٨-رثاءُ الزقاق.

882 151 131
                                    

زفَرَ طويلاً كُل ما حمَلَ صدرُهُ المتهدِج طولَ ساعاتِ اليومِ الذي بدا كلحظةٍ لا تنتهي

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

زفَرَ طويلاً كُل ما حمَلَ صدرُهُ المتهدِج طولَ ساعاتِ اليومِ الذي بدا كلحظةٍ لا تنتهي.

رنينُ جرَسِ المدرسة كانَ بمثابَةِ قرارِ إعفاءٍ عن روحٍهِ المذنِبة, لكِن قراراً بالإعدامِ أيضاً, هو كانَ يتفتَتُ إلى أشلاءٍ في انتظارِ الخروجِ مِن أحضانِ الجدرانِ الكئيبة, ولكِنهُ في ذاتِ الوقتِ يمتلِئُ قلقاً مِما يلي اليوم الدراسي.

فبعدَ إفسادِهِ لكُلِ شيءٍ البارِحة, لَم يعلَم إن كانَ على استعدادٍ لرميِ نظرِهِ على وجهِها شاحِبِ التفاصيل مُجددًا, هو من ترجى أن لا تَترُكَ الحضورَ ثانية ولكِنهُ أيضاً الخائِفُ الوحيد.

لذا بعدَ الخروجِ مِن المدرَسَةِ قرَرَ سحب الأثقالِ المتوارية في باطِنِ قدميهِ والمضي إلى أبعَدِ نُقطةٍ عن المكانِ, على الأقلِ هو حرٌ كطائرٍ لباقي اليوم, حتى وإن كانَ بجناحٍ مكسور.

بدت الطرقات الفاصِلة بينَ مدرسَتِهِ ومسكَنِه الجديد طويلة لا تنقضي، يتفاوتُ حملُها على كاهلِهِ تناغماً مع الأفكارِ القابِعة في رأسِهِ، لكِنها كانت بشكلٍ ما محببة إليه، لأنها كانَت كالفاصِلِ بينَ حدينِ لم يجِد في كليهِما الرضى التامَ.

بعدَ أخذِهِ خطوتين متجاوزاً لزقاقٍ ضيق كان عادة ما يقابِلُ أصدقاءه البالغين هناك، سمِع صوتاً مكبوتاً، لم يركِز حواسهُ في بادِئ الأمرِ، لكن عندما لحقَت المزيدُ مِن الكلماتِ المهلهِلة أوقفَ سيرَهُ، أرهفَ سمعهُ، ونهاية عقَد حاجبيهِ.

لم يكُن ترددهُ بسيطاً، قبلَ أن يخطو باتجاهِ الزقاقِ متفقِداً، كلُ تلك التفاصيل في جوفِ يومٍ غائِم أنذرَت بطريقٍ نهايتُهُ ندمٌ من نوعٍ ما، لكِنه لم يكن ليستطيعَ إيقافَ حركَتِهِ الأن.

ابتلعَتهُ الظِلالُ التي ألقتها المباني العالية عن كِلا الجانبين، رائِحة رطِبة للمياهِ السائبة على أركانِ المكان طغت على تجويفاتِ أنفِهِ متداخِلة مع عبقِ سجائرٍ منتهية.

سريعاً ما لاحَ في ناظريهِ مجموعة مِن الظلالِ متفاوتةِ الأحجام، ثم سمِع جيداً الضحكاتِ الساخِرة، الشتائم، وكلمات الرجاءِ الأشبه بالنحيب.

Tea talks || أحاديثُ الشايWhere stories live. Discover now