ظهرُهُ مرافقٌ لقسوةِ الحائِطِ الإسمنتي من خلفِه, يحتضِنُ ركبتيهِ على مقرِبة وحقيبتُهُ المدرسية مرميةٌ بحميمية في المنتصفِ على حضنِهِ, تيارٌ من الأرجُلِ اندفعَ في مرمى بصرِهِ, صليلُ حديثٍ, صراخٍ, توديعٍ, وغيرها مِن فراغِ الحروف.
كانَ يجلِسُ خارِجَ مبنى المدرسَةِ, على الأرضِ الغليظة لأحدِ الحوائطِ المقابلة لبابِ الخروجِ العملاق, والذي بدورِهِ ارتفعَ أربعَ درجاتٍ مُطلاً على الشارِعِ, تمثَلَ المكانُ لهُ كبحرٍ مديٍد مِن الطلابِ العائِدينَ إلى منازِلِهِم.
أوراقٌ مجموعة في قصةٍ مصورة توازنَت على رُكبتيهِ, تحجرَت أصابِعُهُ على أطرافِ الورقِ مرطبة بعرقٍ بالرغمِ مِن قسوةِ البرد, يُطبِقُ عينيهِ على الكلماتِ المطبوعة والألوانِ المندثِرة بانتِظام, في وجومٍ تام, لا اهتمامَ بما يجري مِن حولِه.
هو عادةً سيكونُ يحثُ الخطى على الطريقِ القائِدِ إلى رحابِ منزِلِهِ, يلبثُ أمامَ المدرسةِ مراتٍ قليلة, سبَبُ بقائِهِ لليومِ هو نفاذُ جيبِهِ مِن السجائِرِ, ينتظِرُ أصدقاءهُ ليأتوا كي يتسلَمَ ُملكيتَهُ بعد الدفعِ.
"أراكَ غداً!"
نبسَ صوتٌ عالياً مِن فوقِهِ, أحدُ طلابِ السنةِ الأولى يلوحِ مراراً بيدِهِ لصديقِهِ الذي يشقُ سبيلاً مُعاكِساً لهُ.بدا أن لدى الجميعِ أصدقاءٌ, يتلونَ عليهِم التحية في أولِ الصباحِ ووقتَ الانصرافِ, إلا هو.
كانَ تقبُلُ المدرسةِ مهمةً دونَ طائلٍ بالنسبةِ لهُ, لأسبابٍ عديدة, ومِنها عدَمُ امتلاكِ خليلٍ داخِلَ أروقَتِها.
كانَ لديهِ واحدٌ, في العامِ الذي ولى, أو هذا ما كانَ يدعوهُ داخِلِ سريرتِهِ, لكِنهُ فعلاً كان أقربَ مَن عَرِفَ هُنا, وكانا يقضيانِ جميعَ الوقتِ المُهدَرِ داخِلَ هذا السجنِ سوياً.
الأمرُ أنهُ سرعانَ ما اضطرَ يونغي للرحيلِ برفقةِ أسرتِهِ لحياةٍ أفضلَ, وهو لم يكُن من يملِكُ حقاً ليعترِضَ, فاكتفى بتجرُعِ مرارةِ الفراقِ بمحياً فظيعِ البشاشة.
YOU ARE READING
Tea talks || أحاديثُ الشاي
Short Story"كأن نهربَ بأقدامٍ دامية خوفاً مِن المجابهة!" في يومٍ مُلبدٍ بغيومٍ لها مِن الأسى عنوان، عندما تكونُ تائِهًا في أطرافِ عيوبِك، يكونُ الشايُ كفيلاً بإصلاحِ الكثير. -كيم تايهيونغ. [فائزة بمسابقة مآل ٢٠٢٠] E: 271018