5-عرفتكِ ، منذ البداية

3.3K 105 17
                                    

استيقظت روز على صوت صفق الباب. جلست وهي تغالب النعاس وأدركت ، من طراز الغرفة الغريب ، أنها ليست في بيتها.
دعكت عينيها بيديها. هل ما حدث أمس حدث حقاً؟ هل سيصبح خافيار ڤالدزبينو نسيباً لأسرتها؟ لا يمكنها احتمال مجرد التفكير في ذلك. تأوهت بصوت مرتفع وتملكها إغراء للعودة الى تحت الاغطية. لكن آن كانت تسير نحوها وفي يدها فنجان قهوة: "آسفة يا روز ، ولكن عليك ان تنهضي".

-كم الساعة؟
تمتمتروز بهذا وهي تنظر الى وجه ابنة خالها الجميل بعينين غائمتين .
-الحادية عشر والنصف. اشربي هذا واستعدي سوف نغادر بعد وقت قصير.
ووضعت الفنجان على المنضدة، فصرخت روز: "الحادية عشر والنصف؟ لماذا لم توقظيني قبل الآن؟" .
وجلست على حافة السرير وتناولت الفنجان.
-لأن خافيار ذكرنا بأن رئيسك أعادك إلى انكلترا لترتاحي ، وأصر على ان نتركك نائمة. أظنك سلبت لبه! عليكِ ان تشكريه هو وليس انا.
وخرجت ضاحكة.
وقفت روز تحت الدوش وهي تتأوه بخزي. يا للضيفة التي تبقى في فراشها الى ما يقارب وقت الغداء! الذنب كله يقع على ذلك الرجل البغيض . خرجت من تحت الماء وأسرعت تجفف جسدها ثم عادت الى غرفتها حيث غيّرت ملابسها . ارتدت قميصا مرتفع العنق قصير الكمين فوق بنطلون رمادي .
ثم خرجت من الحمام لتهبط السلم الى الطابق السفلي.
-صباح الخير روزالين .اظنكِ نمت جيداً!
قال خافيار ذلك ببطئ وهو ينظر إليها بدقة فيما هو يستند الى باب غرفة الجلوس.
كانت تمشي مرفوعة الرأس، فألقت عليه نظرة سريعة. كان يرتدي بنطلون جينز أسود وقميصاً رياضياً أسود. بدا لها رجلاً متفوقاً فقد ظهرت الغطرسة في كل خط من خطوط جسمه .
قالت بجفاء رافضة ان يرهبها برجولته المدمرة :"نعم شكرا لك".
ما أخبرتها به آن جعلها تشعر بالاضطراب ، فهو الذي أوعز بألا يوقظها أحد.
-والآن هذه دعوة من المستحيل رفضها . يجب ان أتذكر هذا في المرة القادمة التي تتأخرين فيها في النوم.
عندما أدركت ما قالته توهج وجهها احمراراً. ثم اندفعت من جانبه هاربة الى خلف المنزل وامان المطبخ ، وصوت ضحكته الخافتة يرن في اذنيها .
في المطبخ رات روز آن وجين وتيريزا. ورأت على المائدة طبقاً كبيراً من البيض واللحم ، فدعونها لأن تجلس وتتناول طعامها لأنهم سيغادرون بعد نصف ساعة .
أثناء تناولها الطعام حاولت ان تخبرهن أنها لن تذهب إلى اسبانيا :" إنه القرن الحادي والعشرين ، ولم يعد هناك مرافقات للفتيات هذه الأيام".
فقالت آن بحدة :" أرجوك يا روز ... كفى مراوغة وتضييعاً للوقت! سبق لخافيار ان استدعى طياره مرتين وأخّر موعد السفر. مطار إيست ميدلاند يكون مشغولاً جدا في مثل هذا الوقت من السنة بطائرات العطلات الى كل بلاد البحر الأبيض المتوسط".
كادت روز تختنق وهي تتناول البيض. لديه طائرة خاصة؟ ولكن ، لماذا لا وهو ذلك الثري الذي يملك كل شيء؟ وشعرت بمرارة.
سألتها آن :" هل حزمتِ حقيبة امتعتك؟"
-نعم ... لا ... حقيبة العطلة الأسبوعية في الغرفة ، وبقية حوائجي ما زالت في السيارة . لكنني لا استطيع ان اترك "برترام".
قالت هذا بانتصار.
