I

2.1K 107 25
                                    

الفصلُ الأوَّل: فِي ذلكَ اليَوم

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

الفصلُ الأوَّل: فِي ذلكَ اليَوم.
_
جلسَ صاحبُ الشعرِ الذهبِيِّ وَ البشرةِ الحليبيَّةِ علَى الرصيفِ الباردِ، ينظرُ إلَى القواربِ تعبرُ النهرَ حاملةً علَى ظهورهَا مخازنَ، يسمعُ خريرَ المياهِ منْ تحتهِ وَ أصواتَ السكارَى يتشاجرونَ فِي الأزقةِ المظلمةِ، فهذهِ هيَ المدينةُ ليلًا.

أدخلَ يدهُ فِي جيبِ سترتهِ، وَ سحبَ منهَا قارورةً زجاجيَّةً مرتبطةً بخيطٍ، تحوِي داخلهَا ترابًا يلمعُ أوْ أشبهَ بألماسٍ مسحوقٍ.
نظرَ لهُ مطوَّلاً قبلَ أنْ يتنهدَّ وَ يدسَّهَا ثانيةً فِي جيبهِ.
" جيمين! هيَّا لنَذهَب، آلِن سيدفعُ منْ أجلِ العشاءِ!"

" قادِم!" أجابَ بصوتٍ عالٍ قبلَ أنْ يبرحَ مكانهُ وَ يلحقَ أصحابهُ.
_

كانَ ذلكَ يومًا خريفيًّا، حينَ عدتُ منَ المدرسةِ محملًّا بقصصٍ طريفةٍ أسردهَا علَى والديَّ، مغامراتِي في المدرسةِ معَ أصدقائِي وَ كلُّ ما تعلمتهُ.
فماذَا تتوقعونَ منْ طفلٍ فِي السابعةِ أنْ يفعلَ.

وصلتُ إلَى المنزلِ وَ لمْ أصدِّق حينَ أبصرتُ ألسنةَ اللهبِ تلتهمهُ، أردتُ الإقترابَ لكنَّنِي في المقابلِ حرقتُ كفِي، سقطتُ أرضًا بينمَا أشاهدُ آمالِي وَ ذكرياتِي تتلاشَى مخلِّفةً خلفهَا الرمادَ.
لمْ أكنْ أعلمُ إنْ كانَ والديَّ بالداخلِ حينهَا أمْ لاَ، لذَا بكائِي وقتهَا كانَ بسببِ خسارتِي لملجئِي وَ إحتراقِ كلِّ الأشياءِ الصغيرةِ التِي جمعتهَا.

لكنَّنِي أدركتُ، بعدَ مرورِ ساعاتٍ طويلةٍ، وحيدًا أمامَ البيتِ المحترقِ الذِي أخمدتِ نيرانهُ الأمطارَ أنَّنِي بالفعلِ قدْ خسرتُ كلَّ شيءٍ.
لَم أعرف ماذَا أفعلُ وَ فقدتِ الحياةُ ألوانهَا لحظتهَا، حينَ إسودَّتِ أفكارِي وَ باتَ دماغِي يحاولُ إيهامِي أنَّ مَا يحدثُ ليسَ سوَى كوابيسٍ ستنتهِي قريبًا.

لكنَّهَا لمْ تكُن كذلكَ، بلْ كانتِ واقعًا لَم أتوقعِ حدوثهُ.
ربَّمَا أخرسَ صوتَ عقلِي الواهِي صورةُ عمِّي وَ زوجتهِ ينزلانِ منَ العربةِ وَ يسرعانِ بإتجاهِي، وَ قدْ كنتُ أرتجفُ بردًا فأنَا لمْ أبارح مكانِي وَ قضيتُ ليلتِي في العراءِ.

Endless | لاَ متناهِيWhere stories live. Discover now