الحلقة الرابعة

5.4K 177 0
                                    

4*
#لن_ادعك_تفوز
#الحلقة_الرابعة
فتحت الباب ليخرج معها بخار الماء القوي الذي جعل الحمام مثل كتلة موقوتة تخرج دخان كثير..
خرجت و هي مرتدية ثوب الاستحمام حتي تجفف جسدها و خصلات شعرها الطويلة..
نظرت في المرآة و هي تصفف شعرها و تتحدث بصوت مسموع لعل توترها و خوفها يقل..
"تفتكري رد فعله هيبقي ايه؟ انتي عارفة ان إياس عنيف اوي! تفتكري ممكن يموتك زي ما ريم و ايمان قالوا؟ تفتكري هيعرف انك حنين لما يشوفك؟ تفتكري لسه بيحبك زي مانتي بتحبيه؟"
ظلت تسأل نفسها تلك الأسئلة و بقلبها بركان من القلق الذي أصبح رفيقها في كل شئ..
تعلم ان خطوة اليوم صعبة للغاية فكيف ان تقف سمكة امام صنارة؟
او كيف تقف بهذه السهولة امام شخص تعرف أنه شرس للغاية؟
انتهت من تصفيف خصلات شعرها التي جعلتها مستقيمة مما أعطتاها جمال خاص و كأنها تحولت إلي فتاة في مقتبل العقد الثاني و ذاهبة إلي جامعتها..
فتحت خزانة ملابسها و كعادتها أخذت ملابسها التي تظهر مفاتن جسدها..
أرتدت بنطال أبيض ضيق بشدة و فوقه جاكيت من اللون الأسود الغامق ثم أغلقت الجاكيت و ربطت شعرها كذيل حصان ثم نظرت امام المرآة لآخر مرة و هي تقول..
"انا واثقة فيه و واثقة انه هيفهمني لما يعرف ظروفي و واثقة انه مش هيعرفني من اول مرة!"
أرتدت حذائها ثم خرجت و أغلقت خلفها باب الشقة و هي تشعر ان نبضات قلبها تزداد لعلمها انها سوف تري عشقها الذي منذ العديد من السنوات لم تراه و كأن نار قلبها سترتوي عند نظرة منه أو لمسة منه...
نزلت درجات السلم و هي تحاول تعيد شتات تركزها بغنوة أجنبية..
ها هي حنين كعادتها تعشق سماع الموسيقي مهما كانت..
وصلت عند مدخل المبني و تشعر ان الخوف يزداد لا تعلم لماذا لكنها تشعر انها أُضحية سوف تذبح علي يد صاحبها عاجلا ام آجلا لا فارق..
اقتربت من سيارتها الجديدة ثم دلفت بداخلها و أغلقت الباب خلفها..
فتحت الكاسيت حتي تستمع إلي شئ يهدأ من روعها..
و بالفعل استكانت لتلك الموسيقي العذب..
تشعر انها تريد ان تذهب لإياس لشئ واحد فقط..
تريد ان تأخذه بين ذراعيها و تقول له"ها انا قد أتيت من أجل ان نكون جسد بروح واحدة و بقلب واحد و بأعين واحدة"
لكن لازالت كلمات ريم تتردد في أذنها..
هل ستصبح كأي شخص بالنسبة له و لن تفرق معه؟ ام ستفرق معه فسيأخذ منها ثأره؟ ام سيطلب منها ان تكون معه للأبد؟
مسكت رأسها و هي تصرخ و تقول..
"كفاية بقي انا تعبت من كتر التفكير!"
و بعد عدة دقائق وجدت حنين رنين هاتفها يرتفع معلنا عن وصولها إلي نادي الخيل عن طريق جهاز الGPS..
ركنت سيارتها ثم أخذت نفس عميق و أخرجته من فمها لعلها ترتاح من الضغط علي أعصابها..
ثم خرجت من السيارة لكن جاء الدور علي شفاها حتي تضغط عليها بأسنانها و تتورم مرة أخري..
دلفت داخل النادي الصغير ثم صعدت لإدارته و انتظرت بالخارج في غرفة الإستقبال مع العديد من المدربين و المدربات الذين يريدوا ان يعملوا هنا ..
وجدت أحد يخرج من الغرفة ينطق أسمها و هو يقول..
-كابتن حنين مصطفي تدخل.
وقفت حنين ثم دلفت إلي الداخل و تدعي ربها ان تنجح في ان تكون مدربة في هذا المكان..