جعلتها حركة عند العتبة تلتفت بصمت. كان خافيار داخلاً مع أليكس ، ما جعل المطبخ يبدو ضيقاً نوعاً ما . كان أليكس في إثره ، لكن خافيار هو الذي أثار انتباهها . فقد جمد مكانه ، وظهر التوتر في كل انحاء جسمه، فيما أخفت اهدابه المسبلة كل التعبير في عينيه :" من المؤكد ان بإمكان حبيبك ان يعيش أسبوعا على الذكريات فيما تقومين أنت بمساندة أسرتك. سبق واضطررت انا لذلك"
قال خافيار هذا بصوت عميق وبنبرة تشير الى مشاعر قوية كان يسيطر عليها بحزم .
أدركت روز معنى آخر تعليق له في الوقت الذي انفجرت فيه آن وأليكس بضحك ملأ المطبخ.
بدا واضحاً انه يشير إلى انه يعيش على ذكريات زوجته الراحلة ، لابد أنه كان يحبها كثيراً.
أدركت روز هذا ، ما جعلها تتخطى وخزة الألم التي شعرت بها. ألقت بشوكتها ودفعت طبقها جانباً شاعرة تقريباً بالأسى لأجله.
ربت أليكس على ظهر خافيار وهو مازال يضحك: "كلا ، يا صديقي . فأنت قد اسأت الفهم حقاً. ليس لدى روزالين حبيب ، فهي مشغولة جداً بخدمة الناس "برترام" هي سيارتها وليس حبيبها".
والتفت الى روز :" لا حاجة بك الى القلق بشأن السيارة سأعتني بها لأجلك ، وستبقى عندنا حتى تعودي . وفي الواقع ستؤدين لي خدمة بذلك فأنا متلهف للجلوس خلف مقودها مرة اخرى. اعتاد ابوك ان يتركني اقودها احياناً ... كم كنا نستمتع بذلك".
إشارة خالها أليكس الى ابيها ، وابتسامته الكئيبة لها ، اقنعت روز بأن ليس لديها خيار :" سأذهب لأحضر حقيبتي والمفتاح ".
قالت هذا مذعنة برقة، وهي تنهض وتنظر الى خافيار أثناء مرورها بقربه .
فقال بابتسامة أزالت التوتر من ملامحه :" يا للفتاة الطيبة! وأنا أعدك بالحصول على عطلة ممتعة".
كادت تبادله ابتسامته ، لكن المنطق منعها . انها بحاجة الى وعد آخر من نوع آخر من خافيار ڤالدزبينو . ثم ما الذي يجعله يدعوها (فتاة) هذا المتغرطس المغرور؟ فكرت في هذا بجفاء وهي تدخل الى غرفتها .
كان قلبها يخفق بشيء من السرعة وفسّرت ذلك بصعودها السلم ركضاً . لا تريد ان تعترف ولو للحظة بأن ابتسامة خافيار هي السبب في تسارع خفقان قلبها . وقررت ان ليس لديها سوى وقت قصير لحزم امتعتها القليلة . وبعد قليل ، هرعت عائدة تهبط السلم الى الأسفل ثم الى الخارج .
أسرعت الى سيارتها ثم فتحت الصندوق وأمسكت بمقبض الحقيبة.
-اسمحي لي.
وأخذت حقيبة الملابس من يدها يد ضخمة ووضعتها على الأرض.
ارتفع بصرها الى العينين الداكنتين :" أنا لست عاجزة".
فرفع احد حاجبيه بغطرسة :" وهل قلت أنا ذلك؟ أي امرأة تقتني هذه السيارة الرائعة (برترام) يجب ان تكون بالغة الثقة بالنفس . فليس من السهل قيادة سيارة كهذه والعناية بها".
تألقت عيناه استحساناً لهذه السيارة الرياضية الفارهة ثم أخذ يدور حولها ببطئ .
ناولت المفاتيح لخالها ، الذي عاد ليقف عند الباب حيث يقف بقية أفراد الأسرة وهو يصفر بفمه مسروراً.
غضنت روز أنفها بخيبة أمل عندما جلست على مقعدها في الطائرة وربطت الحزام حولها. كان خافيار في مقدمة الطائرة يتحدث مع الطيار . وجيمي وآن يجلسان متلاصقين كالعادة . بدت روز مقطبة الجبين لهذه الرفاهية الظاهرة في الطائرة الخاصة. فبعد الفقر الذي رأته اثناء عملها ، شعرت أن من المعيب ، نوعا ما أن يمتلك رجل كل هذا.
