معالمٌ منسية |عنصري الزمكان|

ما قبل الميلاد وما بعده

ما قبل وما بعد الميلاد، هما حقبتان متقابلتان كان الفاصل بينهما ميلاد المسيح عليه السلام. 

انقضى ما قبلَ الميلاد منتهيًا عند حدٍ كانَ بدايةَ ما بعده، ليستمر إلى يومنا هذا، ومع أنَّ ما قبلهُ مُنتهٍ، إلا أنهٌ طويلٌ ذو معالمَ مجهولة ويضم الكثير من الأساطير، بعكس ما بعدهُ، فهو أكثر وضوحًا وبالتالي أكثر واقعية.

تسيطر أفكار الميثولوجيا الإغريقية على روايات ما قبل الميلاد غالبًا، ولكن في الواقع، إن ما قبل الميلاد أوسع مما نعتقد وفيهِ عصورٌ وفترات تضاهي ما بعد الميلاد.

تعد مصر من أقدم الحضارات التي لا تزال دولتها قائمة حتى اليوم، وقد قامت الدولة قبل عام 4000 ق.م. تقريبًا، ولكن هذا قريب، فنحن قادرين على الذهاب بعيدًا بعدة أضعاف. 

مرت الأرض بعصورٍ كثيرة دام بعضها مئات الآلاف من الأعوام، إلا أننا لا نملكُ قصص كُل العصور، بالكاد نعرف جزءًا منها وتكهنا بها مما تركهُ الإنسان.

في العصر الحجري القديم والذي دام أربعين ألف عامًا بدأ الإنسان بالتقدم فاستخدَم اللغات المتطورة وكون بيئات اجتماعية بأنظمة سياسية، بدأ أيضًا ببناء البيوت الحجرية، وتعلم النحت على الجدران وصناعة التماثيل.

ثم تلاه العصر الحجري الحديث الذي دام خمسة آلاف سنة وفيه بدأت الأنظمة الحكومية وبدأ الإنسان بتطوير بيئته الاجتماعية.

بعد الحجري كان المعدني، والذي سميَ كذلك لكونه فترة دخول النحاس ثم الحديد في الصناعات.

الملابس بدأت من الجلودٍ والفراء والريش، واختلفت حاجة الإنسان لها فبعضهم من احتاج لقطعٍ صغيرة لتغطية ما يجب تغطيته من أجسادهم, والبعض احتاجَ ما يدفئه من برودة المنطقة التي يعيش فيها.

فيما بعد وفي العصر الحديدي تمكن الإنسان من تشكيل الحديد كدروعٍ لتحمي المحاربين، بالتالي نحن لن نتمكن من ترك خنجرٍ أو سيفٍ أو حتى عصى حديدية في يد شخصٍ من العصر الحجري لأنَّ الإنسان لم يكن يعرف طريقة تشكيل الحديد آنذاك، بل كان تشكيل الحديد قد مر بأكثر من تطور فهناك من لم يعرف طريقة صهره وصبه في القوالب، واكتفى بتشكيلهِ من خلال الطرق عليه.

بدأ النسج والحياكة حين استطاع الإنسان استخراج الخيوط من بعض النباتات، فصُنعت الملابس وتطورت حتى استُخدم القطن والصوف في صناعتها.
صنع الحرير لأول مرة في الصين حيث تمت تربية دود القز والاستفادة من خيوطها.

تميزت كل أرضٍ بملابس برزت بها وأصبحت الأزياء كهويةٍ لسكان كل منطقة، وبدأت بتمييز الناس حيث خُصصت أزياءٌ  لكُل مَنصبٍ ومكانة، ووجد ما هو أنيقٌ لذوي الطبقات العليا فبرزوا عن الطبقات الأدنى.

فيما بعدَ الميلاد كان للملابس أدوارًا أكثر فمن الجانب الديني ارتدى الرهبان أزياءً دلت عليهم وميزتهم؛ وتكونت من القلنسوة أو الجبة، ومنطقة أي حزام يصنع من الجلد أو الكتان.
ارتدت الراهبات مانتيلا لتغطية الرأس مع الكتفين تحت ملابس فضفاضة. بينما ارتدت المسلمات الحجاب والجلباب، حيث غالبًا ما يتميز أهل الدين بالملابس الفضفاضة والواسعة.

قبل الميلاد كان العالم مختلف فالحدود التي نعرفها الآن لم تكن آنذاك، لم يستطع كريستوفر كولومبوس معرفة أنه في أمريكا حين اكتشفها ولهذا تمت تسمية سكانها القدماء بالهنود الحمر وهذا لم يمر عليه أكثر من 500 عام، قد يكون هناك حضارات لم نعرف عنها أبدًا، وربما ترك بعضها تلميحات فحسب!

ما قبل الميلاد كان كالقاعدة والهيكل الأساسي لقلعةٍ ضخمة بدأ تزيينها بعد الميلاد، تأسس العالم حينها وبدأ ما لم يكن موجودًا حين تساءل العقل، أولئك الذين درسوا الهندسة والرياضيات لا بد وأنهم سمعوا بنظرية فيثاغورس، والذي ولد قبل الميلاد بـ 500 عام، وهو عالمٌ رياضيات وفيلسوف كبير.

للعالم تاريخ حافل ومليء بالبدايات التي أتت من العدم،  كل ما تطور الآن ما هو إلا تقدم لما بدأه الإنسان قبل الميلاد.

ثمة الكثير من التواريخ غير المؤرخة والتي تبدو ضبابية لنا، وهذا يجعل ما قبل الميلاد مثيرًا ومشوقًا لنعرف عنه.

هل سبق وكتبتم أو قرأتم عملًا جرت أحداثه قبل الميلاد؟ وما هي أكثر فترة تساءلتم بشأنها؟

لو لم تفعلوا فما هي الفترة والحضارة التي ستحبون الكتابة أو القراءة عنها؟

- ميدوسا توايلايت.