9 |بداية جديدة!|

11.9K 1K 621
                                    

لم أفكر مطلقاً بالسفر!
لا أقول أنني تمسكتُ بالبقاء، أو أنني كنتُ أرفض مغادرة مدينتي، لا أقول أنني كنتُ أضع الرفض هو الجواب في حال عُرضت علي فرصة سفر، أنا لم أفكر به مطلقاً! كأنه متاحٌ لكل البشر وليس متاحاً لي، لأني لم أكن بشراً أصلاً.

أردتُ أن أتخرج وحسب، أعلق شهادتي في مكانٍ ما في غرفتي، ثم أبقى في الغابة مع فوبوس وديموس، هذا جيدٌ بالنسبة لي، لم أحلم بدراسات عليا، لم أرد وظيفةً مميزة، لم أرغب أن أكون شخصاً معروفاً ومعترفاً عليه في مجالي، ليس لدي تطلعاتٌ عالية، أردتُ هذا النمط من الحياة، هذا النمط السخيف والممل، ولكنه انتُزع مني، أدركتُ أن الحياة لا تعطينا أحلامنا دوماً، حتى ولو كان سقف أحلامنا منخفضٌ جداً، يمكن أن تهدمه علينا..!

حطت الطائرة في كندا، كان علي أن أقضي الليلة في فندق المطار وأتجه في اليوم التالي للجامعة التي سأعمل بها، بحثتُ قليلاً على الإنترنت، جامعة ريكاتي هي جامعةٌ خاصةٌ مرموقة افتُتحت منذ خمس سنوات وحسب تستقبل أبناء الأغنياء، كما كانت تعمل على استقطاب العقول الأكاديمية أكثر من الكفاءات وقد قبلت بتوظيفي لأني من الأوائل على دفعتي في أكبر جامعات لندن.

تحتل الجامعة منطقةً كاملة في العاصمة حيث يوجد مبناها الرئيسي وسكن الطالبات والطلبة وسكن للمعلمين.

غرفتي في فندق المطار كانت فارغة، أو ربما شعرتُ أنها كذلك، حقائبي بقيت بجانب الباب ولم أكلف نفسي عناء فتحها، جلستُ بجانب النافذة أحدق بالسماء لوقتٍ طويل، فكرتُ بالخروج والاستكشاف لكن أفكاري ظلت تتلاعب بي لساعات، الوحدة والفراغ التي شعرتُ بهما كانتا كافيتان لقتلي وتدميري، وقد أردتُ أن يأتي اليوم التالي بسرعة كبيرة.

*لم لا تخرج وتمشي؟* صوت ديموس في عقلي أنقذني من وحدتي.

"لا أشعر برغبة.. سأضيع وحسب."

'سيأتي الغد قريباً.'

لم يكن فوبوس وديموس يتشاجران، بل كانا حزينان معاً حتى أني شعرتُ بالشفقة عليهما وتمنيتُ لو بوسعي مواساتهما، كنتُ أعلم أنهما بداخلي، أنني قادرٌ على تحسين مزاجهما لو تحسن مزاجي، لكني لم أستطع التفكير بشكل مفائلٍ مطلقاً.

تلك الليلة كانت طويلةً جداً، النوم كان يهرب مني كلما حاولتُ أن أنام، وانتهى بي الأمر أنزل لحانة الفندق أشرب القهوة حتى الصباح وأنا أراقب وجوه الأشخاص حولي، أسمع همساتهم، أحاول استيعاب حياة البشر العاطفية والاجتماعية وتعقيداتها، وتزداد كآبتي.

غفت عيني في الخامسة صباحاً، واستيقظتُ في الثامنة بجسمٍ واهن لأستحم وأبدل ملابسي لأول مرة منذ وصولي، مازالت حقائبي بجانب الباب وقد أخرجتُ يعض الملابس الاحتياطية التي كانت في حقيبة يدي، لم يكن شيئاً رسمياً مطلقاً، ولكني لا أظنه سيئاً في مقابلتي الأولى في فرصة العمل التي يفترض أن تغير حياتي للأفضل وتمنحني، رغَم عدم اهتمامي بالأمر مطلقاً..

Hybrid | هجينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن