٢-ملعقتان من السُكر.

1.5K 198 320
                                    

صفيرُ الغلايةِ واهتِزازُها دونَ هوادة, قبضَ على ذِراعِها المعدني وأفرغَ مِن الماءِ بجوفِ الكوبِ الورقَي, أمسَكَ بعُلبةِ السُكَرِ, أضافَ عياراً واحداً, أخذَ يجولُ بالملعقةِ بروية داخِل الكوب, تجمَدَت حركَتُهُ للحظات, أعادَ انتِشالَ عُلبَةِ السُكَرِ...

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.


صفيرُ الغلايةِ واهتِزازُها دونَ هوادة, قبضَ على ذِراعِها المعدني وأفرغَ مِن الماءِ بجوفِ الكوبِ الورقَي, أمسَكَ بعُلبةِ السُكَرِ, أضافَ عياراً واحداً, أخذَ يجولُ بالملعقةِ بروية داخِل الكوب, تجمَدَت حركَتُهُ للحظات, أعادَ انتِشالَ عُلبَةِ السُكَرِ وأفرغَ ذراتَ مِلعقَةٍ أخرى في الشراب.

لَم يملِك سببًا وجيهًا لهذا الأمرِ, كُلُ ما كانَ يدورُ بذِهنِهِ حديثُ الفتاةِ مِن البارِحة, لَم يُفكِر بِها مرةً أخرى مِنذ أن عادَ إلى منزِلِه, لكِن الأن, دونَ دعوة, عادَت صورةُ وجهُها باهِتِ اللونِ إلى حِضنِ عَقلِه، عجيب.

"أنا خارج أمي."
يعيدُ النِداءَ ذاتَه, هذِهِ المرةَ عالمٌ بوصولِه إلى والِدَتِهِ وأخيه, كانَت كَلماتُهُ غيرَ طيبَةِ الوقعِ على نفوسِهِم, ولكِنها واقِعُهُ الراهِن وما لهُم مِن خيارٍ فيه.

مِعطَفُهُ الأسود الرتيب يحتضِنِ بدَنَه بوهَنٍ كعجوزٍ رثٍ يحمي مُمتلكاتِه, كوبُ الشايِ في أمانٍ بينَ أطرافِ أصابِعِهِ, وشفتاهُ مُفتَقِدة لمُلوسةِ السجائِر المحشورة عليها.

اتبعَ مسيرةَ البارِحة بعجلٍ أكبَرَ, هو الأنَ لَم يكُن يكتَشِفُ أكثَرَ مِن كونِهِ في بدايةِ روتينٍ مُفتعلٍ جديد.

تدحرَجَت في خواطِرِهِ إمكانيَةُ قُبوعِها في ذاتِ المكانِ ثانية, كانَ مُحتاراً لافتعالِ أفكارٍ كتِلكَ في جناحِ عقلِه, هو ذاهبٌ لاستنشاقِ سجائِرِهِ في يومٍ رمادي, ما شأنهُ يقلقُ على شخصٍ يبدو دونَ كامِلِ عقلِه ليجلِسَ في بردٍ شديد؟

لماذا كثَفَ مِن كميةِ السُكرِ في شايِّه إذا؟ هو الذي لا يحبَذُ الحلاوة المُفرِطة في المشروباتِ.

مُنحنيًا في سيرِهِ إلى شارِعٍ أخَرَ, مرةً ثانية رأى خطَ جسَدِها البعيد, كُلما اقتَربَ أدركَ مِن كونِها تُعيدُ ذاتَ الخَطَأ مِن البارِحة, تضعُ بدَنَها قُرباناً لوحشيةِ الجوِ المُحيط, هي لَم تَلحَظَ قُدومَهُ مُجددًاً, تشرُدُ في طورٍ بعيد مِن عقلِها.

سحبَ نظرةً لما حمَلَت يداهُ, مشروبُهُ ما يزالُ يحتفِظُ بكمٍ لا بأسَ بهِ مِن السخونةِ, على الأقلِ أكثَرَ مِن البارِحة, وهو حلوٌ أيضاً, ما يعني أنهُ لِلمرةِ الثانية ليسَ معنياً لهُ ليجترِعَه.

Tea talks || أحاديثُ الشايWhere stories live. Discover now