الحلقة الثالثة

6.1K 169 0
                                    

3*
#لن_ادعك_تفوز
#الحلقة_الثالثة
كان في مقر عمله و الذي يكمن في ناديه الخاص لرياضة الخيل..
يا لها من عائلة تفكر كثيرا في كل شئ..
كانت الصفة المشتركة بينه و بين حنين هي التحليل لكل شئ يحدث رغم ان شخصيتهما مختلفة الي حد كبير..
فهو كان رمز للعنف و القسوة و ايضا الشراسة بينما حنين كانت رمز للرقة و الأنوثة..
ها هو جالس علي مكتبه و هو واضع السماعات الكبيرة علي أذنه ليسمع موسيقي هادئة حتي ينعزل عن كل شئ..
لا يعلم لماذا عادت إليه الأفكار الشيطانية حتي ينتقم من عمه و زوجته رغم وفاتهما هما الاثنان..لكنه يشعر انه لم يأخذ ثأر والدته و شقيقته التي توفت بسبب عدم مراعتها و ايضا بسبب قهرتها علي والدتها..
تنفس نفس عميق و مسك قلم و ظل يشخبط به علي الأوراق لعله يهدأ لكن لا فائدة..
وقف ثم اقترب من النافذة و دس يده في جيبه يتذكر علاقته مع حنين..
فهو رغم جميع الفتيات التي ملتفة حوله و تترمي تحت أرجله مثل أي شئ يريده لكن نار قلبه لم ترتاح بسبب اشتياقه لها رغم انه عزم علي انه اذا وجدها سيأخذ ثأر والدته و شقيقته و ثأر قلبه الذي تحطم و لم يفوز بشئ..
أدار وجهه ليجد صديقه و شريكه ايضا..ها هو ماجد تاجر الخيل الذي يتحدث الجميع عن جمال خيله العربية الأصيلة و الذي أراد ان يشارك إياس لأنه يعلم شدة حبه للخيل..
كان جالس أمام مكتبه و ساند يده تحت وجنتيه و هو يقول بسخرية..
-يا سيدي يا سيدي علي الروقان.
خلع إياس السماعات و هو يبتسم له و يجلس أمامه و هو يقول بصوته الرجولي الخشن..
-كنت بتقول حاجة؟
-كنت بقول ان الأسبوع الجاي فيه مقابلة للمدربين الجداد.
-و ايه المشكلة متقابلهم يا ماجد في ايه!؟
وضع ماجد ساق فوق ساق و هو يبتسم ابتسامة صفراء و يقول بمكر..
-ما أصل الواطي واطي يا العبان!
ضحك إياس ضحكات رنانة ثم نظر لماجد نظرة استفهامية و هو يقول..
-عايز ايه يا ماجد انجز.
-اممم عايز اعرف انت مالك بقالك يومين كده؟
أدار إياس وجهه و هو يتصنع الانشغال علي حاسوبه ثم استكمل حديثه و هو يقول..
-مالي يا عم في ايه؟
-في اني عرفت انك سألت تاني عن حنين يا إياس!
انقلب وجه إياس ثم نظر لماجد صديقه الذي يعرف عنه كل شئ و بلع ريقه و هو يقول..
-انا نسيت الموضوع ده خلاص.
-اها عشان كده بعت وائل يشوفلك الناس اللي وصلت مصر من سنتين لحد دلوقت!!
وقف إياس ثم جلس بالمقعد المجاور لماجد و أعينه مدمعة للغاية و كأنه يريد ان يكتم صرخة بقلبه..هم بالحديث لكنه لم يستطيع..شعر و كأن لسانه و شفاه قد توقفا عن العمل..
يشعر بالعجز و أنه لا يستطيع ان يطفئ نار كرامته..
يشعر ان كبريائه قد تحطم و بشدة..
علم ماجد ان إياس يريد التحدث معه فنظر له بإبتسامة تحثه علي الهدوء قليلا ثم أراح ساقيه عن بعضهما و اقترب بجسده و هو جالس ثم استرسل حديثه و هو يقول..
-ممكن تهدي عقلك ده شوية!
لكنه وجد إياس تسقط منه دمعة كادت ان تكون من قلبه ثم انقلب وجهه للون الأحمر و ضغط علي اسنانها حتي ان عروق رقبته ظهرت..
-مش قادر يا ماجد! حاسس ان الحاجة الوحيدة اللي هتروي وجع قلبي اني اموتها!
-ليه يا إياس! ليه تفكر التفكير الإجرامي ده! هي عملت ايه لكل ده!
-سابتني في وقت كنت محتاج لها فيه اوي و كنت متوقع انها هتبقي معايا مش عليا.
-كانت لازم تسيبك عشان حاجتين..الحاجة الأولي ان اكيد و بنسبة ١٠٠ في ال١٠٠ مش هتسيب اهلها يسافروا لوحدهم من غيرها و لا حتي أهلها هيسبوها و السبب التاني خوفها منك بعد ما بعت لأبوها رسالة بتقول انك مش هتسيب حقك.
رجع إياس بظهره لخلف المقعد و هو يمسح دموعه و يقول بتنهيدة قوية..
-و لحد دلوقت لازم اخود حقي!
وقف ماجد و هو يصيح في وجه إياس و كأنه يريد ان يوقظه من تلك الغيبوبة و هو يقول..