عندما دخلت وجدت فتاة في مقتبل العقد الثالت تبتسم لها و هي تقول..
-اتفضلي ارتاحي.
كانت إمرأة بشوشة للغاية..ذات ملامح ملائكية و هادئة و كأنها رمز للسلام..
بعد برهة وجدت حنين تلك المرأة تقول لها بإبتسامتها التي لازالت مرسومة علي وجهها..
-انتي قدمتي يا حنين علي النت انك عايزة تشتغلي هنا.
-مظبوط.
-طيب انتي ماشاءالله مكتوب عندي انك كنتي عايشة برة مصر اصلا و درستي كل أنواع الرياضة مش كده؟
-اها بس انا كنت بتمرن بس..لكن عمري ما اشتغلت مدربة يعني.
-مش مهم التدريب دلوقتي كده كده بيبقي في مدرب بيعلمك الخطوات اللي هتشتغلي بيها قبل ما تشتغلي مع أي طفل.
-تمام.
-ان شاء الله يا حنين لو نجحتي في الاختبار اللي هتعمليه بعد شوية يبقي كده انتي هتشتغلي معانا هنا.
-كويس جدا.
-بس انتي عشان مش عندك خبرة كافية فعشان كده هتشتغلي مع أطفال.
-مفيش أي مشكلة.
-كمان لازم تختاري اسم حركي ليكي.
-ليه؟
-عشان المدربين هنا بيبقي ليهم اسم حركي عشان يبقي معروف بيه.
-بس انا مش هعرف اختار لنفسي اسم حركي اكيد.
-خلاص سبيني اختارلك انا..اممم ايه رأيك في اسم "نانو" ؟
-اللي تشوفيه.
-احلي حاجة فيكي يا حنين انك هادية كده و مش بتعترضي.
ابتسمت لها حنين و هي تنظر لها نظرة استفهامية..
-هو حضرتك اسمك ايه؟
-انا ياستي اسمي مدام هاجر بس بلاش مدام دي و خليها بيني و بينك هاجر بس.
ضحكت حنين ضحكة خفيفة اظهرت أسنانها الصغيرة المختبئة و لمعان عيونها السوداء..
مسكت هاجر سماعة التليفون ثم تمتمت بكلمات لم تسمعها حنين..
لكنها فجأة وجدت احد يطرق الباب ثم دخل الغرفة..
كانت شابة ليست صغيرة و ليست كبيرة في العمر ايضا لكنها ذات جسد طويل و عريض و خصلات شعر قصيرة مثل الرجال..
ابتسمت لحنين و هي تقول بحماس..
-يلا يا كابتن نانو؟
وقفت حنين معها و خرجت خارج الغرفة و هي تبتسم لتلك الشابة و تقول..
-احنا هنروح فين؟
نظرت لها الشابة و هي تسير مع حنين و تتحدث بعفوية..
-دلوقت بقي هتنزلي عشان نختبرك و نشوف هتتعاملي ازاي مع الخيل و كمان هتعرفي تشتغلي معاه و لا لا.
-موافقة جدا..بس هو حضرتك مين؟
-انا بقي شيماء..كابتن شيمو..و انا اللي هقولك تعملي ايه.
-انتي اللي هتختبريني يعني؟
ضحكت شيماء و هي تنزل درجات السلم مع حنين و تقول..
-مش انا اللي هختبرك انا بس هطلب منك حركات معينة تعمليها..بس اللي بيحكم انتي هتكملي ولا لأ مش انا.
وصلا عند ساحة اللعب فقالت حنين بفضول..
-اومال مين اللي هيحكم؟
-خودي ألبسي الخوذة دي و انتي هتعرفي دلوقت.
سارت شيماء عدة خطوات امام حنين ثم اتجهت للمقاعد التي كان جالس عليها أكثر من شخص..
اقتربت من حنين ثم أخذتها من يدها و اقتربت من المقاعد و هي تقول بصوت عالي..
-دي اللي عليها الدور يا كابتن إياس.
وقع الاسم علي حنين كدلو ماء ثلج حتي انها تشعر ان خلايا عقلها توقفت من الصدمة و بدأت يدها ترتعش..
لم ينظر لها إياس لكنه نظر لماجد الذي كان جالس بجانبه ليجد ماجد يقول بصوت خافت..
-بقولك ايه البت دي هتشتغل يعني هتشتغل.
-ليه اشمعني؟
نظر ماجد لحنين نظرة جعلتها تشعر انه يأكلها بعينيه ففهم إياس ما يرمز إليه فابتسم ابتسامة مجاملة علي كلمات ماجد و كأنه ليس له نفس ان ينظر لأحد او يقيم احد..