-خذي جنيهاً وأخبريني بما تفكرين.
بدا خافيار أمامها فجأة ، ثم غاص في المقعد الى جانبها لا يفصل بين كتفيهما سوى عدة انشات.
القت نظرة جانبية على جانب وجهه الوسيم. وفكرت بقنوط بأن مليون جنيهاً لا تكفي ثمناً لفضح افكارها نحوه . لماذا يستطيع هذا الرجل من بين كل الرجال ان يؤثر عليها هذا التأثير الكهربائي؟ هذا ليس عدلاً. ولكن هل في الحياة الكثير من العدل؟
وجدت الفكرة الأخيرة مهرباً تخبره به للتخلص من الإجابة الحقيقية على سؤاله ، وان بدا ذلك وجهة نظر مستهلكة.
من المدهش ان الوقت مرّ بسرعة عندما خاضا في نقاش حول توزيع الثراء . بدا خافيار محدثاً ذكياً للغاية ووجدت روز انها في الواقع مستمتعة بهذا الصراع بين ذكائيهما ، وبحدة الجدل عن المصارف الغريبة ومحو ديونها على دول العالم الثلاث الفقيرة، وكانت روز تناصر هذه الفكرة بينما يعارضها خافيار، بصفته صاحب مصرف. وتغلبت قوة عقيدتها على ليونة طبعها فاخذت تصفه بأنه نموذج للرأسمالي النهم للتسلط والسيطرة وتدخل جيمي متوسطاً بينهما :"كفى يا روز. إنه يثيرك ويوتر أعصابك ليس إلا. فهو يمنح المبّرات ودور الإحسان وينفق على عشرات من الطلاب الإفريقيين والله وحده يعلم ماذا ايضاً".
رفعت روز وجهها الى خافيار بحذر وقد بدا الخزي عليه :" هل هذا صحيح؟".
فتمتم بابتسامة قصيرة :"انا مذنب حقاً ، لكنك تأخذين الطعم وتثورين بسرعة يا روزالين . فلم استطع المقاومة".
ابتلعت روز ريقها بصعوبة :"انا آسفة إذن لنعتي لك بتلك الألفاظ".
تأملها خافيار بعينين لا يُسبر غورهما ، ولم تسفر ملامحه القوية عن أي تعبير :" لا داعي للاعتذار . الحق معك جزئياً على الأقل . فأنا (نهم للسيطرة والتسلط) حقاً"
اعترف بذلك بصوت عميق وبطئ ساخر، ترك روز تحت تأثير تهديد غامض . اما لماذا؟ فلم تكن لديها فكرة ...
وفي هذه اللحظة جاء صوت الطيار لينبئهم أنهم على وشك الهبوط، فتحول انتباهها عنه.
انتهت الإجراءات في المطار ، ولم تعترض روز عندما اخبرها خافيار أن جيمي وآن سيذهبان في سيارة الليموزين إلى بيته ، أما هما فسيذهبان في الفيراري الجاثمة في المطار.
أما العذر في هذا التفريق فهو أن الليموزين لا تتسع لكل الأمتعة ، وبدا ذلك مقبولاً ولكن ما إن جلست في سيارته الرياضية لا يفصل بينها وبينه سوى إنشات قليلة، حتى ابتدأت تتساءل عن مدى الصواب في وجودها معه بالسيارة من المطار الى الطريق الرئيسي ثم قالت لتحطم التوتر الذي شحن الصمت بينهما :" كان عليّ ان اتكهن أنك تملك سيارة فيراري".
-أنتِ تعرفينني جيداً.
تحوّل بصره إليها لحظة ثم عاد الى الطريق. وعلى الفور أدركت أنها كادت تسيء التصرف مرة أخرى ، فهزت كتفيها :" حسناً، يبدو أنك تحب السيارات الرياضية".
-هذا صحيح . لديّ مجموعة جيدة من السيارات الرياضية القديمة وهي في مخزن خارج المدينة سأريها لك ذات يوم. ولكن لاستعمالي اليومي انا اعشق سيارتي الفيراري الحمراء هذه.

حب .. وخط أحمر!  " جاكلين بيرد " ..(روايات احلام)Where stories live. Discover now