-ما كفاية بقي الفيلم الهندي اللي انت عايش فيه ده! و فوق بقي لنفسك و اعرف ان اللي حصل ده إرادة ربنا و مفيش أي حد له دخل فيه و انت عارف كده كويس..انا همشي عشان محرقش دمي.. و متنساش الأسبوع الجاي في مقابلة للمدربين الجداد و محدش غيرك هيقابلهم!
                       *************
"اسمي نيفين منصور الدمنهوري و عندي..انتي قولتي اقول عندي كام سنة يا ريم!"
قالتها حنين و هي تتدرب علي شخصيتها الجديدة حتي تستطيع أن تعيد كل شئ كما كان لكنها وجدت ريم تصرخ في وجهها و هما جالسان علي الفراش و هي تقول..
-ركزي يا حنين مفضلش غير أسبوع وانتي لسه محفظتيش بياناتك الجديدة!
تنفست حنين الصعداء و هي تنظر لريم و تقول بضيق..
-يعني تفتكري الخطة دي هتنجح!
-اه طبعا هتنجح اولا عشان انا غيرتلك كل ورقك حتي بطاقتك و ثانيا انتي شكلك اتغير بنسبة كبيرة اوي و ثالثا و أهم واحدة انك رجعتي بسفر بحري مش جوي!
-طب و هتفرق في ايه جيت بحري و لا جوي!
-ما هو اللي حضرتك متعرفهوش ان ابن عمك كان قايلي انه من كل فترة و التانية بيبعت حد يشوفله الكشوفات اللي جاية من برا.
-طب و حتي لو روحت و اشتغلت مدربة خيل و كل الكلام ده هستفاد ايه لما أروح بإسم واحدة تانية!
-عشان ميعرفش انه انتي و يعمل فيكي حاجة.
نظرت حنين لريم و هي تطلب منها ان تعطيها الأوراق التي كانت بجانبها و هي تقول..
-ده ورق ايه ده؟
-ده ورق ياستي بياناتك الجديدة..و اللي هتعمليي بيه البطاقة بردو.
-طب وريني كده.
أخذتهم حنين من ريم و ظلت تقلبهم بين يديها و فجأة جمعتهم سويا و همت بقطعهم لتجد ريم مندهشة مما تفعله فبدأت حنين بالحديث و هي تقول..
-انا اكتر حاجة بكرها في حياتي الكدب و دي اول حاجة.. تاني حاجة يا ريم انا هروح و هشتغل بأسمي الحقيقي عشان انا عايزاه يعرف اني جيت بس مش من حد تاني غيري.. و تالت حاجة ان لو حد اكتشف ان الورق ده  ده مزور هدخل السجن عشان حاجة تافهة زي دي..و رابع حاجة و اللي حضرتك مكنتيش تعرفيها ان انا كنت بدرس برة مصر كلية رياضية بالظبط زي كلية تربية رياضية و مش صعب عليا ابقي مدربة..اقولك خامس حاجة و لا كفاية عليكي كده؟
ظلت ريم فاتحة فمها و مندهشة من فعلة حنين التي ألجمتها و جعلتها مثل صنم فكل مجهودها لمساعدة حنين انتهت بسبب هذا الفعل الطائش..
فاقت من صدمتها و هي تصرخ في وجه حنين و تقول..
-و لما يقتلك بقي!
-يقتلني ليه! هو انا اللي موت امه و لا حتي موت اخته! هيقتلني ليه و انا اصلا معملتش أي حاجة!
-اومال وافقتي ليه في الأول اني اعمل كل ده!
-عشان خايفة يعرف اني انا بنت عمه فميرضاش يتكلم معايا اصلا.
وقفت ريم و هي تضحك ضحكة ساخرة..
-انتي ازاي واخدة الموضوع ببساطة كده! دي مشاعر بني آدم يا حنين! مشاعر واحد افتقد اعز حاجة في حياته.
-و هو انا بقلل منه اذا كنت انا بقولك حسه بالذنب فعشان كده عايزة اروح و اصلح أي حاجة حصلت زمان.
-طب ما تروحي تتكلمي معاه فيس تو فيس كده!
-فكرت في كده بس اكتشفت اني لو عملت كده هحسسه اني جاية أشمت فيه!
انتي ليه مش فهماني! انا بحبه و عايزة اعوضه عن كل حاجة حصلت معاه و في نفس الوقت خايفة من ردة فعله!
أخذت ريم حقيبتها و همت بالخروج و هي تلوح بيدها خلف اذنها باتهام حنين بالجنون و هي تقول..
-لو نهايتك مبقتش علي ايده مبقاش انا ريم!
خرجت ريم خارج الشقة بأكملها فشعرت حنين انها المحقة و ليست ريم..
فلماذا الكذب و هي لم تفعل شئ!
و لماذا ايضا سيكون ردة فعله عنيفة فقد مر  علي الحادث عشرة سنوات..
هل عشرة سنوات قليلين لتنسيه القليل من وجعه؟
هل سيكون ذلك الوحش المفترس الذي يفترس فريسته معلنا فوزه؟
ام سيكون ذلك الأمير الهادئ الذي سيجعلها أميرة و يتفهم وضعها و الذي حدث معها؟
ظلت تفكر حتي ان النوم غلبها كعادتها معلنا دخولها في سبات عميق..

نوفيلا لن أدعك تفوز..[مكتملة]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن