Tea talks || أحاديثُ الشاي

٤-شايٌ بالحليب.

تدفقَتِ المياهِ في قاعِ الكأسِ مُتصاعِدة حتى الامتِلاءِ, تمرغَ لونٌ أحمرٌ في المياهِ مِن أوراقِ الشايِ المحشورة داخِلَ الظرفِ الهزيل, بعدَ أن انتقعَ المشروبُ تماماً, أزالَ الظرفَ رامياً إياهُ في المهملاتِ, أضاف كما المعتادِ مِلعقتينِ مِن السُكَرِ, ثمَ خطا إلى الثلاجة عندَ زاويةِ المطبخِ البارِدة, أخرجَ عُلبةَ الحليبِ الكرتونية النصفَ فارِغة, عادَ مُجاوراً الطاولة الرتيبة, على مقرِبة مِن الطرفِ الزجاجي أسندَ فوهَةَ العُلبة, وشاهَدَ السِحرَ المُفتعَلَ بتدرجُ اللونِ إلى ظلٍ بهيجٍ مِن البُني الفاتِح.

أفصَحَت شفتاهُ عَن ابتسامة متواضِعةِ الرضى, ذكَرَت كونَ سِرِ مثاليةِ الشاي الممزوجِ بالحليبِ هو اللونُ الداكِن, وما أنتجَت يداهُ بدا أكثَرَ صوابٍ قريبٍ من الأمرِ, دونَ الحاجةِ لذكِرِ كونِهِ قَد اطلعَ على بعضِ الصورِ المُساعِدة في الأنترنِت عن درجاتٍ مُتعددة للونِ الشاي, الأمرُ أثارَ شعوراً غريباً في نفسِهِ وكأنهُ قَد أقبَلَ على نوع مِن السُخف.

لكِنهُ كانَ نوعاً, وبصدقٍ تام, يهتمُ.

يريدُ أن يحصُلَ على مزيجٍ مثالي, متغاضياً عن كونِهِ وصفَ الشيءَ بالمقزِزِ في اليومِ السابِق.

ذهبَ بخطواتِهِ إلى واجِهَةِ المنزِلِ بعدَ أن سمحَ للمعطفِ العجوزِ بتسَلُقِ بدنِهِ, تملكَتهُ رغبة لحظية باصطحابِ معطفٍ إضافي برفقَتِه, ولكِنهُ آثَرَ التخلي عِن الفِكرةِ ختاماً, آمَنَ بكونِها ستُلبي طلبَهُ السابِق في محاولَةِ حمايةِ نفسِها مِن البردِ, رجا أن تكونَ قَد أقبلَت محاولةً على الأقل.

خطواتُهُ عجِلة أكثَرَ مِن المُعتادِ, قَد كانَ مُتحمساً في ظِلِ إنكارِه, هو يتقِدُ رغبةً في تسليمِها المشروبَ رغمَ عدَمِ تمثُلِهِ كإنجازٍ بتاتاً, كانَ مُجرَدَ شايٍ بعدَ كُل شيء.

على طرفِ الرصيفِ جلست ثانية, في ذاتِ الإنشاتِ المحدودة دونَ أي تغييرٍ طفيف وكأن الأمرَ قاعِدة كونية لا سبيلَ لنقاشٍ فيها, شعرُها مسدولٌ بعبثٍ, ودونَ حِسِ مُفاجَئَةٍ شديد, سُّرَت نفسُهُ و أزهرَت ابتسامَتُهُ.