الفصل الأخير|قاتِم ومُشعَّة

6.1K 454 376
                                    

قاتم ومُشِعّة، أصبحنا واحدًا بفضل رَشّة جنون!

أنا وهو هكذا، الحب الَّذي كبتُّه في قلبي مُنذ سنين تفجَّر، وخرجتُ عن تكتمي وصمتي بفعل رشة جنون.

الحب الَّذي لم يذقه في كُنفٍ ما قبلي، لم يذقه إلّا معي، لم يتسنَّى للجنون أن يستحوذ عليه إلا وقلبه بحُبي مُقيد... كدُمى الماريونيت؛ لا يسعه أن يتحرك خارج حِبال حُبي.

أستيقظتُ من حُلم يقظة لأفوت بحُلم بهيج آخر، أرى نفسي مُجرّدة من سِتري وبين يديه يمتطيني بوجد، مثل فارس نبيل وفرس أصيل.

تنهد في غفوته يلثم من الهواء ما يسد حاجة رئتيه، فكانت ساحته شاغرة لتأملي، كم هو جميل!

مسستُه بأطراف أناملي، من قِمة رأسه حتى أخمص قدمه، هو رجل في غاية الفِتنة والفتون، فاتن يدعو إلى مأدبة ذنوب حيث يعاقر الخطيئة.

من الشامة فوق شفتيه، مروراً بفكّه ثم عنقه، كلها تُغريني لأنال منه وجبة دسمة من القُبل رغما عن وجبتي الفارطة من حُسنه، عِرض كتفيه مُغري للاتِّكاء عليه ونسيان أن هناك عالم يخلفه.

أشعر في هذه اللحظة كما لو أنَّ الكون يتمحور على كلينا فقط... أحبه حتى يفنى العالم، وإلى ما بعد الفناء أحبُّه وسأحبُّه.

جِلتُ في كل أنحاء سحنته مُترفة الجمال بعينيّ وأناملي، أخشى أن يسرقه الوقت منِّي فيذهب ويفارق حُضني. ولربما كثرة تحرشي بمحاسنه أزعجه، فها هو ذا الضَّوء يلج حدقتيه ويزعجه، تنهد ينظر إليّ قابضا جفونه، ثم ابتسم.

جعلني أبتسم دون أدنى تخطيط، هو هكذا، يمنحني العاطِفة بعفوية، وأجدني أردها له بنفس الطريقة.

مررتُ بأناملي على ذقنه أُقيم وجهه لأنظر فيه كما أحتاج.

" صباح الخير، صباحٌ يشبهك."

تبسّم مجددا، يريد أن يزهق قلبي بنوبة حُب لا محالة.

" صباح يشبهكِ أنتِ، بألوانكِ بأزهاركِ، يا أجمل زهرة. "

أنا لا اتحمل الغزل، أُغازِل بطلاقة، أما عندما أُغازَل فإنني أفقد كلماتي، وأتصرف كمهرّجة.

نقرتُ ذقنه بأناملي واكتفيتُ بمطِّ ثغري، أما هو فلاك كفَّيه يمضغ كلاماً أستطيع أن أخمّن كم هو محرج، مُذُ أن تعابيره تتحرش بي، كذا عينيه.

" تذكرين يوم لمّ الشَّمل مع رِفاق المدرسة؟!"

أومأت، لا أدري ما الذي أتى بذلك اليوم إلى حديثه في هذه الساعة.

رشّة جنون || Madness's dashWhere stories live. Discover now