أدار وجهه و هو ينظر لشيماء بنظارته السوداء التي تخفي أعينه و جزء من وجنتيه و هو يقول..
-في حد تاني يا شيماء فوق؟
-ناقص خمسة كمان.
-تمام.
نظر لحنين و هو يقول..
-اسمك ايه يا كابتن؟
فردت شيماء بدلا منها مسرعة و هي تقول..
-اسمها نانو و عندها..
لكنها لم تستكمل لتجد إياس يصيح في وجهها و هو يقول..
-قولتلك ١٠٠ مرة لما اسأل حد علي حاجة متدخليش!
شعرت حنين انها ستسقط مغشيا عليها من الخوف فسرحت في الأرض لتجد إياس يصرخ في وجهها هي الأخري و هو يقف و يقول..
-و حضرتك ما بترديش ليه مستنياها تجاوب! دي بقت شغلانة تقرف!!
عندما وقف فكانت صغيرة رقيقة بجانبه و هو كالوحش الذي سيبلع أي شئ بصريخه..
تدخل ماجد في الحديث و هو يهدأ إياس و يقول..
-اهدي شوية مش كده.
-اهدي ايه و زفت ايه! بقالنا تلات ساعات علي الحال ده و اللي عايزين يتنيلوا يشتغلوا كلهم زفت.
أدار وجهه مرة أخري لشيماء و هو يقول..
-اتفضلي دلوقت انتي.
ذهبت شيماء لكنها كانت معتادة علي نوبات العصبية لإياس فلم يفرق معها كثيرا تلك النوبة..
نظر لحنين و هو يخلع النظارة من عيونه و هو يقول..
-اتفضلي وريني هتعملي ايه!
نظرت في عيونه التي كانت تريد ان تنظر لهما لوقت طويل حتي تعوض ما ضاع من عمرها و هي ليست معه..
لكنها دخلت الملعب الرملي الكبير فوجدت فرسة لونها أبيض مثل بياض الثلج..
اقتربت منها و ظلت تداعبها قليلا حتي تهدأ و تهمس بأذنها برقة حتي ان الفرسة استجابت معها..
نظر ماجد لإياس و هو يقول..
-اهدي شوية علي الناس يا إياس..و كفاية تفكير أبوس ايدك.
شبك إياس يده في بعض و هو يقول بهدوء..
-أديني نزلت تدريب عملي اهو عشان مفكرش في حاجة.
-طب يلا قوم شوف المدربة الجديدة دي.
-لا سيبها انا عايز اشوفها هتعرف تشتغل لوحدها و لا لا.
بالفعل استطاعت حنين ان تتعامل مع الفرسة بكل سهولة و ليونة و بعد نصف ساعة تقريبا وجدت حنين أحد يصفر بصوت عالي حتي تتوقف عن تمرين الفرسة..
نزلت حنين من علي الفرسة ثم توجهت للخارج فتفاجأت ان الصفير من إياس..
اقتربت منه و هي مازالت تنظر في الارض رهبة منه لتجده يقول بصوته الخشن للغاية..
-برافو يا كابتن..شغلك حلو جدا و اتمني انك تقدمي اللي جاي بنفس القوة دي.
لم تنطق حنين كلمة واحدة لكنها وجدت ماجد يقترب منها و هو يصفق و يقول..
-هايلة يا كابتن بجد..تقدري تطلعي عند مدام هاجر مرة تانية عشان تأكدلها انك اتقبلتي.
انسحبت حنين بدون كلمة واحدة و هي لا تعلم تفرح ام تخف من القادم؟
وجد ماجد إياس سارح في مسار حنين التي اتجهت منه فوضع ماجد يده أمام أعينه و هو يقول..
-احنا هنقطع علي بعض في المزز و لا ايه يا ابو خال!
-يا نهار اسود!
-ايه يعم في ايه!
جلس إياس علي المقعد ثم دفن وجهه بين راحة يده و هو يقول..
-انا بقيت اتخيل حنين في البني ادمين يا ماجد!
-مش فاهم يعني ايه!؟
رفع إياس وجهه و هو يقول بصدمة..
-انا شوفت حنين في البنت اللي مشيت دي!
ضرب ماجد كف علي كف و هو يقف و يقول..
-انا ماشي يا عم عشان انت بقيت مجنون رسمي!

نوفيلا لن أدعك تفوز..[مكتملة]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن