الدون بابلو وأحبته. فقد كان يبهجها بقصصه عن طفولة خافيار ، وفي الليلة التي سبقت موته جعلها تعده بألا تترك ابنه ابداً وكأنه أحس بأن الأمور بينهما ليست على ما يرام.

ارتسمت على فمها ابتسامة حزينة وهي تمسح دموعها بيد مرتجفة . ستفتقد الرجل العجوز. لكنها شعرت بالرضى لعلمها انه مات بسلام بعد ان أطلعته على سرها.
ابتعدت عن القبر ثم جاءت لتقف بجانب خافيار . ولكن لم يكن هناك ذراع حامية من زوجها حول خصرها. لقد وقف جامداً مسيطراً على مشاعره. بدت عيناه ببرودة القطب الشمالي عندما رمقها بنظرة سريعة ثم عاد يتأمل إنزال النعش المغطى بالتراب الى تحت الارض . بعد ذلك استقل المشيعون سياراتهم عائدين من الكنيسة الى المنزل .
بعد حوالى ساعة من موعد الدفن راحت روز بين الضيوف . وأدهشها ان ترى كثرة اصدقاء الدون بابلو، وما له من تقدير واعتبار بحيث حضر الجنازة معظم اعضاء الحكومة . نظرت حول الحشد فرأت كل شيء بغاية النظام.
أثارت انتباهها حركة الى يسارها فالتفتت وإذا بها ترى زوجها خافيار واقفاً ويبدو كئيباً في بذلة سوداء بسيطة. ثم احنى رأسه نحو ايزابيلا التي كانت ترتدي ثوباً أسوداً قصيراً للغاية، يكشف عن ساقيها وعن القسم الأعلى من صدرها. وكانت تبكي وهي تتعلق بذراع خافيار .
ارتسمت ابتسامة مرة على شفتي روز . كانت تعتقد ان خافيار عاد الى صديقته ، ولكنها قد تكون مخطئة فربما ايزابيل هي صديقته الجديدة. وفجأة رفع خافيار رأسه فرأى تحديقها بهما، فرفعت حاجبيها وشملته بنظراتها باحتقار لم تهتم بأخفائه . رأت فمه يتوتر بغضب بالغ. حسناً، ما الذي يتوقعه وهو يغازل صديقته أثناء جنازة ابيه؟ استدارت على عقبيها وسارت إلى خلف المنزل.
كانت بحاجة الى التفكير والهدوء. فخرجت الى الشرفة المطلة على الحديقة المستطيلة التي تؤدي الى البحيرة . جلست على المقعد الخشبي الذي كان المفضل عند الدون بابلو ، ثم اخذت تتأمل المياه الزرقاء . تنهدت وأخذت تسوي تنورتها القطنية السوداء إلى اسفل ركبتيها. مالت برأسها إلى الخلف واغمضت عينيها ، ثم اخذت تدير رأسها حول كتفيها ببطأ، علّها تخفف من التوتر الذي تشعر به في أعلى عمودها الفقري . لقد مرت عليها أسابيع مجهدة عصبية، وتأوهت. كان هذا الوصف تبخيساً لما عانته حقاً ...

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Oct 16, 2018 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

حب .. وخط أحمر!  " جاكلين بيرد " ..(روايات احلام)Where stories live. Discover now